تجزئة السودان ووحدة الأمة

Posted by حسام خليل in

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن والاه.. وبعد؛

رياح التقسيم تهب على العالم العربي الإسلامي

أيام قليلة، ويبدأ الاستفتاء على انفصال جنوب السودان عن شماله، في سابقةٍ لم تحدث من قبل، وتحت وطأة الاتفاقيات والعقوبات الدولية التي تمارسها أمريكا والصهيونية العالمية؛ يُراد لهذه الدولة الجديدة أن تنشأ، كما قامت دولة الصهاينة من قبل على تراب أهل فلسطين أرض العروبة والإسلام؛ لتكون خنجرًا في قلب الأمة العربية والإسلامية، وفاصلاً بين شرق العالم الإسلامي وغربه، وكذلك دولة الجنوب هذه يُراد لها أن تفصل العالم العربي والإسلامي عن محيطه الإفريقي؛ لتكتمل خطة حصار النفوذ العربي الإسلامي، ومنع امتداده جنوبًا؛ حيث مراكز السيطرة الغربية، وحركات التنصير المستمرة لأبناء إفريقيا.

إن جميع الأطراف المعادية للشعوب العربية والإسلامية في سباقٍ محموم، فأمريكا تلقي بكل ثقلها لإنجاز المهمة وتحقيق الانفصال، والرئيس الأمريكي يضغط على الزعماء العرب والأفارقة؛ لإنجاح السياسة الأمريكية الظالمة في السودان، في الوقت الذي تعاني فيه أمريكا من الفشل في أكثر من مكان في العالم، وكانت الاستجابة الفورية للضغوط الأمريكية، والتي تمثلت في الزيارة الخاطفة التي قام بها رؤساء كلٍّ من مصر وليبيا وموريتانيا للسودان، والتي لا يشك أحد في أنها لم تكن للحفاظ على الوحدة بل كانت لمباركة الانفصال وتنفيذ التعليمات الأمريكية، بحجة عدم تعريض السودان للخطر، وتقليل الخسائر، فقد سبق للرئيس أوباما أن توعد بمذابح يذهب ضحيتها الملايين إذا لم يتم الاستفتاء في موعده.

أما الصهاينة فقد نشرت صحيفة (هاآرتس) مؤخرًا أن تل أبيب تستعد لفتح سفارة جديدة لها في جنوب السودان بعد انفصاله، وأن الجنوب السوداني سوف يصبح دولةً مستقلة، وصديقة مُقرَّبة إلى الكيان الصهيوني، في حين تناقلت الأخبار وصول حشد كبير من الخبراء الصهاينة في مختلف المجالات (نحو ألف خبير) إلى "جوبا" عاصمة الجنوب، إضافةً إلى جسر جوي لنقل العتاد والسلاح من تل أبيب إلى جوبا!!.

إن رياح التقسيم يُراد لها ألا تتوقف عند جنوب السودان، وإنما يسعى الأمريكان والصهاينة وأعوانهم لتشمل (دارفور) في الغرب، والتي بدأت بشائرها الآن في القتال الدائر بين المتمردين وقوات شمال السودان، ثم تبدأ في الشرق (البجا) ليتحول السودان بعد ذلك إلى أربع دويلات، فأحلام إسرائيل الكبرى ما زالت لم تتحقق حتى الآن، وتقسيم العالم العربي والإسلامي إلى دويلات صغيرة ما زال حلمًا في أجندة الإدارة الأمريكية المتصهينة.

لقد كانت الرغبة في تقسيم العراق إلى ثلاثة كيانات متناحرة (كردية) في الشمال، (شيعية) في الجنوب، و(سنية) في الوسط، وراء تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي كشرطٍ لانسحاب القوات الأمريكية من العراق، وما حدث في السودان يدور الآن في اليمن، ومنذ سنوات في فلسطين والمحاولات تجري على قدم وساق في لبنان، فمأساة الجنوب السوداني كارثة قد تتكرر في دول أخرى تنتظر دورها في الانفصال والتقسيم.

أين الدفاع العربي المشترك؟

لعل الكثير من العرب من المحيط إلى الخليج يتساءلون اليوم في ظل هذه الأحداث الجسام؛ ماذا نحن فاعلون؟! وأين اتفاقية الدفاع العربي المشترك؟ باعتبار أن إحياء هذه الاتفاقية هو واجب الوقت الآن لضمان سلامة الدول العربية وردع أي عدوان عليها، ولكن يبدو أيضًا أن هذه الاتفاقية قد كُتب عليها ألا ترى النور، وأن تظل حبرًا على ورق؛ لأن الأنظمة العربية ليست في أولوياتها الدفاع المشترك، أو حماية الأوطان من العدوان الخارجي؛ إنما أولوياتهم هي الحفاظ على كراسيهم وعروشهم من الشعوب، ودعم ما يسمونه "الاستقرار"، فالاستقرار لديهم لا يعني سوى استقرار الكراسي والمناصب لهم ولأبنائهم مدى الحياة.

لقد أصبحت الجيوش العربية الآن كأسود الغابة رابضة في الأقفاص، لا تجد عدوًّا تقاتله؛ لأنها لا تعرف عدوها الحقيقي فالعقيدة القتالية غير واضحة، ومن هم الأعداء الآن أصبح سرًّا؛ لكن الذي يروج الآن أن الصهاينة والأمريكان ليسوا من الأعداء، ولم تعد هناك إرادة سياسية لإحياء اتفاقية الدفاع العربي المشترك، ومن ثَمَّ لم نسمع عن اجتماع وزراء الدفاع العرب منذ توقيع الاتفاقية، بينما نجد النشاط يدُب في أوصال وزراء الداخلية والإعلام العرب، ونرى اجتماعاتهم تتم بصورة منتظمة وبتعاون يثير الدهشة؛ لأن اجتماعاتهم غالبًا ما تكون لقمع وقهر الشعوب، وليس لحفظ أمنها وسلامتها، وهذا هو التعاون الوحيد الفاعل بين الأنظمة العربية.

خطورة الانفصال على الأمن القومي المصري

إذا كانت فلسطين تمثِّل العمق الإستراتيجي للأمن القومي المصري من ناحية الشرق، فإن السودان هو القيمة الإستراتيجية الكبرى لمصر من ناحية الجنوب؛ لأنه الامتداد الطبيعي والعمق الجغرافي لها؛ حيث تتقاطع فيه اعتبارات الأمن والحياة، وسوف يصبح الجنوب مرتعًا للصهاينة في حال انفصاله؛ لأن قيام دولة في الجنوب معناه تمكين الكيان الصهيوني من التواجد هناك، بما يعني تحويل جزء من امتداد الأمن القومي المصري بعيدًا عن السيطرة المصرية، ومركزًا للمؤامرات الأمريكية والصهيونية ضد المنطقة بأسرها، وإن شمال السودان الذي يعد نقطة التماس المباشر مع الحدود المصرية مهددٌ بالتقسيم أيضًا؛ حيث إن أمريكا والصهاينة يخططان لإنشاء دولة النوبة بين شمال السودان وجنوب مصر، ويلعب الأمريكان الآن بهذه الورقة كما يفعلون بورقة أقباط المهجر، من أجل الضغط على النظام المصري للانصياع للتعليمات الأمريكية.

والخطر الأكبر يأتي الآن من التهديد لمجرى نهر النيل، شريان الحياة في مصر، التي تعاني من الندرة المائية، وتعيش تحت خطر الفقر المائي نظرًا لزيادة عدد السكان مع ثبات كمية المياه الواردة إلى مصر منذ اتفاقية عام 1959م (55 مليار متر مكعب)، وهي مطالبة بتوطيد علاقاتها مع دول حوض النيل خلال الفترة المقبلة؛ ولكن أنَّى لها ذلك، وقد ظهر لاعب جديد هو دولة الجنوب- والذي سيكون عضوًا في دول حوض النيل- والذي سترابط فيه أمريكا والصهاينة، ومن ثم فقد تلاقي مصر صعوبة كبيرة في التفاوض المستقبلي حول زيادة حصتها من المياه.

ولما كان الجنوب سيطالب بنصيبه من المياه من حصة السودان بعد الانفصال، فإن السودان سيجد نفسه أمام كارثة مائية تدعوه إلى مراجعة اتفاقية 1959م بين مصر والسودان حول حصة الدولتين في مياه النيل، وسودان ما بعد التقسيم سوف يتعامل مع مصر بمعطيات مختلفة تمامًا، لعل أهمها الدعوة إلى خفض حصة مصر من مياه النيل؛ حيث إن حصة مصر من المياه تأتي بالكامل عبر الأراضي السودانية من خلال النيلين الأبيض والأزرق، والعمل في قناة "جونجلي" التي تم الاتفاق على شقها في الجنوب السوداني؛ لتوفير قرابة 5 مليارات متر مكعب من المياه، وبذلك سوف تخسر مصر حصتها من المياه التي كانت تتقاسمها مع السودان.

الأمل في الشعوب بعد أن تخاذلت الأنظمة

إن الشعوب العربية والإسلامية هي أساس بنيان الدول، وأبناؤها هم الجنود الأوفياء في الخطوب والملمات، رغم المحاولات المستميتة لطمس هويتها، وتعويقها عن أداء دورها، وحجب وتزوير إرادتها.

وإذا كانت الأنظمة قد أسلمت قيادها لأمريكا، وسارت وراءها شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع، ولو دخلت أمريكا جحر ضبٍّ لدخلت الأنظمة وراءها، ومن ثم فقدت عزتها، وكرامتها وأهانت شعوبها حينما تخلت عن إرادتها طوعًا لعدوها وعدو أمتها.

فإن الأمل الآن معقود- بعد الله- على الشعوب أن تهب وتستيقظ، وقد بدأت الشعوب العربية والإسلامية تدرك أن قيم ومبادئ الإسلام هي البديل الصحيح لكل ما سواها من الدعوات التي عانت البشرية منها، وصارت الأمة على قدر كبير من الوعي بالأحداث.

ولقد انكشفت أساليب الخداع والتزوير والغش والتدليس التي مارستها وتمارسها الأنظمة كل يوم، ووضعت الشعوب أقدامها على الطريق؛ لاسترداد عزتها وكرامتها وثقتها بنفسها، وما نراه على أرض أفغانستان والعراق وفلسطين يؤكد أن الشعوب العربية الإسلامية هي شعوب حية، وأن إرادة هذه الشعوب أقوى من كل المؤامرات والمساومات، فالشعوب الحرة الصادقة هي التي ترسم طريق العزة والحياة الكريمة، وتصر على نيل حقوقها وانتزاع حريتها.

إذا الشعب يومًا أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر

ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر

فإلى الشعوب العربية والإسلامية نوجه نداءنا أن هلموا إلى العمل بهمة عالية ﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105)﴾ (التوبة)، ولننتظر موعود الله بالنصر والتمكين ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ (106)﴾ (الأنبياء)، ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51)﴾ (غافر).. والله أكبر ولله الحمد.

الاسلاميون ارهابيون

Posted by حسام خليل


قبل ما انام

Posted by حسام خليل in


أمتنا وقضية فلسطين.. بين الواقع والأمل

Posted by حسام خليل in

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومَن والاه.. وبعد؛

لا عبودية لغير الله

لقد كرَّم الله- عزَّ وجلَّ- الإنسان على سائر خلقه تعالى فقال: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾ (الإسراء: 70).

وتنبع كرامة الإنسان من عبوديته لله وحده لا شريك له، والإنسان يلحق به الذل والهوان ويهبط بإنسانيته وقدره حينما تكون عبوديته لغير الله تعالى، والمنهج الإسلامي عنى بالإنسان وكرَّمه على سائر المخلوقات، وجاء القرآن الكريم ليحقق السعادة والأمن والاستقرار للإنسان في الدنيا والفوز النجاة في الآخرة ﴿مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ القُرْآنَ لِتَشْقَى﴾ (طه: من الآية 2).

كما أن الإنسان المؤمن الصالح إذا وُجد وُجدت معه أسباب النجاح جميعًا، وإن كثيرًا مما نعانيه من أزمات ومشكلات في بلداننا الإسلامية ما هو إلا نتيجة لعدم وجود هذا الإنسان الصالح.

وما يفعله أعداء الأمة بها لا يتحقق إلا بغفلتها وقعودها وخلودها إلى الأرض ولا يستطيع الأعداء أن ينتصروا عليها ما دامت تعبد الله بحق، وتأخذ بكل الأسباب التي أمرها بها ربها سبحانه.

هذا قانون الله وسنته في خلقه، لقد أطلق القرآن فكرة (ظلم النفس) و(ظالمي أنفسهم).

فقال لأهل "أُحد" حين أصابهم القرح وقالوا: أنَّى هذا.. فقال الله لهم: ﴿قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ﴾ (آل عمران: 166)، ولم يقل إن ما أصابكم من قوة أعدائكم وحذقهم، وإنما قال لهم: من خطئكم.

وإن آدم أبو البشر جميعًا لم يقل خدعني الشيطان حين أخطأ وأكل من الشجرة، وإنما قال آدم وزوجه: ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا﴾ (الأعراف: من الآية 23)، وبهذا الاعتراف المبين استأهلا الخلافة في الأرض.

إن القابلية للاستعمار والاستعباد والخداع ليست من شيم المسلمين، فالعبودية لا تكون إلا لله وحده، وبذلك لا تستطيع قوى الأرض ولو اجتمعت أن تفرض علينا عبادتها من دون الله رب العالمين، وقد قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم محذرًا "مَن أعطى الذلةَ من نفسه طائعًا غير مكره فليس منَّا".

لقد جاء الإسلام لتحرير الإنسانية كلها من كل أشكال العبودية لغير الله، وجعل التوحيد شعار التحرير "لا إله إلا الله" فلا ملوكَ ولا قياصرةَ ولا أكاسرةَ ولا فراعنةَ ولا جبابرة، فهو سبحانه الرب والملك والإله.

فالحرية هبة إلهية وضرورة إنسانية وإيمانية ليس لأنها سبب في تطوير الأمم ورقيها فقط، وإنما لكونها غاية التوحيد؛ ولأنها حقٌّ إنساني يولد مع الإنسان حين يولد فلا معنى للإنسانية بدونها.

إن للعبودية دورًا مؤثرًا في طمس الطبيعة الإنسانية وانعدام المروءة والشهامة واستمرار الذل والدناءة؛ حرصًا على الحياة وخوفًا من الموت، وهو ما يجعل الشعوب أكثر قابليةً للخضوع والخنوع للطغاة.

فتن ووهن وغثائية.. حتى تعود الأمة إلى ربها

في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تداعي الأمم على المسلمين كما تتداعى الأكلة على قصعتها، وأن الأمر ليس مرجعه قلة عدد المسلمين بل مرجعه إلى الوهن والغثائية الراجع إلى حبِّ الدنيا وكراهية الموت، فإنَّ الناظر إلى الحديث يرى التعبير بكلمة "الأكلة" مثل القتلة فهم ليسوا جوعى بالضرورة بل هم مجرمو أكل مثل مجرمي القتل تمامًا "يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها.."، وقصعة العالم الإسلامي كبيرة، وبها ثروات ضخمة تُغرِي كل طامع في الانقضاض عليها، وخاصةً في غياب الحراس الذين ملأ الوهن قلوبهم، "ولينزعن الله المهابة من صدور عدوكم منكم..."، وقد رأيناه "وليقذفن في قلوبكم الوهن" نعوذ بالله منه، ومن تعريفه- كما وصف الصادق المصدوق- "حب الدنيا وكراهية الموت".

فكان من أسباب هذا الهوان ترك الجهاد والتخلي عن صناعة القوة التي تُرهب العدو، والتعلُّق بالدنيا والفرح والرضا بحصول ملذاتها من مطعمٍ ومسكنٍ، وقد عبَّر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه ذروة سنام الإسلام؛ لأنه يُصان به الدين، وهو أول مقاصد الشرع.

يقول تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ (الأنفال: من الآية 60).

مؤامرات تفكيك الأمة وتفتيتها بلغت ذروتها

فجنوب السودان يوشك أن ينفصل عن شماله، ودولة الجنوب المزعومة أصبح لها نشيدٌ إنجليزي اللغة وعلمٌ عليه الخنزير رمزًا له، وتم اختيار القصر الذي سوف يجلس فيه "سلفاكير" الرئيس المُتوقَّع لدولة الجنوب رغم أن الاستفتاء لم يبدأ بعد.

والحِراك الجنوبي في اليمن يُكثِّف أنشطته، ويعتبر الوجود الشمالي احتلالاً، ولقد رأينا إقليم كردستان العراق يطالب بتقرير المصير والاستقلال واعتبار محافظة كركوك (الغنية بالنفط) محافظة كردية الهوية والانتماء، ولم يعترض عليه أحدٌ من القيادات العراقية؛ لأن اقتراحه كان بمباركة أمريكية، وعلى أسس طائفية فهذه الفكرة نبعت من الفيدرالية التي نصَّ عليها دستور "بريمر" وحلفائه من العراقيين كانت المقدمة لإقامة دولة "شيعية" في الجنوب و"كردية" في الشمال و"سنية" في الوسط، وفي لبنان بلغت المؤامرة ذروتها، وكانت المحكمة الدولية محاولة لتجريم "حزب الله" كمقدمة لتجريم سورية وبما يُشرِّع عدوانًا صهيونيًّا على الطرفين، في الوقت الذي لم تُشكِّل فيه أمريكا محكمة دولية للتحقيق في اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات أو الرئيس الباكستاني ضياء الحق أو حتى "جون جارنج" في جنوب السودان؟

ولماذا لا نرى مجرمَ حرب صهيونيًّا واحدًا يمثل أمامها وما أكثرهم؟ ولماذا لا نرى محكمةً دوليةً تُشكَّل بقرارٍ من مجلس الأمن الدولي للتحقيق في جرائم الحرب الأمريكية في أفغانستان والعراق، وخاصةً بعد اعتراف مرتكبيها بمسئوليتهم عن هذه الجرائم من أمثال "بوش" الابن وتوني بلير مبعوث السلام الدولي للشرق الأوسط!!!

إن الأنظمة العربية الحالية تتحمل المسئولية الأكبر عن عمليات التفكيك والتفتيت؛ لأنها سارت خلف المخططات الصهيوأمريكية وما زالت، فقد شاركت في التآمر على العراق والتواطؤ مع الحصارات المفروضة عليه وعلى قطاع غزة وعلى دولٍ أخرى مثل السودان، وسوريا، وحاليًّا إيران.

ولا يجب أن ننسى في هذا السياق ما قرره المحافظون الجدد في أمريكا، وعلى رأسهم برنارد لويس وريتشارد بيرل (أمير الظلام) وبول وولفيتز وفيث وميللر، ومعظمهم كانوا أعضاءً في اللوبي الصهيوني في أمريكا، وتولوا مناصب بارزةً في حكومة "بوش" الابن، وهم الذين قادوا الحرب على العراق.

ولا ننسى مقولتهم الشهيرة العراق فالسعودية ثم مصر هي "الجائزة"، إنها سياسة شد الأطراف ثم بترها، وهي التي اعتمدت في العراق وفي السودان ويريدون أن يكون الحبل على الجرار كأحجار الدومينو حتى يتم الانهيار الكامل، ولكن أنَّى لهم هذا؟ فالله أعلى وأعز ﴿وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ (التوبة: من الآية 32).

تلك هي القصعة المليئة وها هم الأكلة جاهزون، فإلى متى تظل الأنظمة تلهو وتنهب وتضطهد شعوبها.. أما آن الآوان أن تفيق من غفلتها؟؟! وتثوب إلى رشدها وتقوم بواجباتها التي سيسألها الله- عزَّ وجلَّ- عنها، ولن تسامحهم الشعوب، وسيذكر التاريخ سجلهم هذا موثقًا توثيقًا لا يقبل التزوير.

في فلسطين ميلاد أمة يلوح في الأفق

لقد أعلنت الإدارة الأمريكية فشل محاولتها بإقناع الصهاينة بتجميد الاستيطان وتخليها بالتالي عن رعايتها للمفاوضات، وأعلن الأمريكان بصراحة أنه على الفلسطينيين القبول بالشروط الصهيونية والعودة إلى طاولة المفاوضات، ولكن هذه المرة تحت مصطلحٍ جديد تم صكه، اسمه "المفاوضات المتوازية"؛ وبذلك أعلنوا هم عن وفاةِ وَهْم العملية السلمية المزعومة برمتها، إن السلطة الآن تواجه لحظة الحقيقة ولا بد من مواجهتها بشجاعة والتخلي عن أساليب التهرب وعليها أن تعترف بأن الرهان على سراب المفاوضات قد انتهى، وأن الاعتماد على أمريكا المتصهينة خيار فاشل؛ لأنها لا تخدم غير القوى الذي يُؤثِّر على مصالحها بشكلٍ مباشر.

إن محاولات تدويل القضية وانتزاع الاعتراف من دول العالم بدولة فلسطين لن تضيف جديدًا فقد تمَّت هذه المحاولة منذ 22 عامًا في الجزائر وحظيت باعتراف 126 دولةً، فهل قامت هذه الدولة؟ وماذا استفاد الشعب الفلسطيني من هذه الاعترافات؟

إن الأمة كلها- وليس السلطة الفلسطينية فقط- مطالبة بالرجوع إلى الثوابت الحقيقية التي يجب أن تحكم قضية فلسطين حتى لا تُنسى، ومن ثَمَّ فإن اعتبار التفاوض والاعتراف والصلح وإقامة دولة فلسطين في حدود 1967 من المسلمات هو خطأ فاحش، إن أرض فلسطين أرض العروبة والإسلام وعليها مقدساتهم، والجهاد من أجل استرداد هذه الأرض فرض عين على الأمة العربية الإسلامية، ولقد كانت حرب غزة نموذجًا فذًّا لصمود الشعب الفلسطيني المجاهد، وكان الفشل الذريع للصهاينة دليلاً قاطعًا على أن ما يحدث في فلسطين هو ميلاد أمة تخرج من بين الركام والأنقاض أكثر صلابةً وقوةً وإيمانًا، ومَن يرغب في نصرة فلسطين فعليه أن ينضمَّ إلى المشروع المقاوم، فلم تعد تُجدي أساليب الشجب والاستنكار، وفلسطين لن تتحرر بالتمنيات والدعوات، وإنما بالجهاد والتضحيات، ونحن نناشد كل الأخوة في فلسطين العودة إلى الوحدة الوطنية على أرضية المقاومة؛ فذلك هو السبيل الوحيد لعودة فلسطين، وإنه لجهادٌ نصرٌ أو استشهادٌ.

وبعد،،

فرغم مؤامرات الأعداء وخططهم ومكرهم، والذي يقول الله فيه: ﴿.. وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجِبَالُ﴾ (إبراهيم: من الآية 46).

فإننا على ثقةٍ من وعد الله وموعوده بالنصر، ونحن نعلم ونُوقن أن نصرَّ الله لا يأتي هبة أو منحة، ولكن وفق سنن وقوانين وأسباب لا ينبغي أن نغفل عنها أو نُقصِّر فيها.. ﴿ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ﴾ (محمد: من الآية 4).

﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ القَوْمِ المُجْرِمِينَ (110)﴾ (يوسف)، ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36)﴾ (الأنفال)، ﴿وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ (الفتح: من الآية 4).

نحن أصحاب مبدأ ودعوة وقضية حق، وسوف نلقى الله ونحن عليها ثابتون، ومهما ادلهمت الحوادث والأخطار فلن تغير مسارنا ولن تحرفنا عن هدفنا؛ فالله هو الغاية، والرسول هو القدوة، والقرآن هو الدستور، والجهاد هو السبيل، وسيظل الموت في سبيل الله أسمى أمانينا.

والله من وراء القصد، والله أكبر ولله الحمد

عيون الصوت

Posted by حسام خليل in




(أعينيّ جودا ولا تجمدا)

إذا الصبح أضحى بنا أسودا

وعاد الظلام بليل بهيمٍ

يقيم بدار الدنا سرمدا

ويجثم فوق صدور العبادِ

ويقتل كل ضياءٍ بدا

ويحبس عنا نسيم الهواء

ويحجب عنا طريق الهدى

أعينيّ هل تبصران طريقا

وهل من شعاعٍ به يُهتدى؟

ألا تبكيان لشعبٍ أصيلٍ

ومن مستبدٍ عليه اعتدى؟

بقهر الرجالِ وقمع النضالِ

وإخماد صوتٍ قوي الصدى

كصيد يحاول كسر القيودِ

وقد أنهكته سهام العدا

يعاني حبيسا من الموت قهرا

ولو عاش يوما طليقا شدا

فكم بات يرجو الحياة ليحيا

وكم كان يسعى لها جاهدا

يطير فيهوي بسوط اصطدامٍ

وفي كل شبرٍ يرى صائدا

فما أسعدوهُ وما أطلقوهُ

ليختار حرا له قائدا

(إذا الشعب يوما أراد الحياةَ)

أذاقوه ذلاً عذاب الردى

فكم قد أقاموا بمصر انتخابا

وقالوا نزيها سيُجرى غدا

وقد زوروهُ لمن رشحوهُ

وضاعت إرادة شعبي سدى

ولكنّ صوت الضمير ينادي

هلمواٍ فلبّى الرجال الندا

وقاموا سريعا لإيقاظ شعبٍ

وقد (جاوز الظالمون المدى)

إذا استيقظ الشعب يوما تلاشى

ظلام الفساد بنور الهدى

فيومي يفضح التزوير على الجزيرة

Posted by حسام خليل in


الهجرة ومستقبل الأمة

Posted by حسام خليل in

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ومَن والاه.. وبعد؛

الهجرة والأمل القريب:

لا شكَ أن الهجرة هي رحلة حياة هذه الأمة من يوم أن أَذِنَ الله تعالى بنصره لها ﴿إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ﴾ (التوبة: من الآية 40)؛ لأن الله يُمضي سنته وينزل سكينته في قلوب المؤمنين، والله تعالى هو الذي يأْذن بالفرج من عنده، وهو الذي يأتي بالنصر من قلب المحنة، وهو الذي يبعث النور من كبد الظلماء، عشر سنوات ينطلق فيها صوت النبي صلى الله عليه وسلم رغم المعاناة: "مَن يؤويني؟ من ينصرني؟ حتى أبلغ رسالة ربي"، وتتواصى آلةُ الإعلام بالتشويه، معلنةً لمَن يخرج من مكة: احذرْ غلام قريش لا يفتنك، يقول تعالى: ﴿اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً (43)﴾ (فاطر)، فمن أيَّد النبي صلى الله عليه وسلم؟ ومَن نصره؟ ومَن أبلغ الرسالة آفاق الأرض؟ أليس الله هو الذي أذن بنصره من أول الهجرة؟.

وبينما يظن الباطل أنه ضيَّق على دعوة الله وأنهى وجودها، يأتي الأنصار وتكون البيعة على السمع والطاعة والنفقة وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يدعوا إلى الله ويجاهدوا في الله لا يخافون لومة لائم، وعلى النصرة والمنعة، ولهم الجنة، ويلخص جابر بن عبد الله هذا المشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: "فقمنا إليه فبايعناه" رواه أحمد، أليس النبي صلى الله عليه وسلم يُجسِّد لنا: كيف تصنع الأمة نصر الله بعملها وجهادها وتضحياتها؟ وصدق الله القائل: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)﴾ (آل عمران).

وبينما القوى الغاشمة المستبدة الظالمة في مكة، يضللون الناس بالأكاذيب حول الدعوة، وبالتآمر حول الداعية صلى الله عليه وسلم، ويمارسون أبشع أنواع التعذيب والبطش والإيذاء، في نفس اللحظة، لم يكن هناك من بيتٍ بالمدينة إلا وفيه ذكر الله ورسوله ودعوة الإسلام، فهل أدرك هذا المعنى اليائسون الغارقون في تشاؤمهم البغيض مِن فرجٍ قريبٍ لهذه الأمة المكلومة اليوم، المنتصرة في الغد بإذن الله، ومَن يدري لعلَّ الله يصنع للأمة خيوطَ فجرٍ أبيض من حلكات ليلها الداجي؟ ومَن يدري لعل معاناة الأمة وآلامها اليوم هي بعينها مخاض النصر والتمكين لدين الله في الأرض.

فمنذ أول وهلةٍ لم يهاجر النبي صلى الله عليه وسلم فارًّا أو مستسهلاً، وإنما منتصرًا بثباته وأصحابه ومنتقلاً إلى الأصعب ليكمل خطوات الرسالة، وفي شموخٍ يتلو قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (9)﴾ (يس)، فرغم الحصار، ورغم الأسر، ينثر النبي صلى الله عليه وسلم التراب على الرءوس المستكبرة، والمتجمعة على قتله ظلمًا وعدوانًا، أوليس هذا التراب قد تفرَّق على رءوس ممثلي القبائل بدلاً من تفرقِ دمه صلى الله عليه وسلم في القبائل، وما كان هذا الخزي والعار إلا فضيحة مدوية لفشلهم، ولكل مَن سار على دربهم، بهذه الحقيقة الدائمة: بأن الأمل يحيا من بواطن الظلمة السوداء؟ فهم لا يدركون أنهم يحاربون الله الذي قال "مَن عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب".

وفي سورة القصص بداية بعث الأمل في وعد الله رغم أنف الظالمين كما قال عزَّ وجلَّ: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6)﴾ (القصص).

ومن لحظة الأمل هذه يبدأ العمل، ويبدأ الجهاد، وتبدأ التضحيات، وكلها خطوات يحميها ويؤيدها وينصرها الذي أذن بالهجرة، وهذا هو ما كان يقينًا في قلب النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول لأبي بكر: "يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما"، وكأنَّ صوت النبي الواثق في نصر الله، يتوجه اليوم في أمتنا: لا تهنوا ولا تحزنوا إن الله معكم، إن استوعبتم معنى الهجرة العميق، من الثقة والعزم والأمان، هنالك تنطلق الحقائق الدامغة في وجه المتشائمين والمثبطين، حين ينقلب السحر على ساحره، وما أمر سراقة بن مالك منا ببعيد! فقد جاء أول النهار جاحدًا للدعوة والداعية، يُحرِّكه المنصب والمال، وأصبح آخره حارسًا للدعوة والداعية صلى الله عليه وسلم، يُحرِّكه الأمل في التمكين لأمة الإسلام، وهو ما رآه وتحقق منه في حياته عندما لبس سوارى كسرى كما وعده الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ﴿وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ (النحل: من الآية 41).

الهجرة ومصارع الطغاة:

وفي خطٍّ موازِ للأمل، كانت الهجرة إيذانًا من الله بزوال الطغاة، وهو ما رأته الأمة حقيقةً شاخصةً في انتصار بدر، والنبي صلى الله عليه وسلم يُشهد المسلمين مصارعَ الطغاة، هؤلاء الصرعى هم الذين اعتلوا السلطة فاستبدوا وظلموا وافتروا وتكبروا وتغطرسوا، فأين هم الآن؟، هؤلاء الصرعى هم الذين عذَّبوا الضعفاء من المؤمنين وحاربوا الدعوة وتآمروا على الداعية، فأين هم الآن؟، هؤلاء الصرعى هم الذين احتكروا سُدة الحكم، وحاصروا المؤمنين بالجوع، وأفسدوا الحياة، وألبوا الناس على الدعوة والداعية تشويهًا، أين هم الآن؟ هؤلاء الصرعى هم الذين دعاهم القرآن بسبيل الإقناع فأبوا إلا طريق النفي والتشريد والحبس والحصار والقتل، فأين هم الآن؟ اليوم هم صرعى على باطلهم، يقول تعالى: ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ (الأنعام: من الآية 28).

ألم تكن إذن الهجرة هجرًا حقيقيًّا للطغيان والظلم والاستبداد؟، فالطغاة الذين ألجأوا النبي صلى الله عليه وسلم للهجرة، أدركوا مدى الخطر الذي أقدموا عليه والمُبيَّت لهم، وكانوا على قناعةٍ من أعماقهم، بأن الدائرة ستدور عليهم قريبًا، فهل أفلحت وسائلهم في صدِّ سنة الله الثابتة عليهم؟، هذه الحقيقة المتواصلة عبر التاريخ:

- لقد امتدت الفتوحات على هذه الأرض شرقًا وغربًا، بعد ما ظنَّ المرتدون أن الإسلام زائلٌ لا محالةَ!.

- ولقد هَزَمَ الله سبحانه وتعالى أعداءه من التتار في عين جالوت، بعد ما ظنَّ الناس أن أمة الإسلام قد أُبيدت فور قتل مليونَي مسلم في بغداد وحدها!.

- ولقد تهلل المسجد الأقصى يوم أن تحرَّر من الصليبيين في حطين، بعد ما ظنَّ المتآمرون بخوضهم في دماء المسلمين، أن الأمةَ قد أُصيبت بسكتةٍ لا تنهض بعدها!.

فلا يأس ولا قنوط فرُبَّ منحةٍ في طي محنة، يقول تعالى: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ (البقرة: من الآية 216)، فإن كانت شدة في ميزان الناس، فهي في ميزان الله فرجًا قريبًا، وإن كانت تضييقًا فهي في ميزان الله فتحًا مبينًا، وإن كانت ليلاً حالكًا فهي في ميزان الله فجرًا حاضرًا.

نداء الإخوان المسلمين لأحرار الأمة:

ولذلك فالإخوان المسلمون وهم يستلهمون من الهجرة معناها العميق: في الأمل ونهاية الطغيان، يؤمنون بأن معاناة أمتنا في فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرهم من عدوان الصهاينة والأمريكان، وآلامها من المؤامرات المتتالية بأيدى حكامها لتمزيقها ونهب ثرواتها، ما هي إلا رحلة الأمة نحو النصر والرفعة والتمكين لها في الأرض إن هي استيقظت وتآلفت وتناست خلافاتها، وتنبهت لمكائد أعدائها مستجيبةً لنداء ربها و﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92)﴾ (الأنبياء)، ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا﴾ (آل عمران: من الآية 103).

ولذلك فالإخوان المسلمون يطمئنون القلوب المهمومة بالأمة، والتي أقضت مضاجعها وأسالت مدامعها آلام الأمة، ويرسلوا إليها نداءً وبُشرى، بأننا انطلاقًا من إسلامنا العظيم، بحُبِّ الجهاد، وتقديم التضحيات واليقين في وعد الله وموعوده، نصنع معًا فجرنا المشرق الوضاء، وحينئذٍ نفرح جميعًا بفضل الله ونصره تعالى، فهو الذي أهلك فرعون الذي طغى، ودمَّر ثمود التي كذبت بطغواها وانبعث أشقاها، وأغرق قوم نوح إنهم كانوا هم أظلم وأطغى، ﴿أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (16) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (17) كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (18)﴾ (المرسلات).

وهو تعالى القادر اليوم على ردِّ التآمر الأمريكي الصهيوني، وتبديد غطرسة وعبث الصهاينة في المسجد الأقصى، وكسر الحصار الآثم من حول غزة الأبية، التي يعتصم أهلها بالمقاومة، ويعبرون بعزم وقوة عن حقيقة الهجرة، في انطلاقتهم المباركة وانتفاضتهم الأبية، نحو تحقيق أمل الأمة بدحر الاحتلال الغاصب، ورفض ومقاومة الظلم وإنهاء كل أشكال الاستسلام للعدو الخارجي والأنظمة الحاكمة الظالمة، بعد الفشل المتوالي باسم المفاوضات المهينة، سواء كانت المباشرة أو غير المباشرة، فكلها أباطيل يدحضها صوت المقاومة الصادق، فهل يكتب الله لنا صلاة في الأقصى؟ ونشهد يومًا وضَّاءً! مثل يوم دخول النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، يقول أنس: "شهدت يوم دخل النبي المدينة فلم أر يومًا أحسن منه ولا أضوأ منه" (رواه الحاكم)، فإلى هذا اليوم يا أحرار الأمة، يسبقنا الشوق لنصر الله، ثابتين على الإعداد الذي أمرنا به الله، فإن الله قضى وقدَّر أن يخذل الباطل، بقوة أنصار الحق وتضحياتهم ليستروا القدرة ويأخذوا الأجرة، وما ذلك اليوم ببعيد: ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا﴾ (الإسراء: من الآية 51).

صواريخ اسكندراني أرض جو

Posted by حسام خليل in


الكذب الوطني الديمقراطي

Posted by حسام خليل in ,



لقد كان الحزب الوطني صادقا مع الناس في كل ما قام به قبل وأثناء انتخابات مجلس الشعب 2010 وذلك حين أعلن سلفا أنه لا دين في السياسة ، فالتزم الحزب بذلك المبدأ وشرع يبين لنا كيف تكون السياسة حينما تخلو من الدين فقدم لنا صورا رائعة من الغش والتزوير والخداع والسرقة على أعلى مستوى . فهو الكذب الوطني من أجل إقصاء الاخوان المسلمين الذين لا يؤمنون بذلك المبدأ ويخلطون السياسة بالدين ويؤثرون مصالح الوطن على مصالحهم الشخصية .

ان استمرار الاخوان المسلمين في البرلمان بهذا الشكل وبتلك النماذج التي قدموها في تأدية الواجب الرقابي والتشريعي والخدمي يؤكد للناس أن السياسة يمكن ان تكون ذات دين وأن (
الإسلام نظام شامل، يتناول مظاهر الحياة جميعا فهو: دولة ووطن أو حكومة وأمة، وهو خلق وقوة أو رحمة وعدالة، وهو ثقافة وقانون أو علم وقضاء، وهو مادة وثروة أو كسب وغنى، وهو جهاد ودعوة أو جيش وفكرة،كما هو عقيدة صادقة وعبادة صحيحة، سواء بسواء.)

وتأتي ذكرى الهجرة النبوية الشريفة التي كانت منطلقا
لبناء دولة الإسلام العظيمة التي استطاعت في ربع قرن أن تكون لها السيادة والريادة، وصارت الدولة العظمى التي خلصت العباد من عبادة العباد، وأقامت العدل والمساواة بين الناس دون تفرقة باللون أو الجنس أو الطبقة، ونشرت الرحمة على العالمين،حيث كان الرسول حاكما لهذه الدولة مؤكدا أن في الإسلام سياسة وأن سياسة الإسلام تقوم على مبادئ الدين الحنيف

فلو كان الدين الجديد الذي جاء به محد صلى الله عليه وسلم دين لا سياسة فيه ولا دخل له بشئون الحياة لما كان هناك إيذاء ولم تكن هناك هجرة ولم تقم للإسلام دولة ، بل لو أن قريشا فهمت أن أصحاب محمد ما أتوا إلا لقيام الليل وتلاوة القرآن وتهذيب الأخلاق لسارعت قريش ببناء المساجد وتشييدها ما دام محمد وأصحابه لا شأن لهم بما يفعلون ، وإذا كان الدين لا دخل له بالسياسة فما معنى كلمة حق عند سلطان جائر ؟!

وعلى خلقية مشاهد التزوير التي رآها الجميع عن قرب وعن بعد وفي ظل أحكام القضاء التي شارفت على الألفين ببطلان هذا المجلس وبشهادة أعضاء من الحزب الوطني نفسه على التزوير ومنهم من كان عضوا سابقا في مجلس الشعب لا يزال الكذب الوطني مستمرا بصورة تدعو إلى التهكم والسخرية وإن شر البلية ما يضحك

ولكن الغريب في الأمر حينما نسأل أنفسنا على من يكذبون؟ لا أظن أنهم يكذبون على أنفسهم لأنهم يعلمون أنهم كاذبون ، ولا أظن أنهم يكذبون على الشعب فلم يعد في الشعب مخدوعون بعد أن رأى الجميع ما حدث ، ويظل السؤال المحير : على من يكذبون ؟ وكأني بواحد من ثلاثي أضواء المسرح يرد على سؤالي قائلا : أنا لا أكذب ولكني أتجمل

الليلة الكبيرة

Posted by حسام خليل in


عد يا سراقة

Posted by حسام خليل in


عد يا سراقةُ في أمان
وارجع بظهرك للأمام
لترى وعودا شامخات كالجبال
ليست سرابا أو صروحا من خيال
فجيوش كسرى مثل بيت العنكبوت
لو كان في الدنيا رجال
لاتنحني إما تموت
----
عد يا سراقة وانتظر
واغرس بذور غنيمتك
تحت الرمال
وارو الحكاية والبذور
من ماء نور
تحصد محالا من طريد في ارتحال
في هجرة ليست فرارا بل وصولا للمنال
فالدين تضحية بأرواح ومال
والكون يفسح للرجال طريقهم
والهول لا يثني الرجال عن المسير
بل ليست الأهوال إلا كالأدلة يعرفون بها الطريق
كم من عليٍ في فراش الموت ينتظر الشهادة كالعشيق
كلٌ على ثغر ينفذ خطة الفتح المبين
عد يا سراقة إنه النور الذي
قد جاء يحكم رحمة للعالمين
--------
عد يا سراقة فالعيون
من غير نور لا ترى
من بينهم مر الأمين
قد أغشيت أبصارهم
فارجع بعين المؤمنين
وانظر ترى عبر السنين
ما لا ترى عين العبيد
------
عد يا سراقة من جديد
وأعد صهيبا للوجود
وارجع إليهم بالمبادئ والقيم
دع عنك تشويه القمم
برماح تصوير الظلَم
لن تطفئ النور الأشم
برياح تضخيم اللمم
لا يا وحيد زمانهم
فالله أقسم بالقلم
فاربأ به عن غيهم
والألف ناقة لاتباع بها الذمم
عد يا سراقة إننا خير الأمم
إننا خير الأمم

الانطلاق من الهجرة للتغيير والبناء

Posted by حسام خليل in

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَن والاه... أما بعد:

فيقول الله تعالى: ﴿إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)﴾ (التوبة).

أيها المسلمون:

تمرُّ بنا في هذه الأيام ذكرى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم والعالم يعيش حالةً من الصراع والظلم والاضطراب بسبب البعد عن الحقِّ والعدل، ولا يزال هذا العالم يحلم بالسلام والحرية، ولكن كيف السبيل إلى ذلك، وكثير من النظم والحكومات تسير في اتجاه معاكس لاتجاه شعوبهم، وتتحكم القوى الكبرى في مُقدَّرات الشعوب وتكيل بعدة مكاييل، والصهاينة يحتلون أرض فلسطين أرض العروبة والإسلام، والأمريكان وأعوانهم يحتلون أرض العراق وأفغانستان ويعيثون فيهما فسادًا، والشعوب تقاوم الظلم والعدوان، ومهما كان هذا الطغيان، ومهما طال زمن الظلم فلن يكون في الكون إلا إرادة العزيز الجبار.

والهجرة ليست مجرَّد أحداث وقصص تُروى، وإنما هي وحي التاريخ الحي للأمم التي تريد الحياة.. وهي قضية اليوم قبل الأمس؛ لأنها قضية البطولة والرجولة، وحديث الإيمان والفداء والحرية والإخاء، وما أحوجنا إلى كل ذلك؛ لتدعيم حياتنا في الحاضر والمستقبل.

والدروس في الهجرة أكثر من أن تحصى أو تعد، وسوف نقف على بعضها ويتصدر تلك الدروس:

- حب الرسول- صلى الله عليه وسلم- للمؤمنين وحرصه على راحتهم:

لقد أحب الرسول- صلى الله عليه وسلم- مَن آمن بالله وبما جاء به حبًّا كثيرًا، وكان كما قال الله في وصفه: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)﴾ (التوبة: 128).

وتجلى حرصه على أمن أصحابه وراحتهم، حين أمرهم بالهجرة إلى الحبشة؛ لأن بها حاكمًا عادلاً، والعدل هو سر الأمان، وقد قيل لعمر- رضي الله عنه-: "حكمت، فعدلت، فأمنت، فنمت يا عمر.." لقد أرسلهم- صلى الله عليه وسلم- إلى المكان الآمن، وبقي هو بمكة يواجه الأذى والعنت من قريش، وهو يدعوهم إلى الله العزيز الغفار..

فهل يستفيد حكامنا وحكام العالم من هذا الدرس العظيم، فيعدلوا بين رعيتهم حتى يخيم الأمن على الأوطان، وينعم به الحكام قبل شعوبهم.. ويعلموا أن العدل أعظم سياج للأمن، ويغنيهم عن ما يحيطون به أنفسهم من جند.

وهل يتعلمون أن من واجبهم أن يتعبوا لتستريح شعوبهم، ويسهروا لينام المواطن آمنًا مطمئنًا، وأن مهمتهم الكبرى أن يحققوا الأمن للشعوب والراحة للمواطنين، قبل أن يهنئوا هم بذلك.

ولقد عبَّر عن ذلك الإمام البنا- رحمه الله- بقوله: "ونحب أن يعلم قومنا أنهم أحب إلينا من أنفسنا، وأنه حبيبٌ إلى هذه النفوس أن تذهب فداءً لعزتهم، إن كان فيها الفداء، وأن تزهق ثمنًا لمجدهم وكرامتهم ودينهم وآمالهم إن كان فيها الغناء، وما أوقفنا هذا الموقف منهم، إلا هذه العاطفة التي استبدت بقلوبنا، وملكت علينا مشاعرنا، فأقضت مضاجعنا، وأسالت مدامعنا، وإنه لعزيز علينا- جد عزيز- أن نرى ما يحيط بقومنا، ثم نستسلم للذل أو نرضى بالهوان أو نستكين لليأس، فنحن نعمل للناس في سبيل الله أكثر مما نعمل لأنفسنا، فنحن لكم لا لغيركم أيها الأحباب، ولن نكون عليكم في يوم من الأيام، ولسنا نمتن بشيء ولا نرى لأنفسنا في ذلك فضلاً، وإنما نعتقد قول الله تعالى: ﴿بَلْ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ (الحجرات: من الآية 17).

وكم نتمنى- لو تنفع المنى- أن تتفتح هذه القلوب على مرأى ومسمع من أمتنا، فينظر إخواننا:

هل يرون فيها إلا حب الخير لهم، والإشفاق عليهم، والتفاني في صالحهم؟

وهل يجدون إلا ألمًا مضنيًا من هذا الحال التي وصلنا إليها؟

ولكن حسبنا أن الله يعلم ذلك كله، وهو وحده الكفيل بالتأييد، الموفق للتسديد، بيده أزمة القلوب ومفاتيحها، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل الله فلا هادي له وهو حسبنا ونعم الوكيل: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ (الزمر: من الآية 36).

- المسلم عظيم الحب للوطن:

أيها المسلمون: إن في الهجرة درسًا عظيمًا في حب الوطن، والتعلق به والحنين إليه، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ- رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-: "قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ أَحَبَّ الْبِلادِ إلى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَكَّةُ, وَلَوْلا أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مَا خَرَجْتُ".

ومصر وكل بلاد العرب والمسلمين هي أوطاننا الحبيبة، مكانتها رفيعة، وعزها عزنا، ومن ثَمَّ فنحن نفتديها بأرواحنا، وندافع عنها بكل ما نملك، ولتسمع الدنيا ما وصف به البنا- رحمه الله- مصر (على سبيل المقال): "إننا نعيش في أخصب بقاع الأرض، وأعذبها ماءً، وأعدلها هواءً، وأيسرها رزقًا، وأكثرها خيرًا، وأوسطها دارًا، وأقدمها مدنيةً وحضارةً وعلمًا ومعرفةً، وأحفلها بآثار العمران الروحي والمادي والعملي والفني، وفي بلدنا المواد الأولية، والخامات الصناعية، والخيرات الزراعية، وكل ما تحتاج إليه أمة قوية، تريد أن تستغني بنفسها، وتسوق الخير إلى غيرها، وما من أجنبي هبط هذا البلد الأمين، إلا صح بعد مرض، واغتنى بعد فاقة، وعز بعد ذلة، وأترف بعد البؤس والشقاء..".

إن بلدًا هذا شأنه، جديرٌ بأن يجعلنا أشد تفانيًا في إصلاحها، واجتثاث الفساد من أكنافها، وكشف المفسدين والتصدي لهم ولفسادهم حتى لا يستمر نزيف تبديد خيرات الوطن، وليعلم قومنا أننا ماضون في عملنا الإصلاحي، ولن يوقفنا ما يلحقنا من عنت، أو ينزل بنا من أذى، أو يحيط بنا من ضرر.. فالوطن والمواطنين أحب إلينا من أنفسنا، وإننا لنضحي بكل ما نملك من أجل تنمية واستقرار الوطن.

- الهجرة كانت بعد تعميق الإيمان:

إن الإيمان سرٌّ من أسرار القوة، لا يدركه إلا المؤمنون الصادقون، وإذا فُقد الإيمان فهل تغني أسلحة المادة جميعًا عن أهلها شيئًا؟.

ومن أجل ذلك نجد أن الرسول- صلى الله عليه وسلم- ظلَّ ثلاثة عشر عامًا يوطد دعائم الإيمان في النفوس، ويسمو بالقلوب لتكون محبة الله ورسوله هي المتربعة على عرش القلوب: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)﴾ (التوبة).

فالإيمان وحده هو الذي يدفع المسلم؛ لأن يضحي بماله، بل وفعل كل شيء ويغادر وطنه من أجل عقيدته.. ومن أجل الاستمرار في بناء الإيمان وتثبيته في النفوس المسلمة- مهاجرين وأنصار- كان أول عمل قام به النبي- صلى الله عليه وسلم- حين وصل إلى المدينة هو بناء المسجد الذي يصل الأرض بالسماء، وفيه تتنزل السكينة والرحمات، وفيه تلتقي الأفئدة المؤمنة لمناجاة ربها.

ولو أن الأمة كلها- حكامًا ومحكومين- لامس الإيمان شغاف قلوبهم، وتمكن من أفئدتهم، لَما صار حالُنا إلى ما نحن فيه، ولو أنهم اعتصموا بالله وأخلصوا له وارتكنوا إليه، لعادت إليهم عزتهم، ولَمَكَّنَ الله لهم في أوطانهم، ولَخَلَّص الأمة من أهم عوامل الفساد والإفساد لحياة هذا الشعب المصري وغيره من الشعوب العربية والإسلامية، والمتمثل في أمرين:

* التدخل والتحكم الأجنبي الذي أفقدنا عزتنا، ووجهنا غير وجهتنا.

* الضعف المتناهي من هذه الحكومات، التي جعلت من نفسها أداةً طيعةً، إن لم تكن مسرعةً في يد الأجنبي، يتحكم بها في رقاب الناس كما يشاء، وينفذ بها مطالبه وخططه كما يريد سافرًا أو مستترًا.

- الشدائد تقوي اليقين:

لقد سبقت الهجرة بشدائد متوالية أحاطت بالرسول- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، كحصار المسلمين في شعب أبي طالب، وموت أبي طالب، والسيدة خديجة، مما جعل أهل مكة يؤذون رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بالقول والفعل، فخرج الرسول- صلى الله عليه وسلم- إلى الطائف يبحث عن الناصر والمعين، فأغروا بها السفهاء يرمونه بالحجارة حتى أدموا قدميه.

ولقد كان لتلك الشدائد دور عظيم في زيادة إيمانهم، وشدة يقينهم بأنهم أصحاب الحق، وأن المستقبل لهم، وأن ما يلحقهم من أذى وعذاب، عذب سائغ ما دام في سبيل الله، وأنه لا يفقدهم الأمل، بل يتحققون من قرب بزوغ الفجر، وأن استخلافهم في الأرض آتٍ لا محالة: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾ (النور: من الآية 55).

كما أن إتمام أمر هذا الدين، ونشر الأمن في ربوع العالمين أمر لا شك فيه، كما وعدهم الرسول- صلى الله عليه وسلم- فقال: "وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ، لاَ يَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ أو الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ".

فاصبروا أيها المسلمون وصابروا وجاهدوا في الله حق جهاده، فكما قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا".

- أيها المسلم اعلم أنك أنت الأعلى بفضل الله:

وإياكم أيها المسلمون أن ترضوا بالدنية في دينكم، أو دنياكم، فليس ذلك من صفات من اعتز بالله، وارتكن إليه، وتوكل عليه، والعاقبة لكم إن شاء الله، فالمسلم بإيمانه الصادق وعمله الخالص، كتب الله له العلو، وكيف لا؟ وقد قال تعالى بصدد الحديث عن الهجرة: ﴿وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا﴾، وإذا كانت كلمة الله لها العلو، فإن مَن يحمل لا إله إلا الله، ويعمل بمقتضاها، ويجاهد في سبيلها.. من كان هذا شأنه، فإنه الأعلى، ووجب عليه ألا يرضى بالهوان، وألا يقبل بالاستسلام، فالله معه، ولن يضيع عمله: ﴿فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35)﴾ (محمد: من الآية 35).

- الأخوة الإسلامية رباط مقدس:

لقد كان التآخي بين المهاجرين والأنصار من أهم الأعمال التي قام بها النبي- صلى الله عليه وسلم- بعد الهجرة، تحقيقًا لقول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ (الحجرات: من الآية 10)، ولقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: "وكونوا عباد الله إخوانا".

وكذلك فهم المسلمون الأولون من الإسلام هذا المعنى الأخوي، وأملت عليهم عقيدتهم في دين الله أخلد عواطف الحب والتآلف، وأنبل مظاهر الأخوة والتعارف، فكانوا رجلاً واحدًا، وقلبًا واحدًا، ويدًا واحدةً: ﴿وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63)ْ﴾ (الأنفال: 63).

وإن ذلك المهاجر الذي كان يترك أهله، ويفارق أرضه في مكة، ويفر بدينه، كان يجد الأنصار ينتظرونه، وكلهم شوق إليه، وحب له وسرور بمقدمه، وما دفعتهم إليه غاية أو منفعة، وإنما هي عقيدة الإسلام، جعلتهم يحنون إليه، ويتصلون به، ويعدونه جزءًا من أنفسهم، وشقيقًا لأرواحهم، وما هو إلا أن يصل المسجد، حتى يلتفون من حوله كلهم يدعوه إلى بيته، ويؤثره على نفسه، ويفديه بروحه وعياله، ويتشبث بمطلبه هذا، حتى يؤول الأمر إلى الاقتراع، حتى روى الإمام البخاري ما معناه: (ما نزل مهاجري على أنصاري إلا بقرعة)، وحتى خلد القرآن للأنصار ذلك الفضل أبد الدهر: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (9)﴾ (الحشر).

أيها المسلمون:

إن الهجرة تحمل في طياتها هذه الدروس وغيرها: كتمام التوكل على الله بعد الأخذ بالأسباب، وحسن التخطيط والتنظيم، والسرية والكتمان، والتضحية والفداء، وبين يدي ذلك كله قيادة استطاعت أن تُنشئ مجتمعًا شعاره التوحيد، ودثاره الوحدة.

وكل ذلك كان المنطلق لبناء دولة الإسلام العظيمة التي استطاعت في ربع قرن أن تكون لها السيادة والريادة، وصارت الدولة العظمى التي خلصت العباد من عبادة العباد، وأقامت العدل والمساواة بين الناس دون تفرقة باللون أو الجنس أو الطبقة، ونشرت الرحمة على العالمين، حتى وصلت إلى الحيوان، فمن سقى كلبًا غفر الله له، وأدخله الجنة، ومن حبست هرة "قطة" دخلت النار.

أين هذه الرحمة من قسوة الحكام والنظم التي تكبل الإنسان وتحديد وتصادر حريته وإرادته، وتحرمه من كل حقوقه، وما فعل الصهاينة- بدعم أمريكا- في أهل فلسطين عنا ببعيد.

فهل يتعلم المسلمون من دروس الهجرة العظيمة، فيفروا إلى الله، ويهاجروا إليه، ويقيموا شرع الإسلام على أرضهم؛ لينعموا بالحرية والأمن والأمان.. وينطلقوا بالعمل ليستردوا ما اغتصب منهم، ويحرروا ما احتل من أرضهم ومقدساتهم.. ويخلصوها من دنس الصهاينة وغيرهم، وينعم الحكام بحب شعوبهم، وتسعد الشعوب بعدل حكامهم، وتعم المودة والتعاطف والتراحم فيما بينهم، فيعيش الجميع في أمان ولا يغتصب حق أحد، ولا تصادر له حرية ولا ينزل ظلم بأحد.. وما ذلك عنا ببعيد، وما ذلك على الله بعزيز: ﴿وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ (التوبة: من الآية 105).

والله أكبر ولله الحمد.

توته توته

Posted by حسام خليل in


عماد سعد حموده

Posted by حسام خليل in


رسالة إلى المهندس عماد سعد حموده

أبدأ رسالتي إليك بتهنئة قلبية خالصة أنك لم تكن ضمن أعضاء هذا المجلس المطعون في شرعيته بما يزيد عن 1200 حكم قضائي مؤيدين بالمحكمة الإدارية العليا ، وكانت دائرة بندر الفيوم من ضمن الدوائر التي صدر بشأنها حكم ببطلان نتائجها ، ولقد رأيت بعينك وقد كنت قاب قوسين أو أدنى من أعتاب مجلس الحزب الوطني (الشعب سابقا) ما حدث من تزوير وبلطجة وانتهاكات فاقت الوصف ، فليس شرفا لرجل مثلك سمعنا عنه كل خير أن يكون ضمن أعضاء هذا المجلس فضلا عن أن يكون ضمن أعضاء الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم الذي أوصل البلاد بفضل سياساته إلى ما وصلنا إليه فالحمد لله أولا وأخيرا.

نعلم أنك رجل خير تبرعت بمبالغ ضخمة مرتين متتاليتين لمجمع بدر الإسلامي في سرية رافضا أن يذاع هذا الخبر ولم يكن ذلك من قبيل الدعاية الانتخابية وإنما كان قبل أن تبدأ المعركة الانتخابية بوقت طويل ، ونعلم أنك رفضت التبرع في أوقات الدعاية الانتخابية حتى تكون تبرعاتك خالصة لوجه الله عز وجل ، ونعلم أنك رفضت الاستعانة بالبلطجية كما فعل غيرك وقد كنت قادرا على ذلك ولكن نزاهتك أبت عليك أن تقوم بمثل هذه الأساليب المشينة ولكن الذي نأخذه على رجل نظيف مثلك - ونحسبك كذلك ولا نزكيك على الله - أن تكون تحت هذه المظلة التي سمعنا أنك دفعت لها ملايين الجنيهات

وبغض النظر عن أسماء الأشخاص أو أسماء الأحزاب فإن المرشحين صنفان ، صنف يخرق السفينة ويدعم الفساد وله مصلحة في استمرار الفساد وصنف يحاول بكل ما آتاه الله من جهد أن ينقذ سفينة الوطن من الغرق ويقاوم الفساد ويتحمل في سبيل ذلك كل ألوان العنت والاضطهاد والتزوير والبلطجة

صنف رشح نفسه من أجل مصالح شخصية ، أو من أجل قطعة آثار تلزمها حصانة حتى تعود عليه بالثروات الهائلة أو من أجل أن يستعيد القرابين التي قدمها بين يدي ترشيحه في صورة مكاسب غير مشروعة من قوت الشعب ولا يضره بعد ذلك أن يوزع على أبناء دائرته بعضا مما نهبه من قبيل الرشوة المقنعة حتى يدينوا له بالولاء

وصنف رشح نفسه لأنه يعلم خطورة القوانين التي يمررها هذا المجلس على الأمن القومي وعلى مستقبل أبنائنا فليست القضية قضية كرسي يسعى وراءه ويلهث خلفه ولكنه يريد أن يدخل مجلس الشعب حتى لا تمتد ترعة الاسماعيلية إلى إسرائيل وحتى لا تمنع اثيوبيا عنا مياه النيل وحتى و حتى وحتى فالأمر جد خطير يا بشمهندس عماد

لقد خضت انتخابات مجلس الشعب مرتين متتاليتين مرة كمستقل في مواجهة الراحل مصطفى علي عوض الله ومرة ضمن الحزب الوطني برمز الهلال ولقد آن الأوان لتعيد حساباتك وتحدد موقفك فهما فريقان لا ثالث لهما ولعل تجربتك الأخيرة قد وصلت إليك منها رسائل عدة حبذا وقد ذقت مرارة الظلم وخطورة تزوير إرادة الشعب ولعلك علمت أن الذي يسرق الصوت هو ذاته الذي يسرق القوت ويعبث بمصير البلاد

أختم رسالتي إليك بآيات في سورة البقرة تحكي عن صنفين من الناس موجودين في كل زمان ومكان وأسأل الله أن تكون من الصنف الثاني
{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ } * { وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي ٱلأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلفَسَادَ } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتْهُ ٱلْعِزَّةُ بِٱلإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } * { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ }

وفقك الله لما يحبه ويرضاه


سيد عبد الواحد

Posted by حسام خليل in


لا شك أن النتائج العظيمة التي حققها الحزب الوطني في انتخابات مجلس الشعب 2010 لم تكن من فراغ ، ولكن كان لها أسباب عديدة ومن بين أهم تلك الأسباب أن الحزب الوطني الديمقراطي كان موفقا في اختيار مرشحيه المعروفين بين الناس بنزاهتهم وأخلاقهم وبراءة ذمتهم

فلقد استبشر أهالي بندر الفيوم خيرا بترشيح المهندس سيد عبد الواحد وتمنى الجميع فوزه لما عرفوه عنه من أخلاقيات ، فلقد بلغ من حب شعب الفيوم له أنه لم يصرف شيئا يذكر في الدعاية الانتخابية بل بادر الجميع من أصحاب المحلات والأفران بمجرد علمهم بنبأ ترشيحه بتعليق اللافتات التي تحمل صوره بجوار صورة القمر وذلك ليس لكونه مديرا لمديرية التموين والتجارة الداخلية

لذلك حسم المهندس سيد عبد الواحد المعركة قبل بدايتها وتأكد فوزه قبل أن تبدأ الجولة الأولى فضلا عن الثانية وكأن النتيجة كانت معروفة ومحسومة مسبقا ، فبالرغم من أن المهندس سيد عبد الواحد لم يدفع الملايين للحزب الوطني الديمقراطي كما أشيع عن منافسه وبالرغم من أنه خاض المعركة بدون رمز الهلال إلا أنه تمكن من الفوز بسبب حب الناس له ولقد كان لنافذة الفيوم السبق في اعلان النتيجة ليلة الأحد الموافق 28 / 11 في خبر عاجل

يقول المهندس سيد عبد الواحد عضو مجلس الشعب عن دائرة بندر الفيوم : بالطبع سأخوض معركة شرسة لكنها منافسة نظيفة ونزيهة مع زملاء لي أفاضل رشحوا أنفسهم كمتطلعين مثلى والعبرة في صناديق الانتخابات، كما أنني لا أخشى منافسي لأنني أستمد قدرتي ومحبة الناس لي من الله سبحانه وتعالى فهذا هو الفيصل بيني وبين منافسي

وعن دعايته الانتخابية قال المهندس سيد : الحمد لله لقد قمت بعمل لقاءات جماهيرية في معظم أحياء بندر الفيوم وكان هناك قبولاً وارتياحاً من المواطنين عندما عرضت برنامجي الانتخابي عليهم واستمعت إلى مشاكلهم ووجدت في عيون الناس الحب والإخلاص ولم أواجه احد يطلب منى طلب في شكل مساعدته بمبلغ مالي أو ابتزاز من المواطنين، وكل هذا ارفضه لأن من يبيع صوته يبيع نفسه وهذا مبدأ مرفوض، وسنترك المواطن للتصويت يوم الانتخاب للشخص الذي يحس انه شخصية قوية وقادر على تشريع قوانين في صالح المواطنين والأمن القومي، وتلبية مطالب أبناء الدائرة وحل مشاكلهم .

وكما أعلن صفوت الشريف الأمين العام للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في مصر أن التاريخ سيسجل انتخابات مجلس الشعب الحالية بنزاهتها وشفافيتها وبمواجهة الحزب الوطني للتنظيم غير الشرعي الذي لم يحقق أية قدرة على الفوز في المرحلة الأولى للانتخابات والتي كانت حرة ومحايدة وشفافة وذلك بشهادة أرقام التصويت التي تم تسجيلها.

وأوضح الشريف أن الحزب الوطني يؤكد دائما ثقته في الناخب المصري الذي منح نوابه أغلبية الأصوات ، مشيرا إلى أن الحزب استطاع في الجولة الأولى الفوز بـ 161مقعدا ويخوض الإعادة على 271 مقعدا آخر وأن الحزب لا يخوض الانتخابات من فراغ ولكن من خلال تعهدات تم إنجازها يلمسها المواطن المصري بنفسه .

وردا على سؤال عما إذا كان قرار الانسحاب لبعض قوى المعارضة من الانتخابات يؤثر على الحزب الوطني أو البرلمان ، قال صفوت الشريف :"إن القضية ليست برلمانا بلا معارضة ولكن برلمان يعبر تعبيرا حقيقيا عن إرادة الناخبين " .

وردا على سؤال عن موقف الحزب من بعض مقاطع الفيديو التي نشرها الإخوان و تتعلق بتزوير الانتخابات ، قال الشريف :" إننا لسنا طرفا في أي من هذه المشاهد التي عرضت ولكن المهم أن الحزب يرفض أي تجاوز لأنه ليس في حاجة إلى مثل هذه الأفعال المسيئة " ، مشيرا إلى أن اللجنة العليا كانت حاسمة وحولت ما وصل إليها من تجاوزات إلى التحقيق وأن الحزب يحاسب أعضاءه إذا خرجوا عن الالتزامات والتوجيهات بعدم الانسياق وراء مثل هذه الأعمال .

وعن رأيه فيما أعلنته الخارجية الأمريكية من تعليق على الانتخابات المصرية وشعورها بخيبة أمل ، قال الشريف :" نحن لا نأخذ بالمشاعر والانتخابات تمت طبقا للدستور والقانون المصري والحزب يرى أن هذه الانتخابات ستسجل في التاريخ ".

وأشار الشريف إلى أن هذه النتائج حسب تقييم هيئة مكتب الحزب تثبت أن الناخب المصري يدرك طريقه جيدا وأنه يميز بين الوعود الجادة التي طرحها برنامج الحزب والشعارات المرسلة الأخرى وأنها تثبت أيضا وعى المواطن وانحيازه إلى السياسات والبرامج التي تضمن له غدا أفضل وإدراكه للتحديات والأخطار التي تهدد المجتمع.

إن نجاح المهندس سيد عبد الواحد صفعة قوية على وجه كل من يحاول أن يشكك في نزاهة الانتخابات ، أما عن أحكام القضاء الإداري التي جاوزت الألف والتي قضت بوقف إعلان النتائج في الكثير من الدوائر ومن بينها دائرة بندر الفيوم التي فاز فيها المهندس سيد عبد الواحد فإن التاريخ لن يسجلها وخاصة بعد أن أيدتها المحكمة الإدارية العليا