نادي أدب منشية ناصر

Posted by حسام خليل in




حاولت كتير اعمل شاطر

والف وادور واجي واسافر

وبقالي سنين

عطشان لحنين

ما انا زي الطير اللي مهاجر

رغم انه حزين

وف قلبه أنين

بردو بيتعرض لمخاطر

وف كل مكان

يظهر ويبان

صياد بينشن ويشاور

على طول بيروح

طاير مجروح

طول عمره بينزف ويعافر

بيرفرف ينده ع الأحلام

بيحاول ينسى ومش فاكر

دا حتى الحلم بيتمناه

لو حتى بيحلم ع الطاير

طاير ، تعبان

واقف ، حيران

والقلب بينهج مش قادر

عايز يرتاح

ويداوي جراح

ويطلّع من قلبه مشاعر

حب وتنهيد

وإيمان بيزيد

والذكرى مليانه خواطر

بتحوم حواليه

وتنادي عليه

متاخدني بالحضن يا شاعر

لساه حيران

طاير هيمان

بيلف الدنيا وفي الآخر

حسيت بالحب اللي انا عايزه

ولقيت أحبابي وبتفاخر

الله ع الحب اللي انا شايفه

ف مديح وعلاء رزق وجابر

وف كل الناس اللي معانا

والجو اللي بحبه الطاهر

وآمنت وقلت انا مش ماشي

خليني ف منشية ناصر
رابط منتدى نادي أدب منشية ناصر

بالذاتية والإيجابية تنهض أمتنا

Posted by حسام خليل in

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ومَن والاه، وبعد..

لو عرف كل منا مكانته، التي أولاها الإسلام كلَّ الاهتمام في هذا الوجود، لأدرك قيمةَ ذاته وتربيتها وتهذيبها، خاصةً أننا جميعًا وُلدنا على الفطرة، وعلينا أن ندرك مسئولية الحفاظ على صفحتنا البيضاء الناصعة في سجلِّ الحياة، فالشعور بالمسئولية، والابتعاد عن الفوضوية والعشوائية والأنانية، وتزكية النفس والرقي الدائم بها، من قواعد الانطلاق والمشاركة، فما أشدَّ حاجتنا إلى التقوَى التي تكسبنا الثقة بالنفس والتوكل على الله، والاستعانة به، والاعتماد عليه، وما أعظم ما نتسلَّح به مع التقوى، من الوعي الذي يكسبنا التعقُّل والرشاد والسلوك المتوازن في الحياة.. ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾ (يوسف: من الآية 108).

حياة الذاتيين إقدام ومسارعة

فهـذا ذو الجوشن الضبابي، دعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام بعد بدر، وقال له: "يا ذا الجوشن! ألا تُسلِم فتكون من أول هذه الأمة؟!" فامتنع وقال: إن تغلب على الكعبة وتقطنها، قال صلى الله عليه وسلم: "لعل إن عشتَ أن ترى ذلك"، يقول ذو الجوشن: فوالله إذ أقبل راكبًا، فقلت: من أين؟ قال: من مكة، قلت: ما الخبر؟ قال: غلب عليها محمد وقطنها، قال: قلت: "هَبِلَتني أمي! لو أسلمتُ يومئذٍ" (أسد الغابة).

وفي يوم اليمامة، حين رأى خالد وطيس المعركة، يحمى ويشتد، التفت إلى البراء بن مالك، وقال: إليهم يا فتى الأنصار.. فالتفت البراء إلى قومه وقال: يا معشر الأنصار لا يُفكِّرن أحدٌ منكم بالرجوع إلى المدينة، فلا مدينةَ لكم بعد اليوم.. وإنما هو الله وحده ثم الجنة.. ثم حمل على المشركين وحملوا معه، فهذه أول وأهم الواجبات نزع الوهن من القلوب، وابدأ بقلبك أنت.

من أين تنطلق ذاتيتنا؟

لقد ربط الله تعالى الانطلاق في التأثير بالإصلاح والتغيير، بالقوة الذاتية، يقول تعالى: ﴿يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ﴾ (مريم: 12)، قوة في تفجير الطاقات، وقوة في مواجهة الصعاب، وقوة في العلو بقيمة النفس، وقوة في الثقة والأمل، رغم العقبات والمحن، فليس كالشدائد تصقل الإرادة وتقويها، هنالك تنتصر الإرادة!!.

ومما يقويها مواجهة الإحباط واليأس من الإصلاح والتغيير، فما هي إلا أراجيف تدعو إلى الكسل والإهمال واللامبالاة، مثل: علام تدخلون الانتخابات والنتائج معلومة مسبقًا؟ وغيرها من المثبطات كثير, وترويض هذه المثبطات تكون بالاستمرار في العمل الهادف المنظم المتواصل، الذي يظهر فيه الأداء الذاتي في العمل، يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43)﴾ (الزخرف)، وقوله صلى الله عليه وسلم: "عرفت فالزم"؛ أي المسئولية مسئوليتك، وأنت على يقين من سمو ما تحمل من أمانة وعظم ما تنتظر من أجر.

ومن هنا ننطلق أحرارًا من كلِّ قيد، فالحرية هي روح العمل المتواصل، والحرية هي التغلب على كل مظاهر القهر والاستبداد الخارجي، وكذلك العبودية الداخلية للشهوات، بما في ذات الإنسان من حب للحرية، وبما في أعماق نفسه من رغبة في أن يعيش حرًّا، ولا يتحقق ذلك إلا بعبودية خالصة لله تعالى، تقاوم الاستبداد الخارجي والاستعباد الداخلي، يقول رسول الله صلى الله عليهم وسلم: "مَن أعطى الذلة من نفسه طائعًا غير مكره فليس منا"، "من مات دون ماله فهو شهيد، من مات دون أرضه فهو شهيد، من مات دون عرضه فهو شهيد"، وقوله عز وجل: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ (مريم: 59)، وقوله صلى الله عليه وسلم: "تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميلة، تعس عبد الخميصة"، فبهذه الفاعلية الذاتية تنهض أمتنا، وعندها ستدب الروح في أداء الأعمال، وفي غيابها تتحول المجهودات إلى عمل آلي لا عقل فيه، ولا إدراك، ولا إتقان.

بالإيجابية نبني أمتنا

من حق الأمة على أبنائها: أن تكون الأمة حاضرةً في أذهانهم وعقولهم أنّى كانوا، وأن يستشعروا مسئوليتهم كاملةً، وهذا الحق على أبناء الأمة ليس جديدًا عليهم، بل هو ما قامت به الأمة على يد الإيجابيين من أبنائها، حينما حوّلوا الأفكار والقيم والمفاهيم إلى ممارسات وسلوكيات في الواقع، يقول تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)﴾ (النحل).

وتاريخ البشرية يؤكد ذلك فيقول: إن الأمم والحضارات تسقط وتنهار بسبب عوامل انهيار داخلية وليست خارجية، تتعلق بالروح والإرادة والخلق، وإن سقوط الأمم وانهيارها له سنن إلهية عادلة، أولاً أن الله عز وجل لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فبيد أبناء الأمة أنفسهم تغيير حالهم إلى الأفضل، فمهما ساءت أحوال الأمة، فإن الإصلاح ممكن في أي وقت شرط توفر الإرادة القوية، وإن مسئولية إنقاذ الأمم من الانهيار هي مسئولية كل أبنائها بلا استثناء، كل في مجاله، وبحسب إمكاناته، عن طريق شعور كل مَن يشارك في الإنقاذ، بالمسئولية والثقة في قدراته على الإصلاح والتغيير، ووفق هذه التأكيد فنهضة أمتنا ممكنة بل وقائمة، فنحن نمتلك كل مقومات القوة والنهضة، بشرط أن نعرف كيف نستخدمها لصالح وخدمة أمتنا.

وفي القرآن الكريم كثير من الأمثلة

- ﴿ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِي لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22)﴾ (يس) ذاتية وإيجابية.

- ﴿ وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّي اللهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ﴾ (غافر: من الآية 28) ذاتية وإيجابية.

وفي الأحاديث: "ورجل آخذ بعنان فرسه كلما سمع هيعة طار إليها" ذاتية وإيجابية.

"المؤمن إلف مألوف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف" ذاتية وإيجابية.

وبهذا الميزان تكون حركتنا

والمقصود بها الحركة مع الناس وفي المجتمع، فيعيش الفرد لغيره في حركة دائبة، لا تعرف التوقف، بهذا الميزان نواجه المؤامرات، فالمتربص بالإسلام لا يتوقف عن المؤامرة بحالٍ من الأحوال؛ ولذا فمن الصور العملية للإيجابية، إدراك مخطط التآمر، وعدم الخديعة بأفكارهم الماكرة، وعدم التأثر بما يثيرونه من شبهات، والحذر من دعواتهم الهدامة، والتصدي لهجماتهم بالالتزام بالدين والدفاع عنه.. (وقد حذرنا الأستاذ البنا من الزلل فيه والانحراف عنه والمساومة عليه والخديعة بغيره).

وبهذا الميزان نُحذِّر مما يقضي على الذاتية والإيجابية: من الذنوب والمعاصي، وضعف الإرادة، والجهل، والجمود، والانشغال بالدنيا، والانفصام عن واقع الأمة، وهذا كله ما يجتهد الخصوم لتحقيقه، ليتسنى لهم العيش في أمتنا، ونهب ثرواتها، وسرقة مقدراتها في غفلة من أبنائها.

وقد أجمل ذلك الإمام البنا، حينما رسم أن الطريق إلى الذاتية بأربع صفات: "متين الخلق، قوي الجسم، مثقف الفكر، قادر على الكسب"، ثم وجهنا إلى التربية الذاتية بثلاث صفات: "سليم العقيدة، صحيح العبادة، مجاهد لنفسه"، وبهذا تتحقق الإيجابية بثلاث صفات: "منظم في شئونه، حريص على وقته، نافع لغيره".

فيا أبناء الأمة:

اشحذوا الهمم بذاتيتكم وإيجابيتكم، ووظفوا الطاقات، فالأمة في حاجةٍ إلى كل عطاء مهما كان قليلاً، واعملوا على تذكية الطموح، وادفعوا الناس نحو العمل والبذل، وانتهزوا الفرص.. يقول الإمام علي رضي الله عنه: "الفرصة تمر مر السحاب، فانتهزوا فرص الخير"، واستثمروا الواقع: فهو جزء من التخطيط، يقول الإمام البنا عن صفات صاحب الهمة العالية: "فهو دائم التفكير، عظيم الاهتمام، إذا دُعي أجاب، وإذا نودي لبَّى، لا يبتعد عن الميدان العملي، يجد راحته وأنسه ومتعته في العمل" غايته إرضاء ربه والفوز بالجنة ليكون من "خير الناس أنفسهم للناس".

وأبعدوا السلبية عن الناس، فالإيجابيون يطهرون القلوب من السلبية، ويشجعون مَن يصاحبهم على الإيجابية، وتأمل ماذا يقول السلبيون حينما رددوا ما بأنفسهم في قوله تعالى: ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا﴾ (الأعراف: من الآية 164)، فسجل القرآن قول الإيجابيين عليهم في قوله تعالى: ﴿مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ (الأعراف: من الآية 164).

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

واستوت على الجودي

Posted by حسام خليل in

بعدما أقلعت السماء وبلعت الأرض ماءها وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين ، بعدما عاد كل شئ لطبيعته ونزل كل مخبر من فوق سطح البيت المكلف بحراسته منذ فجر ذلك اليوم ، بعدما أنهت الأجهزة الثلاثة مهامها ، بعدما أنفقت الملايين ، وتعطلت مصالح المواطنين ما بين طالب تأخر على موعد لجنته وبين امرأة على وشك الولادة مُنعت من الذهاب إلى عيادة الطبيب وهي تصرخ في وسط الشارع ، وبين جندي انتهى وقت تصريحه وتأخر على كتيبته ، وغير ذلك الكثير والكثير من المصالح التي تعطلت والأضرار التي لحقت والمصائب التي حلّت
بعدما انتهى كل ذلك رأيت صورة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو نائم تحت ظل شجرة ، بلا حراسة مؤججة وبدون أجهزة مدبلجة ودون تزييف للواقع أو تزيين للشوارع ، دون إهدار للمال العام ، لا يروع أحدا ولا يخشى أحدا ، وسمعت صوتا يملأ الآفاق بعدما حل السكون وخيم الهدوء فبدا واضحا جليا ، عميقا قويا يردد كلمات خلدها التاريخ : حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر .
فكرت كثيرا وسألت نفسي : ما الفائدة من تلك الزيارة ؟ وهل هذه الفائدة إن وُجدت تستحق كل هذا الإنفقاق وكل هذا الارتباك الذي حدث في حياة المواطنين وما نجم عنه من أضرار لا يستشعرها الزائرون ولا يلقون لها بالا؟ وهل هذه الزيارة التي كتمت أنفاس المواطنين وعطلت مصالحهم كانت من أجل المواطنين أم كانت لحاجة في نفس يعقوب قضاها ؟ ففي الوقت الذي تظهر فيه مآسي الفيوم على شاشات الفضائيات فيما يتعلق بالبنية الأساسية والحاجات الملحة كمياه الشرب ومحطات الصرف الصحي والفقر الشديد والاحتياج الأشد لأساسيات الحياة ، تنفق الملايين على أرصفة الشوارع التي اشتكت إلى ربها من معاول التوسيع تارة والتضييق تارة أخرى حتى أصبحت مثارا لسخرية المواطنين
أعتقد أن هذه الزيارة لم تقتصر أضرارها على المواطنين فحسب بل مدت بأجنحتها وألقت بظلالها على الزائرين من حيث أظهرت حجم الرعب الشديد الذي أدى إلى كل هذه الحراسات بكل هذه الأسلحة من مواطنين بسطاء عزل لا حول لهم ولا قوة وقد أنهكتهم ضآلة مواردهم وقلة حيلتهم وهوانهم على زائريهم .
وإن كان قص الشريط يؤدي إلى كل هذا ويكشف عن كل هذه الأمور فلتفتح المشاريع أبوابها دونما شريط أو شروط ، والفضل محفوظ لأهله وأصحابه ، أو تفتتح بالفيديو كونفرانس حتى لا نرهق الزائرين والمزورين ولا تتعطل مصالح المواطنين ، ويزول رعب الزائرين ، ونوفر الملايين للمحتاجين والمحرومين.
ولعل هذه التداعيات الأمنية ودهان أعمدة الكهرباء ، وتعطيل حركة المرور ، وتعبيد الطرق ، وتنظيف الواجهات كان من قبيل يقظة الضمير ، وتحسبا للسؤال التاريخي المتوقع ، لمَ لم تفسح لها الطريق يا عمر؟!

تكريم الفائزين

Posted by حسام خليل in ,


















حبيبي الشاعر فؤاد الفائز بجائزة الفصحى









الشاعرة إيمان الروبي الفائزة بجائزة قصيدة النثر





الشاعرة نادية الكيلاني الفائزة بجائزة القصة القصيرة


أليس الصبح بقريب

Posted by حسام خليل in

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد..

فقد كانت فلسطين ولا تزال محورَ الصراع العالمي منذ أن فتح الله القدسَ وتسلم مفاتيحَها عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه، منذ ذلك الوقت وأعداء الأمة يديرون الصراع من وقت لآخر، همُّهم وهدفُهم أن يُخرجوا أهل فلسطين مرَّةً أخرى من الأرض التي بارك الله حولها.



حاول الصليبيون في حروب صليبية استمرت قرابة قرنين من الزمان، ذهبوا بعدها كما ذهب غيرهم من الظالمين، ثم جاءت العصابات الصهيونية التي غرسها الغربُ الاستعماريُّ في قلب الأمة في فلسطين، وعملوا على تفريغها من أهلها، والاستيلاء على ممتلكاتهم مسلمينَ ومسيحيينَ وتهديد مقدساتهم.



الكيان الصهيوني لا يمكنه البقاء إلا بحبل من الناس:

الحقيقةُ أن الصهاينةَ أذلُّ وأضعف من أن يكونوا قوةً لا تُقهر، كما يحاولون أن يروِّجوا لأنفسهم ويروِّج لهم المنهزمون نفسيًّا من بني جلدتنا، وقد وصف القرآن الكريم جُبْنَهم وصفًا واضحًا ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنْ اللهِ وَحَبْلٍ مِنْ النَّاسِ﴾ (آل عمران: من الآية 112).



ولولا هذا الحبل من الناس المذكور في القرآن لكان للأمة مع هذا الكيان اللقيط شأنٌ آخر، فما هذا الحبل من الناس؟ إنه اسم جنس يأخذ صورًا متعددةً:

1- أول ذلك: حبل أعداء الإسلام قاطبة، فالدولة الصهيونية لا تملك مقومات الدولة المستقرة الآمنة، وإنما تعتمد على الدعم المعنوي، والسياسي، والإعلامي، والاقتصادي، والعسكري من الغرب والشرق، والأموال تُصبُّ على الكيان الصهيوني صبًّا، والمواقف السياسية الظالمة المدافعة عنهم تُعلن علنًا، وهذا سببٌ عظيمٌ من أسباب قوتهم وبقائهم، رغم ضعف بنيانهم، وجُبْن نفوسهم، ورغم كثير من مشكلاتهم.



لقد رأينا وعد "بلفور" الذي أعطاه من لا يملك لمن لا يستحق، ورأينا تدريبهم في كتائب جيوش الحلفاء في الحرب الثانية، ورأينا المسارعة الأمريكية والسوفيتية بالاعتراف بدولتهم قبل مرور ثلاث دقائق على إعلانها، إلى غير ذلك من صور الدعم العسكري والسياسي اللا محدود.



ولكن مهما بدا حبل أمريكا وأوروبا لهم ممدودًا طويلاً فإنه لا يلبث أن ينقطع ليرجعوا إلى ما كتبه الله عليهم من الذلة والمسكنة والعجز بإذن الله؛ بسبب ما يرتكبون من مظالم ومخازٍ يندى لها جبين الإنسانية.



2- أما الحبل الثاني- للأسف- فهو حبل الضعف والخور والذل والخنوع وزعزعة اليقين والإيمان في نفوس العرب والمسلمين، ثم ما نشأ عنه من ممالأة ومداهنة بعض أنظمة الحكم لهم، بل المعاونة والاشتراك معهم في بعض جرائمهم، بل الأخطر من ذلك تسويق التصور الخاطئ بأن الصهاينة المغتصبين يمكن أن يتم التعايش معهم فعلاً، في الوقت الذي يكشف لنا القرآن العظيم ما يؤكده الواقع المشاهد- فضلاً عن التاريخ البعيد والقريب- عن طبيعتهم وحقيقة مشاعرهم تجاهنا ﴿هَاأَنْتُمْ أُوْلاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمْ الأَنَامِلَ مِنْ الغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119) إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120)﴾ (آل عمران).



فضلاً عن دأبهم في تبادل الأدوار في نقض العهود ﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (100)﴾ (البقرة)، ولكن بعض العرب لا يتعظون ولا يتعلمون ولا يعقلون.



الكيان الصهيوني إلى زوال:

إن هذا العلو الصهيوني مؤقت، وهو استثناء من القاعدة، ولو تُركوا لأنفسهم دون حبل من الناس لعادوا إلى طبيعتهم من الذلة والمسكنة, والضعف والعجز، فهم لم يظهروا على أمتنا بقوة ذاتية فيهم، بل ما انتصروا إلا بضعفنا وخورنا، وقد قيل: إذا وضعت يدك على جدار متصدع فسقط فليس ذلك دليلاً على قوة اليد، بل هو من تصدع الجدار.



لقد كشف القرآن عن جُبنهم في وضوح فاضح ﴿لأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنْ اللهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (13) لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى﴾ (الحشر).



وكلما أتيح للمجاهدين من أبناء الأمة أن يدخلوا حربًا حقيقيةً معهم لم يثبتوا أمام جنود الحق ﴿لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمْ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (111)﴾ (آل عمران)، وما فعله ويفعله أحفاد البنا والقسّام وأبناء ياسين والرنتيسي وكل قوى المعارضة الأطهار الأبرار مع العدو الصهيوني من أقوى البراهين المعاصرة على نهاية هذا العلو، وتعرية المزاعم بقوة الكيان الصهيوني التي لا تُقهر!.



الطريق إلى إنقاذ القدس وفلسطين:

لا شك أن صبحَ النصر قريبٌ، وساعة الخلاص من هذا الجسد الغريب المغروس ظلمًا في قلب أمتنا آتيةٌ لا ريب فيها، بعد أن بدأت الأمة تستعيد وعيها، وصارت جماهير الأمة في كلِّ مكان قادرةً على تمييز الطيب من الخبيث، ولن يكون من السهل على الأنظمة المتخاذلة أن تستمر كثيرًا في تضليل الجماهير، بعد أن انكشف في جنوب لبنان وغزة أن النمر الصهيوني هو نمر من ورق، لكن علينا:

1- البدء بعملية التغيير في نفوسنا أولاً, ببناء إنسان العقيدة المسلم, الذي يُحقق العبودية لله تعالى في نفسه، ويثق بوعد الله، فترتبط الأمة بالله تعالى ارتباطًا إيمانيًّا قويًّا ثابتًا، تستمدّ من قوته قوةً تزيل ضعفها، ومن عزَّته عزةً تَذهب بذلَّتها، ومن إرادته إرادةً تقوِّي بها عزيمتها وتتغلَّب بها على عجزها، وتواجه الطابور الخامس من المثبطين والمخذلين، وبهذا الأساس الصلب يستطيع جيل النصر إنقاذ بيت المقدس, وذلك هو الوصف الذي وصف به النبي صلى الله عليه وسلم جيل النصر حين قال: "لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ، يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ" (مسلم).



يا مسلم.. يا عبد الله.. فلا يحقق وعدَ الله إلا مسلمٌ استحق وصف العبودية الخالصة لله، وسبيل ذلك: التربية المتوازنة على العقيدة الصافية التي لا تكدرها شائبة, وعلى الإسلام الشامل، دون تجزئة, أو نسيان حظ مما ذُكِّرْنا به.



2- السعي الدءوب لوحدة الأمة على كلمة سواء ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا﴾ (آل عمران: من الآية 103)، وقد أثبت الإسلام صلاحيته لتوحيد شعوب مترامية المسكن, مختلفة الأجناس, صَهَرَهم في بوتقة واحدة, وأبدع بهم حضارة أسعدت الشرق والغرب، ونشرت الخير في الدنيا، وحفظت الحقوق العربية والإسلامية.



ولنا في تاريخنا الوسيط العبرة والدرس عندما قام صلاح الدين الأيوبي بتحرير القدس وتطهير البلاد من الوجود الصليبي الذي استمر نحو مائتي سنة.



3- دعم ما يقوم به شباب الجهاد في فلسطين من عمليات فدائية، أفزعت الصهاينة، وأقضّت مضاجعهم، حتى أبلغت قلوبهم حناجرهم، وها هم الصهاينة في تراجع، والحق في تقدُّم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ، على عَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلا مَنْ نَاوَأهُم" (لا يضرهم أن إخوانهم يخذلونهم، والدول القريبة منهم تخذلهم، بل تقف ضدهم وتناوئهم)، وهذه بشارة للمجاهدين في أرض الرباط "حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: "بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ" (أحمد)، إن دعم أهل القدس بالمال والعتاد وكل صور الدعم واجبٌ مقدسٌ، وليس بالتطبيع مع العدو الصهيوني والسعي إلى ممالأته.



4- السعي إلى كسب رأي عام عالمي شعبي لصالح القضية الفلسطينية، عَبْر شرح أبعاد القضية لشعوب العالم، والعمل مع كافة منظَّمات المجتمع المدني في سائر الدول، والعمل على بناء قاعدة إعلامية قادرة على مواجهة الإعلام الصهيوني المضاد، وهو أمر صار يؤتي أُكُله، وفي هذا الصدد فإننا نحيي الأحرار في أوروبا وفي العالم الذين يقودون حملات شريان الحياة، ويصرُّون على الوصول إلى غزة هاشم، وإعلان الوقوف إلى جوار الفلسطينيين أصحاب الحق.



إن التضحيات العزيزة والدماء الزكية الطاهرة التي قدَّمها شباب فلسطين هي ضريبة النصر القريب بإذن الله ﴿فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا (51)﴾ (الإسراء).

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين... والله أكبر ولله الحمد.

د / محمد بديع

الدولة المدنية.. دينية أم لا دينية؟

Posted by حسام خليل in



في عملية ترويج منظم، قامت قطاعات واسعة من النخب العلمانية بالترويج لفكرة الدولة المدنية، في مواجهة ما سمي الدولة الدينية. وأصبحت الدولة المدنية شرطا من شروط العمل السياسي، فمن يقبل بها يحق له العمل في المجال السياسي، ومن يرفضها يرفض من المجال السياسي، وتعزله النخب، وكأن لها سلطة تحديد من يتمتع بالحرية السياسية ومن يحرم منها. وتعبير الدولة المدنية له وقع إيجابي بالطبع، ولكن أهم ما ميزه عدم تحديد تعريف واضح له، حتي يظل تعبيرا فضفاضا، يسمح باستخدامه بمعانٍ متعددة. ورفعت النخب العلمانية شرط الدولة المدنية في وجه الحركات الإسلامية، باعتباره شرطا للتعاون أو التنسيق بينهما. ثم تكرر الحديث عن عدم التزام الحركة الإسلامية بالدولة المدنية، خاصة جماعة الإخوان المسلمين، لأنها هي التي تمارس عملاً سياسيًا. أما بالنسبة لبقية الحركات الإسلامية، خاصة التيار السلفي، فهو متهم بالطبع من قبل النخب العلمانية بعدم الإيمان بالدولة المدنية.
ثم نجد جدلا بين النخب العلمانية حول مدي إيمان جماعة الإخوان المسلمين بالدولة المدنية، فمنهم من يري أنها آمنت بالدولة المدنية، أو قبلت الدولة المدنية، ومنهم من يري أنها لم تؤمن بالدولة المدنية، وأنها تعمل من أجل دولة دينية، ومنهم من يري أن مفهوم الدولة المدنية لدي جماعة الإخوان المسلمين ملتبس وغير واضح. وجملة هذه المواقف تجعل النخب العلمانية هي الوصي الرسمي لمفهوم الدولة المدنية، وهي واضع الامتحان، الذي يحق له امتحان الحركات الإسلامية، وتحديد الدرجة النهائية لها، وبالتالي يمكنه منحها صك النجاح أو صك الفشل والرسوب.
والواضح أن قطاعا معتبرا من النخب العلمانية يمارس دور محاكم التفتيش بأسلوب حديث، ويجعل من الحداثة الغربية كتابا مقدسا، ومفاهيم مطلقة لا يجوز الخروج عليها، مما يجعل النموذج الغربي العلماني الليبرالي هو الكتاب المقدس للسياسة، وبالتالي تصبح النخب العلمانية الليبرالية هي الوصي علي تعاليم الليبرالية الغربية المقدسة، وهي التي تمنح صكوك الغفران السياسية، لتحدد من يحق له العمل في المجال السياسي، ومن يحرم من هذا الحق وتستباح كل حقوقه المدنية والسياسية. وتلك هي ملامح العلمانية المستبدة، وملامح الدولة الدينية العلمانية، التي تحكم بالحق المطلق غير الإلهي، وتعطي لنفسها سلطة الحكم المطلق.
مدنية الدولة لا خلاف عليها، وجماعة الإخوان المسلمين، وكل الحركات الإسلامية، لم تعرف فكرة الدولة الدينية المستبدة، والتي تحكم بالحق الإلهي المطلق، ولم تعرف بالتالي الحاكم الذي يحكم باسم الله. والدولة المدنية هي دولة المجتمع، وهي وكيل عنه، تلتزم بقيمه ومرجعيته، ويقوم الحكم فيها علي الوكالة عن المجتمع، ويصبح الحاكم وكيلاً، والدولة وكيلة. وفي الدولة المدنية لا مكان للاستبداد أيا كان نوعه أو مبرره، وفي الدولة المدنية أيضا لا مكان للحكم العسكري أو الديكتاتوري. الدولة المدنية إذن، هي دولة تقوم علي ولاية الأمة، وعلي مبدأ أن الأمة مصدر السلطات، وفيها تختار الأمة مرجعيتها ودستورها، وتختار حاكمها وممثليها. ولا خلاف بين التيارات السياسية حول تلك الدولة، ولكن ممارسات بعض النخب العلمانية تهدم أسس الدولة المدنية، عندما تضع شروطا لمدنية الدولة، يتضح منها أنها دولة مدنية، ولكن علمانية، وتلك هي المشكلة.
فالدولة المدنية متفق عليها، ولكن مرجعيتها مختلف حولها، فالبعض يراها مرجعية بشرية لا دينية، وهم النخب والتيارات العلمانية، والبعض يراها مرجعية إلهية دينية، وهم الحركات الإسلامية، ومنهم جماعة الإخوان المسلمين. والاختيار إذن، بين دولة مدنية دينية، وبين دولة مدنية لا دينية. وهنا لا ينبغي لطرف أن يدعي لنفسه حق الاختيار نيابة عن المجتمع، ولا ينبغي لطرف أن يفرض الوصاية علي الأطراف الأخري، أو يفرض الوصاية علي المجتمع. فالدولة المدنية الدينية لا تقوم إلا في مجتمع يغلب عليه الطابع المدني الديني، والدولة المدنية غير الدينية، لا تقوم إلا في مجتمع يغلب عليه الطابع المدني غير الديني. فالدولة الإسلامية تقوم في المجتمع الإسلامي، والدولة العلمانية تقوم في المجتمع العلماني، والمجتمع هو صاحب الحق في اختيار مرجعيته.
والحرية الحقيقية، هي الحرية التي تمكن المجتمع من اختيار مستقبله الذي يتمناه، ومادمنا نعيش أزهي عصور الاستبداد، فالحل يكمن في تحرير إرادة المجتمع حتي يختار المرجعية التي يريدها. وإذا كانت النخب والتيارات السياسية تريد تحقيق الحرية للمجتمع، وتريد التنسيق فيما بينها لتتعاون من أجل مواجهة الاستبداد، فعليها أن تؤمن أولا بحق المجتمع في اختيار مرجعيته، وهو أول شروط الدولة المدنية. أما الدولة المدنية التي تفرض العلمانية علي الجميع، وتفرض العلمانية علي المجتمع، فليست بدولة مدنية. والملاحظ أن التيار الإسلامي، ومنه جماعة الإخوان المسلمين لا يطلب من التيارات الأخري الالتزام بالشريعة الإسلامية، لأنه يري أن تحرير إرادة المجتمع يجعل المجتمع صاحب القرار، فلماذا تطلب بعض النخب العلمانية من جماعة الإخوان المسلمين الالتزام بشروط علمانية، تحت لافتة الدولة المدنية؟
إن العديد من المواقف يظهر خوف النخب العلمانية أو بعضها علي الأقل من أن الحرية سوف تسمح للمجتمع باختيار مرجعيته، والتي قد تكون المرجعية الإسلامية، في حين أن التيارات الإسلامية لا تخشي إعطاء الحرية للمجتمع لاختيار مرجعيته، لأنها تتصور أن المجتمع سوف يختار المرجعية الإسلامية، أو أنها تقدر علي العمل داخل المجتمع لإقناعه بالمرجعية الإسلامية، وتلك هي المشكلة الأساسية. فالتيار الإسلامي يبني مشروعه من أسفل، معتمدا علي إيمان الناس بمشروعه، أما التيار والنخب العلمانية فتبني مشروعها من أعلي، معتمدة علي دورها النخبوي، وكأن هذا الدور يعطيها حق اختيار ما تراه مناسبا للمجتمع. ومن هنا تبدأ الأزمة، فخوف النخب العلمانية من اختيارات المجتمع، يجعلها غير صادقة في إيمانها بالديمقراطية، مما يجعل البعض منها يربط بين الديمقراطية والعلمانية والليبرالية، لدرجة تجعل العلمانية شرطا لتحقق الديمقراطية، وبالتالي تصبح العلمانية شرطا لتحقيق الحرية للمجتمع، فلا يحصل المجتمع علي حريته إلا إذا انحاز للعلمانية. وإذا كانت الديمقراطية في أصلها كفلسفة ترتبط بالعلمانية والليبرالية، فالديمقراطية كآلية لتحقيق حق الأمة في اختيار مرجعيتها ودستورها وحاكمها وممثليها، لا ترتبط بالعلمانية من أي وجه، فهي أداة ووسيلة لتحرير إرادة الأمة، حتي تحدد اختياراتها بحرية، وإذا كانت الديمقراطية لا تجوز إلا بالتزاوج مع العلمانية، فمعني هذا أن الديمقراطية تفرض وصاية علي المجتمع، وتحدد له خيارا واحدا إجباريا، وهنا تصبح الديمقراطية معادية للدولة المدنية، وتصبح أسلوبا لبناء دولة استبدادية، تتيح للنخب العلمانية الهيمنة علي النظام السياسي.
إن فك الارتباط بين الديمقراطية والعلمانية ضرورة، حتي تصبح الديمقراطية هي الآلية المتفق عليها لتنظيم العمل السياسي، بما يسمح بالتداول السلمي للسلطة، ويسمح للمجتمع بأن يكون صاحب الولاية الأصلية في اختيار مرجعيته. وموقف النخب العلمانية، الذي يجعل من الدولة المدنية عنوانا للدولة العلمانية، هو الذي يدفع بعض التيارات الإسلامية لرفض الديمقراطية جملة، واعتبارها نوعا من الكفر. ولكن عندما تكون الديمقراطية آلية لاستخلاص إجماع الأمة، تصبح بذلك قاعدة للعمل السياسي يرضي بها الجميع، وتصبح الدولة المدنية متفقًا عليها، فيصبح الاختلاف حول مرجعيتها، وهل تكون دينية أم لا دينية، وهو اختلاف يحسمه المجتمع، لأنه صاحب الحق الوحيد في اختيار مرجعيته.

د. رفيق حبيب

رسالة إلى العمال في عيدهم.. مايو 2010م

Posted by حسام خليل in

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد..

فالعمل في الإسلام سنة الحياة، وقانون الوجود، وطريق السعادة في الدنيا والآخرة، وقد حثَّ الإسلام على العمل والسعي والنشاط والحركة حتى تمضيَ سنة استخلاف الإنسان في الأرض وتعميره لها في يسرٍ وسهولةٍ وفي وضوحٍ وجلاءٍ.

ولقد رفع الإسلام العمل إلى منزلة رفيعة سامية؛ حيث جعل العمل الصالح في المرتبة الثانية بعد الإيمان بالله فقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (30)﴾ (الكهف).

ولم يفرِّق الإسلام بين العمل الفكري والعمل اليدوي؛ بل اعتبر الأخير أساسًا للحياة وأفضل أنواع الرزق، فقال صلى الله عليه وسلم: "ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده"، ومما أشارت إليه السنة أن الأنبياء عليهم السلام- مع علوِّ درجتهم- كان العمل طريقهم، فآدم احترف الزراعة، ونوح احترف النجارة، وداود احترف الحدادة، وموسى احترف الكتابة، فكان يكتب التوراة بيده، وكلٌّ منهم قد رعى الغنم، وكان زكريا عليه السلام نجَّارًا، ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ حياته راعيًا للغنم وفي شبابه عمل في التجارة.

وقد تأصَّل حب العمل عند المسلمين حتى لنرى قادة الفكر منهم يلجئون إلى العمل اليدوي ولا يجدون غضاضةً في ذلك، فكان الفقيه القُدُّوري يشتغل بصناعة القُدُور، وكان الفقيه الخصاف (الذي ألَّف كتاب الخَرَاج) يعيش من خصف النعال، ونسب الثعالبي- رأس المؤلفين في زمانه- إلى الثعالب لأنه كان فرَّاء، والزّجّاج عالم اللغة كان يعمل خراطًا للزجاج.

وفي الحديث الشريف يقول صلى الله عليه وسلم: "من أمسى كالاًّ من عمل يده أمسى مغفورًا له"، وأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد عامل خشنة وهو يقول: "هذه يد يحبها الله ورسوله".

ولقد كانت ساحة العمل والعمال من الساحات التي أولاها الإخوان المسلمون- ولا يزالون- اهتمامًا كبيرًا وعنايةً عظيمةً، انطلاقًا من تأكيد الإسلام أهمية العمل والعطاء، والبذل والتضحية ومن منطق تكريمه الأيدي العاملة ودفعه الناس للسعي في الأرض يبنون ويشيدون وينشرون الخير والنور ويبذلون العرق والجهد، وصولاً إلى العيش الكريم الحلال، ويعطون البشرية المثال والقدوة ويجمعونها على البر والتقوى.

ولقد ربَّى الإخوان المسلمون أجيالاً على كل الساحات، ومنها ساحة العمل والعمال، وتركوا البصمات على صفحات تاريخ هذا البلد خاليةً من الشوائب أروع وأنقى ما تكون؛ فكان من العمال الذين تربَّوا وترعرعوا في مدرسة الإخوان المسلمين مجاهدون ضحَّوا بالأرواح دفاعًا عن الأرض والعرض، كما كان منهم النماذج الرائعة في النهوض برسالة ودور العامل في العطاء والإنتاج والحرص على المال العام وإيثار المصلحة العامة وإنكار الذات.

وقد كتب الإمام البنا رسالةً خاصةً، تحضُّ على العمل عنوانها: "نحن قوم عمليون؟!" أي نعتمد على الأعمال لا على الأقوال، كما وجَّه البنا الإخوان إلى العمل والإتقان فيه، فقال فـي رسالة "التعاليم":

- أن تزاول عملاً اقتصاديًّا مهما كنت غنيًّا.

- وأن تقوم على العمل الحر مهما كان ضئيلاً، وأن تزج نفسك فيه مهما كانت مواهبك العلمية.

- وأن تحرص كل الحرص على أداء مهمتك من حيث الإجادة والإتقان وعدم الغش وضبط المواعيد.

إن الإتقان والأمانة والوفاء بالوعد وتجنُّب الكذب والخداع والغش.. كلُّ ذلك من القيم التي سادت مجتمعات العمال في القديم، والتي يعمل الإخوان على نشرها وترسيخها؛ حتى تصبح سمة المجتمع العمالي على الساحة العالمية.

وإذا كان العالم كله يحتفل في هذا الشهر (مايو) بعيد العمال ويكرِّم العامل ويعتبره أساس الحضارة وباني الأمم؛ فإننا نتألم حينما تنقلب الأوضاع في أوطاننا الإسلامية، وخصوصًا في مصر، فتتبدل القيم الخاصة بالعمال وينقلب الهرم الاجتماعي والطبقي؛ حتى أصبح العمال في الدرجة الأدنى من السلَّم الاجتماعي؛ يعانون الفقر، وضعف الأجور، والخروج إلى المعاش المبكر، وتحكُّم أصحاب المال والثروة في أقواتهم وأرزاقهم؛ حتى أصبحت مصر طاردةً للعمالة الفنية المتميزة، والتي سافرت أو هاجرت وعانت الويلات من سوء المعاملة في البلاد التي نزحوا إليها.

ورغم أن النقابات العمالية هي المنوطة بالدفاع عن حقوق العمال فإنها تخلَّت عن مصالح العمال، بل أصبحت سيفًا مصلتًا على رقابهم.

لقد طالبنا الإسلام العظيم بأن نعطي الأجير حقه قبل أن يجف عرقه، وتناولت المواثيق الحقوقية- سواء الصادرة عن الأمم المتحدة أو منظمة العمل الدولية- حقوق العمال في العمل دون تمييز، مع إعطائهم الأجر الكافي لتوفير الاحتياجات الأساسية لهم من مأكل وملبس ومشرب، وحمايتهم من البطالة، ورعايتهم وتدريبهم لإكسابهم المهارات اللازمة لمواجهة التطور، ولكنَّ العمال في وطننا الإسلامي افتقدوا كل ذلك، خصوصًا في الأقطار التي تمت خصخصة الشركات فيها وبيعها للأجانب بأبخس الأثمان.

لقد أمرنا الإسلام بتوفير الأمن الاقتصادي والمعنوي للعمال، وجعل الله تعالى من مننه على قريش ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)﴾ (قريش).

وإذا كان الجوع لا يزال شبحًا مرعبًا للطبقة العاملة في عالمنا الإسلامي فإن غياب الأمن أشدّ وقعًا على نفوس العاملين، سواءٌ في أوطانهم الأصلية أو في العمالة الوافدة إلى الأقطار التي منَّ الله عليها بالثروة البترولية.

فاستمرار حالة الطوارئ في مصر- والتي تجاوزت الثلاثين عامًا- هو انتهاكٌ خطيرٌ لحقوق الإنسان والعمال؛ حيث مُنعوا في ظلها من الحصول على حقوقهم المسلوبة أو التعبير السلمي بالتظاهر أو الإضراب، فضلاً عن الترشيح لعضوية النقابات، بل تمَّ اعتقال الآلاف والزجُّ بهم في السجون والمعتقلات.

وأخيرًا، أوجِّه ندائي إلى العمال في عيدهم بالحفاظ على قيم الإسلام في العمل، والعمل بمقتضاها، فإن المطالبة بالحقوق لا بد معها من الحفاظ على ما تبقَّى من منشآتنا ومصانعنا، والتي هي سبيل الدفاع عن الوطن وأمنه القومي والتصدِّي لمحاولات إهدار المال العام وإيثار المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، مع السعي للحفاظ على حقوق العمال وحمايتهم من الاضطهاد والتعسف.

والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل.

عيون الشورى

Posted by حسام خليل in

أعينيّ جودا ولا تجمدا
إذا الصبح أضحى بنا أسودا
وعاد الظلام بليل بهيمٍ
يقيم بدار الدنا سرمدا
ويجثم فوق صدور العبادِ
ويقتل كل ضياءٍ بدا
ويحبس عنا نسيم الهواء
ويحجب عنا طريق الهدى
أعينيّ هل تبصران طريقا
وهل من شعاعٍ به يُهتدى؟
ألا تبكيان لشعبٍ أصيلٍ
ومن مستبدٍ عليه اعتدى؟
بقهر الرجالِ وقمع النضالِ
وإخماد صوتٍ قوي الصدى
كصيد يحاول كسر القيودِ
وقد أنهكته سهام العدا
يعاني حزينا من الظلم يبكي
ولو كان حرا طليقا شدا
فكم بات يرجو الحياة ضياءً
وكم كان يسعى لها جاهدا
يطير فيهوي بسوط اصطدامٍ
وفي كل شبرٍ يرى صائدا
فما أسعدوهُ وما أطلقوهُ
ليختار حرا له قائدا
إذا الشعب يوما أراد الحياةَ
أذاقوه ذلاً عذاب الردى
أقاموا انتخابا لمجلس شورى
وقالوا نزيها سيُجرى غدا
وقد زوروهُ لمن رشحوهُ
وضاعت إرادة شعبي سدى
ولكنّ صوت الأذان ينادي
بفجرٍ فلبّى الرجال الندا
وقاموا سريعا لإيقاظ شعبٍ
وقد جاوز الظالمون المدى
إذا استيقظ الشعب يوما تلاشى
ظلام الفساد بنور الهدى

منتدى عاطف الجندي

Posted by حسام خليل in


الروح تسبح في نهر من السحبِ
بين النجوم بلا حذر من الشهبِ
تشتاق للموج يغزوها وقد غرقت
تهتز في نشوة من سكرة الطربِ
في هدأة من سكون الليل راودها
وحيٌ أتاها بآيات من الكتبِ
غابت عن الوعي بالإدراك وانصرفت
حسناء في خدرها فرت من الصخبِ
لو شبت النار تسري في مفاصلها
تسهو بأشعارها عن شدة اللهبِ
من يجمع الشهد لا يثنيه حارسهُ
مهما تحدّى بأنياب من الكربِ
فالروح تسمو بعيدا حين يخطفها
خيطُ تخطّى حدود الغيب من حجبِ
ها قد أتت بعدما غابت بمسكنها
قد عبأت شهدها المجني في علبِ
تختال في صبحها والشمس تنشره
تهديه في صحبة من أفضل النخبِ
أبيات شعر بأنوار الهدى كتبت
يشتد في نطقها من سحرها عجبي
تلقيه في قصرها والحب يجمعنا
في منتدى عاطف الجنديّ للأدبِ

رابط القصيدة الفائزة بالجائزة الأولى

رحماء بينهم

Posted by حسام خليل in

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.. وبعد؛

فإن أمتَنا الإسلاميةَ مهما ضعُفتْ وتفرقتْ فإنَّ مجموعَها العامَ يظلُّ وفيًّا لدينه ووطنه، رافضًا للمساومة على عزته وكرامته، ومستعصيًا على كل محاولات التقطيع والتفريق، على حد وصف الله تعالى لخير أمة ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ (الفتح: من الآية 29)، وقوله تعالى في وصف الذين يحبهم ويحبونه: ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ (المائدة: من الآية 54).

وهذا المزج بين الشدة واللين، وبين العزة والذلة في الشخصية المسلمة يكشف عن التوازن الرائع، فلا الشدة في كل مقام محمودة، ولا الرحمة، بل المحمود أن يكون الإنسانُ شديدًا في موضع الشدة، لينًا في موضع اللين، عزيزًا أبِيًّا حين يقف أمام أعدائه والمتربصين بأمته، فينظر إليهم نظرة العزيز الغالب؛ لا نظرة الضعيف الخانع، ذليلاً متواضعًا خفيض الجناح حين يتعلق الأمر بإخوانه وبني جلدته، يفيض قلبُه حُنُوًّا وشفقةً عليهم، وبذلك يحقق توجيه النبي صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى" (مسلم).

أعداؤنا هم من يعتدون علينا:

إن المسلم مطالب بالإحسان لجميع الناس ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ (البقرة: من الآية 83)، وهذا يعم جميع الناس، مسلمهم وكافرهم، باستثناء الكفار المحاربين للأمة والمعتدين عليها وعلى مقدساتها وحرماتها، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً﴾ (التوبة: من الآية 123) ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)﴾ (البقرة)، وكذلك من أجل رفع الظلم عن غيرنا ممن يستنجدون بنا ﴿وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75)﴾ (النساء).

أما غير المحاربين لنا والذين لم يعادونا ولم يقاتلونا فإن الله تعالى يقول: ﴿لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ﴾ (الممتحنة: من الآية 8)، والبر المأمور به في الآية يشمل كل أنواع البر.

وقد تواترت الأخبار من تاريخ هذه الأمة الكريمة عن الإحسان إلى غير المسلمين، وخصوصًا مواطنينا وجيراننا وشركاءنا من النصارى؛ حيث اختلطت دماؤنا بدمائهم في الدفاع عن الوطن، وامتزج عرقنا بعرقهم في بناء نهضته وحضارته.

اختلال الميزان وتراجع الأمة:

لقد أهمل كثير من أبناء أمتنا هذه الثوابت الإسلامية والإنسانية الواضحة، فصاروا أعزة على المؤمنين أذلة على الكافرين، أشبه بما وصف به النبي صلى الله عليه وسلم الخوارج الذين: "يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ" (الشيخان)، وهذا مما شجع الصهاينة وغيرهم على استباحة بلادنا ومقدساتنا.

لهذا ترى اليوم دماءنا تُراق رخيصةً بلا ثمن، وديارنا تُهدم بلا ثمن، وأرواحنا تُزهق على وهن ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ (الشورى: من الآية 30)، فالذل والهوان الذي تعيشه أمتنا هو بما كسبناه نحن بأيدينا، وفعلناه بأنفسنا، وإذا ما رجعنا إلى ديننا وثوابتنا، وحرصنا على كرامتنا فسيعود لنا مجدنا وعزتنا، على حد قول الفاروق: "إنَّا قَوْمٌ أَعَزَّنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ فَلَنْ نَلْتَمِسَ الْعِزَّةَ بِغَيْرِهِ" (الحاكم).

العفو عن العدو والشدة مع الإخوان:

يستبد بالعقلاء في أمتنا العجب، وهم يرون بعض الحكومات تحرص في برود عجيب على الصفح والعفو عن كل الجرائم التي يرتكبها صهاينة ضدنا وفي عمق بلادنا، ويسرعون بتسليم أي مجرم صهيوني إلى الإدارة الصهيونية معززًا مكرمًا، حتى من دون طلب محاكمة، بل وممارسة أقصى (وأقسى) درجات ضبط النفس مع الاعتداءات الصهيونية المتكررة، بدعوى تشجيع عملية السلام التي تطلق الإدارة الصهيونية عليها يوميًّا عشرات القذائف القاتلة في استهتار عجيب بحكوماتنا وشعوبنا، بل بكل القوانين والمواثيق الدولية.

ويشتد العجب حين ترى نفس هذه الحكومات اللطيفة جدًّا مع العدو، لا تتوقف عن إظهار القسوة بشكل مستمر ومستفز على شعوبها وبني أوطانها، فتفرض الطوارئ وتصادر الحريات وتعتقل الشرفاء وتلفق القضايا للوطنيين المصلحين، وتقيم المحاكم العسكرية والاستثنائية، وتستصدر الأحكام القاسية على كل من يساعد أو يحاول أن يساعد المجاهدين والمقاومين، وكان من أواخر ذلك تلك الأحكام القاسية المفاجئة ضد المجموعة التي كانت تحاول تقديم الدعم اللوجيستي للمقاومين في غزة، ولئن كانت تلك المجموعة قد أخطأت بالتعدي على سيادة الدولة المصرية، فقد كان مما يشفع للتخفيف عنها حسنُ نيتها ورغبتها الصادقة في مساعدة إخواننا في غزة، لا سيما وأنها لم تمارس أي عمل من أعمال الاعتداء على مصر؛ لهذا كان من العجيب أن يتضخم الحديث عن السيادة الوطنية (التي نحرص عليها كل الحرص)، في الوقت الذي تغيب فيه تلك المصطلحات تمامًا حين يكون المعتدي صهيونيًّا ويمارس أدوارًا مشبوهة ضد مصر، خصوصًا وقد ضُبط معهم السلاح فعلاً.

دعوة إلى العفو عن كل المظلومين:

لهذا فإننا- مثلما دعونا دولاً عربية كالسعودية واليمن وليبيا للإفراج عن بعض المصريين الذين صدرت ضدهم أحكام في تلك الدول- ندعو الرئيس مبارك إلى عدم التصديق على تلك الأحكام القاسية، كما ندعوه لاستخدام صلاحياته الدستورية في العفو عنهم، وفي الإفراج عن كل المحبوسين السياسيين ظلمًا، بما في ذلك ضحايا المحاكم العسكرية غير الطبيعية.

إن العفو الواجب الذي يحبه الله والذي ندعو إليه هو الذي فيه إصلاح لأحوال الوطن والمواطنين ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ (الشورى: من الآية 40) أي: من كان عفوه مشتملاً على الإصلاح فهو المستحق للأجر من الله.

أما من كان عفوه إفسادًا لا إصلاحًا، بأن يعفو عن الصهاينة الذين اغتصبوا بلادنا وقتلوا وشردوا إخواننا؛ فإنه آثم بهذا العفو في حق وطنه ونفسه ودينه.

إننا نسأل العقلاء في أمتنا: هل العفو عن الصهاينة الذين يناصبوننا العداء، ويتجرءون على انتهاك مقدساتنا واغتصاب بلادنا وإهانة رموزنا بمن فيهم القضاة رموز العدالة في الأمة، يعد إفسادًا أم إصلاحًا؟

وفي المقابل نسأل العقلاء أيضًا: هل أَخْذُ ذوينا وبني ديننا وجلدتنا بالظن والتهمة وبلا بينة، وحرمانهم من المثول أمام قاضيهم الطبيعي وتقديمهم للمحاكم الاستثنائية والمحاكم العسكرية، واستصدار أحكام قاسية بحقهم غير قابلة للطعن، هل ذلك يحقق الإصلاح أم الإفساد؟

قد يتفهم البعض أن نكف أيدينا مؤقتًا عن أعداء أمتنا حتى نتهيأ لمواجهتهم، لكن في أي سياق يمكن أن نتفهم هذه الشدة المفرطة مع إخواننا وبني جلدتنا، في الوقت الذي نُظهر فيه لينًا مفرطًا في التعامل مع أعداء الأمة والمحاربين لها.

إنه لن يحفظ لنا هيبتنا، ولن يعيد لنا مكانتنا إلا أن نضع الأمور مواضعها :

حَلِيمٌ إِذَا مَا الحِلْمُ زَيَّنَ أَهْلَه مَعَ الحِلْمِ في عَيْنِ العَدُوِّ مَهِيبُ

والله أكبر ولله الحمد ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

د. محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين


مواصلة

Posted by حسام خليل in




مواصلة واحدة مركبتهاش
واللي ركبها راح مرجعش
بتروح بلاد ما رحتهاش
واللي سايقها سريعا مرش
أربع جهات بتسوق
وانا اللي راكب فوق
نايم متسلطن ع العرش
واحنا وراك
نفديك بالروح
مطرح مطروح
يا سايقنا ولفين ؟ معرفش
نعنشنا ومتستمنعش