الإمام البنا يتنبأ بالثورة

Posted by حسام خليل


النصر مع الصبر

Posted by حسام خليل in

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم ومَن والاه، وبعد..

الصبر الجميل خلق هذه الأمة:

يقول تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ (غافر:51)، فالنصر حيث الصبر، ليس في الآخرة فقط، وإنما يتحقق في دنيا الناس كذلك، فالصبر الذي ليس معه ضجر أو يأس أو قنوط، هو صبر الثابتين: في تصوراتهم حيث لا تشكيك ولا انصراف عن المبدأ، وفي أعمالهم فهم لا يستعجلون النتائج أو يتوقفون عن نهجهم، وفي استمرارهم حيث إنهم مستمسكون بمنهجهم وطريقهم، يقول تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ (الأنعام: من الآية 153).

فمن الصبر الجميل تحمل كل المشقات من أجل تحقيق نهضة أمتنا؛ حيث إن طريق البناء شاق، ومليء بالتحديات، وطبيعته الابتلاءات؛ ما يستلزم الثبات على المبادئ، والالتزام بالمنهج واليقين في وعد الله للصابرين ووعيده للظالمين المستبدين.

ومن الصبر الجميل ألا تؤثر الشكوك في الثابتين مهما تأخَّرت ثمار العمل ونتائج التضحيات، فنحن لا ننتصر لأشخاصنا، وإنما ننتصر لإسلامنا ودعوتنا ﴿فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (41) أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ (42) فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43)﴾ (الزخرف).. هذه هي الغاية، وهذا هو اليقين، وهذه هي الوسائل، وعلى المرء أن يسعى وليس عليه إدراك النتائج.

النصر غال وثمين:

إن هذا النصر الذي منَّ الله به على مصر، إنما جاء بعد أن دفع المصريون جميعًا بما فيهم الإخوان المسلمون ثمنه غاليًا جدًّا، فهو تراكم من المظالم الفادحة، وتراكم من التضحيات الغالية، فالإمام البنا ينادي الصابرين: "هل أنتم على استعدادٍ أن تجوعوا ويشبع الناس؟ وأن تسهروا وينام الناس؟ وأن تموتوا وتحيا أمتكم؟"، فهذا هو طريقنا، يقول تعالى: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ﴾ (محمد: من الآية 7)، ويقول تعالى: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ﴾ (الحج: من الآية40).

فمن الأنبياء مَن قُتل، ومنهم مَن أُخرج من دياره، ومنهم من عُذِّب، حتى تساءل البعض: أين وعد الله بالنصر؟ أما الذين كانوا على يقينٍ من وعد الله فقد رأوا بأعينهم النصر شاخصًا، يقول تعالى: ﴿وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ﴾ (الأعراف: من الآية 137)، ويقول تعالى: ﴿فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ (البقرة: من الآية 50)، وهذه سنن إلهية لا تتغير.. ﴿أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (16) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآَخِرِينَ (17) كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (18)﴾ (المرسلات).

وبعد زوال الطاغية المستبد الذي جثم على صدور أبناء مصر عشرات السنين رأينا لآيات الله مذاقًا خاصًّا ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)﴾ (آل عمران)، وكان قبل ذلك اليقين في القلوب أن الآية التي تليها من سنن الكون ﴿تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ (آل عمران) فلا بد لظلام الليل من فجر يتلوه، ولا بد لظلام الظلم من فجر للحرية يزيله ويكسر قيوده.

في انتظار (نصر الله الأكبر):

هذا النصر الذي جعله الله محبب إلى النفوس لأنه عاجل، يقول تعالى عنه: ﴿وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)﴾ (الصف)، هو الذي يدفعنا بحب إلى الإكثار من العمل، والتقرب إلى الله، والابتعاد عن معصيته؛ لأنه يمثل في حقيقة الأمر دفع الله للناس بعضهم ببعض يؤدي إلى إهلاك الله للفاسدين والظالمين والمستبدين، وهي سنة الله التي لا تتبدل، يقول تعالى: ﴿فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40)﴾ (العنكبوت).

فكل ما كان يتصوره الناس هزيمة، كالسجن والاعتقال والطرد والأذى والقتل، هو ذاته الذي كان يصنع النصر، فدم الشهداء هو في حقيقته انتصار في الدنيا والآخرة معًا، يقول تعالى على لسان الشهيد: ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27)﴾ (يس).

وهذا الذي يتمناه كل صادق صابر مجاهد "فزت ورب الكعبة".. ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾ (آل عمران: من الآية 185).

مهمتنا إزاء النصر:

إن البناء والنهضة، التي هي واجبات على أصحاب الرسالات وحملة الدعوات تمثل حجر الزاوية في مهمتنا الآن، يقول تعالى: ﴿عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ (الأعراف: من الآية 129)، والحفاظ على النصر وحراسة المكتسبات والاستمرار في المطالبة بكل الحقوق لجميع أبناء الشعب وفي مقدمتها الحرية والعدالة وكذلك الحذر من الغفلة في مواجهة الأعداء المتربصين في الداخل والخارج الذين يودون لو نغفل فيميلون علينا ميلة واحدة، ولكن الله عزَّ وجل خير حافظ وهو أرحم الراحمين، والتحرر من كل القيود، فلا حياةَ دون حرية، ولا حرية دون رسالة، فإن الناس جميعًا يموتون ولكنهم جميعًا لا ينتصرون، فالانتصار الحقيقي هو في هذا التحرر، الذي هو اختيار الله وتكريمه للمنتصرين وقمة الحرية هي في العبودية لله عز وجل وحده.

كل هذه المهام الواجبة تتطلب التضحية بأعظم ما نملك، وكان الله قد منَّ علينا بتأييده ثم نصره في ثورة 25 يناير، فإن هذا النصر قد وضع الأمةَ على بداية طريق النهضة والبناء، حتى تتحقق العزة والرفعة والتغلب على كل التحديات، يقول تعالى: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)﴾ (الصافات).

يا أبناء الأمة: يا من تحررتم ويا مَن في طريقكم للتحرر

- عليكم بالحفاظ على تأييد الله لكم، والأخذ بكل أسباب النصر فما النصر إلا من عند الله.

- وعليكم بالوقوف أمام التحديات التي تواجه الانتصار وتحاول سرقته، كالظلم والركون إلى الظالمين وارتكاب المعاصي والغفلة عن حراسة النصر الذي دفع فيه الشهداء دماءهم.

- وعليكم بعد انكشاف الباطل وزيفه أن تحافظوا على إحداث بيئة صالحة لإكمال رفعة الوطن، بلا استعجالٍ للثمار، أو قفزٍ للنتائج، متأسين بالقدوة صلى الله عليه وسلم، وقد قال له ربه تعالى: ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48)﴾ (القلم).

- وعليكم بالأخذ بكل وسائل استمرار هذا النصر، من التجرد والإخلاص لله تعالى، والتمسك بالمنهج والاستقامة عليه، والصدع بالحق بلا مداهنة أو خوف، والصبر والثقة في نصر الله، والاستفادة من كل تجارب النهضة فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها.

- وعليكم بالثبات أمام التحديات، حتى يكتبكم الله من الطائفة القائمة بأمر الله، يقول صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك" (متفق عليه).

- واعتزوا بدينكم ودعوتكم، فما من طريقٍ للعزة والكرامة والرقي في الدنيا، ولا طريق إلى رضى الله والجنة سواه، ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ (يوسف: من الآية 21).


التعديلات الدستورية.. ماذا لو قلنا: "نعم" وماذا لو قلنا: "لا"؟

Posted by حسام خليل

بقلم: د. هشام صقر

* ماذا لو اختار الشعب أن يقول "نعم" للتعديلات الدستورية يوم 19/3؟

أغلب التحليلات السياسية تؤكد ما يلي:

1- يتم العمل بهذه التعديلات لإجراء انتخابات برلمانية حرة نزيهة.

2- يقوم مجلس الشعب الجديد بتكوين هيئة تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد.

3- يقوم المجلس بمهامه في تعديل الحياة السياسية، وإرساء الديمقراطية والحريات، وما يلزم لذلك من تعديل أو سن بعض القوانين الجديدة لحين الانتهاء من الدستور الجديد.

4- تتم انتخابات رئاسية حرة نزيهة، ويصبح لمصر رئيس ومجلس منتخبان بطريقة صحيحة، فتكتمل الصورة الدستورية للحكم، ويكون البرلمان رقيبًا على الرئيس والحكومة.

5- إما أن يتم استمرار حكومة شرف (إن أحسنت الأداء في الفترة الحالية)، أو يتم تغييرها أو تعديلها بواسطة البرلمان.

6- يتم الانتهاء من الدستور الجديد، ومناقشته في مجلس الشعب، ثم طرحه للاستفتاء، وإقراره رسميًّا.

7- بعد إقرار الدستور الجديد، إما أن يستمر المجلس والرئيس لحين إتمام المدة القانونية، أو تُجرى انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة في ظل الدستور الجديد.

8- تدخل مصر عصرًا جديدًا من الحرية والديمقراطية والشفافية والنهضة.

* ماذا يحدث لو قال الشعب: لا للتعديلات الدستورية في 19/3؟

1- تُرفض هذه التعديلات، ولا يتم العمل بها، وبالتالي لا تتم أي انتخابات للمجلس أو الرئاسة في المدى القريب.

2- تدخل البلاد في احتمالات عديدة، أحلاها مرّ، وقد تعود بنا إلى نقطة الصفر، ومن ذلك:

1- أن يستمر الحكم العسكري لفترة زمنية غير محددة، وهذا يناقض فكرة الثورة تمامًا.

2- أو أن يتم اختيار هيئة تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد (من الذي يختار هذه الهيئة؟ ومن الذي يناقش عملها ويقره قبل طرحه للاستفتاء العام؟ وما المدى الزمني لعملها؟ ومن يراقب ذلك؟ وكيف تسير البلاد أثناء هذه الفترة)؛ فنكون بهذه الإجراءات قد عدنا إلى السلطة المطلقة والإجراءات الغامضة؛ تمهيدًا لدكتاتورية جديدة، وهذا يناقض فكرة الثورة تمامًا.

3- أو أن نختار مجلسًا رئاسيًّا مؤقتًا (من الذي يختار أفراده؟ ولماذا؟ وكيف؟ وماذا لو اختلفوا أو استقال أحدهم؟ وماذا لو فرض ممثل المجلس الأعلى للقوات المسلحة رأيه أو أصر عليه؟)، وهذا يناقض فكرة الثورة تمامًا.

4- أو أن تتم انتخابات رئاسية، فيأتي رئيس جديد مطلق الصلاحيات بدون دستور أو مجلس شعب منتخب يحاسبه، فنصنع دكتاتورًا جديدًا، وهذا يناقض فكرة الثورة تمامًا.

5- أو أن نتصور أن ميدان التحرير سيكون الحل لأية مشكلة صغيرة أو كبيرة، وهذا تكريس للفوضى وعدم الاستقرار، وغير مضمون النتائج، هذا إضافة إلى استمرار الثورة المضادة.

6- ومع عدم إنكار وجود بعض الملاحظات على التعديلات (غالبًا شكلية أو محدودة قليلة التأثير) فإن رفضها سيعرض البلاد لأزمة أكبر بكثير من هذه الملاحظات غير المتفق عليها.

* إننا نحذر الشعب- والشباب خاصة- مما سيترتب على رفض التعديلات كما سبق، ونرجو أن يوافق الشعب عليها، مع تحديد كل الضمانات والإجراءات المطلوبة بعد إقرار التعديلات، وقد سبق إعلان المجلس الأعلى عن الفترات الزمنية والإجراءات، والتي لا نريد، وليس في مصلحة الشعب، تأخيرها.

حسام خليل يتحدث في اذاعة القاهرة الكبرى

Posted by حسام خليل in