سيرة

Posted by حسام خليل in


يا ورد مين زيفك خلاك بقيت عيرة
رخصت ليه مسكتك وبأي تسعيرة
فين احمرار الخجل لما النسيم جالك
لو حب يستعطفك تقلب بتكشيرة
كان الحنين يقتلك لكن بتتمنع
تهرب على عفتك م الوجد والحيرة
كان الجمال كبرياء مش بس في المنظر
لكن جمال الأدب والعشرة والجيرة
والريحة كانت عجب الله عليك بيها
العطر كان من بعيد يسكر ولا البيرة
دلوقتي يا حسرتك معدش ليك ريحة
كل الإدين مسكتك ع الماشي تصبيرة
واللي مزاجه اتعوج شالك على كفه
بيشد بيك النفس يحبس بتعميرة
سبت الخسيس يقطفك وفرحت بالقطفة
وف لحظة كان جردك م النخوة والغيرة
فين راح جمال جوهرك يا لون على بلاستيك
هتفيد بإيه طلعتك بفينكة وضفيرة
معدش فيك الرجا لساك بتتمختر؟!
يا ورد سيبك بقى متفضها سيرة

السفير التركي يتسلم قصيدتي

Posted by حسام خليل in ,








وقد طارت من الأيكِ

حمامات لنا تحكي

دماء الطهر قد سالت

من الأبطال في الفلكِ

أصابتهم سهام الغد
---
ر والإجرام والهتكِ

فهاج البحر لن نخشى

من التهديد بالفتكِ

ولن نرضى حصار الحرِّ

لا نرضى سوى الفكِّ

ولن نرضى لأهلينا

بعيش الذل والضنكِ

سنأتيهم ونحميهم

ولو سرنا على الشوكِ

وبالأرواح نفديهم

فياقدساه لا تبكِ

أتى الأترك في جيشٍ

يناجي مالك الملكِ

أتى يقضي على ظلمٍ

من الإلحاد والشركِ

فبات الغدر في رعبٍ

من الإقدام والسفكِ

فصوت الزحف أمواجٌ

علت تدنو بلا شكِّ

سنصليهم بأيدينا

لظىً في أسفل الدركِ

فقومي غزتي هزي

جذوع النخل والأيكِ

فقد صارت عطاياها

دماءً حدثت عنكِ

فقري غزتي عينا

بنصر قد دنا منكِ

فقد طارت حماماتُ

بباقات من المسكِ

من الفيوم قد جاءت

تحيي شعبنا التركي

إرادة الأمة.. بين التزوير والتعذيب

Posted by حسام خليل in

رسالة من: أ. د. محمد بديع- المرشد العام للإخوان المسلمين

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومن والاه..

السنن الكونية تحذِّر من الفساد والانحراف

كثير من الحضارات سادت ثم بادت، فأصبحت حصيدًا كأن لم تغنَ بالأمس, وكل حضارة سيطر عليها نوع بارز من الانحراف الذي جرَّ عليها الوبال والدمار بعد أن أعرضت عن هدي الله, ولا يحدث ذلك إلا إذا انحرفت الأنظمة والأفراد عن هدي الله، واتبعوا أهواءهم، وطغوا وتكبَّروا، وسعوا في الأرض فسادًا، يقول الله عزَ وجلَّ: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (الروم: 41).

ولمَّا كانت أيدي الناس هي الأساس في الظلم والزور والتزوير؛ كان العقاب الإلهي بإذاقتهم بعض عملهم؛ حتى يعودوا إلى ربهم، ويمتنعوا عن الفساد والظلم والتزوير.

ألا وقول الزور

شهادة الزور هي أن يشهد الإنسان بغير الحق, فشهادة الزور سببٌ لزرع الأحقاد والضغائن في القلوب؛ لأن فيها ضياعَ حقوق الناس وظلمهم وطمس معالم العدل والإنصاف، ومن شأنها أن تعين الظالم على ظلمه، وتعطي الحق لغير مستحقيه، وتقوِّض أركان الأمن، وتعصف بالمجتمع وتدمِّره, ولذلك فقد ورد ذمَّها في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾ (الفرقان: 72)، ويقول تعالى: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ (الحج: من الآية 30)، ويقول تعالى: ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا﴾ (المجادلة: من الآية 2).

ويحذِّر الرسول صلى الله عليه وسلم من الزور وقوله والعمل به فيقول: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" (رواه البخاري)، وعن أبي عبد الرحمن بن أبي بكرة رضي الله عنهما عن أبيه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟: الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وكان متَّكِئًا فجلس، ثم قال: ألا وقول الزور, ألا وشهادة الزور, فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت" (رواه البخاري).

التزوير وقلب الحقائق

وشهادة الزور تؤدي إلى قلب الحقائق, ولذلك جاء في الحديث الشريف: "سيأتي على الناس سنوات خدَّاعات، يُصدَّق فيها الكاذب، ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن، ويُخوَّنُ فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة"، قيل: وما الرويبضة؟! قال: الرجل التافه في أمر العامة" (رواه ابن ماجة).

ولعل هذه الصفات تنطبق أشدَّ الانطباق على أيامنا هذه؛ التي صار فيها الحق باطلاً والباطل حقًّا، وصار الزيف والزور خُلُقًا شائعًا، وصار التافهون يتحدثون في عظائم أمور المسلمين, بل تُقلب الحقائق جهارًا نهارًا في كثير من المواقع، ولا يُستجاب للمخلصين الذين لا يبغون إلا الخير، فهل هذا إلا الزور بعينه؟! وإذا كانت شهادة الزور تعدل الإشراك بالله في حال كانت القضية تمس الفرد فما بالنا بتزوير إرادة الأمة؟!

إن الدول التي تزوِّر لا تبحث عن رضا الشعوب؛ حيث الشعوب لا وزن لها في حساباتها، وإنما تبحث عن رضا المزوِّرين الذين وقفوا بجانبها وساندوها، فهؤلاء يقومون بالتزوير، ثم تفتح لهم خزائن الدولة بعد ذلك للنهب والسلب, وفي كل الانتخابات التي تتم في بلدان العالم الحر إذا لم يفِ الحاكم بوعوده فإنهم ينتظرونه في الانتخابات التالية ليسقطوه, ولذلك فالحاكم يعمل لناخبيه ألف حساب، بينما في بلادنا لا يعبأ الحاكم بشعبه؛ لأنه لا يستمد منه شرعيته، وإنما يستمدها من المزوِّرين.

التزوير وشرعية النظام

على الرغم من أن مصر عرفت الانتخابات البرلمانية وتداول السلطة في ظل دستور 1923م فإنه منذ ثورة يوليو 1952م وحتى الآن لم تُجرَ انتخابات نزيهة ولو مرةً واحدةً، بل كانت جميعها مزوَّرةً، ولا تعبر عن هيئة الناخبين، ولا تسفر إلا عن التأييد الساحق لمرشحي الحكومة، سواءٌ كانت الانتخابات رئاسيةً أو تشريعيةً أو محليةً.

واللجوء إلى التزوير عادةً يسبقه انحراف تشريعي بإصدار تشريعات تنظِّم الانتخابات، وتخالف الدستور، وتهدف إلى استمرار الحزب الحاكم في السلطة، كما حدث في تعديل المادة 76، ونتج من ذلك إهدار إرادة الناخبين، وإهدار مبدأ تكافؤ الفرص، ومنع المواطنين من إبداء الرأي، واستئثار الحاكم بكل السلطات، وانتشار النفاق والكذب في مجتمع المثقفين، وسوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية, وانتشار السلبية واللجوء إلى العنف، ومن ثم عدم شرعية المجالس المحلية والشورية والشعبية، بل الرئاسية؛ ما يطعن في شرعية النظام الحاكم بل النظام السياسي بأكمله.

القتل والتعذيب من أعراض التزوير

فمن أجل تزوير انتخابات 2005م قُتل 14 مواطنًا ولم يحرِّك أحدٌ ساكنًا، ولو كنا في بلد آخر لقامت الدنيا ولم تقعد، وفي أعقاب تزوير انتخابات الشورى قُتل الشاب خالد سعيد بالإسكندرية, وحين استخدمت السلطة أبواقها الإعلامية لمحاولة إقناع الرأي العام بأن القتيل مجرم وليس شهيدًا فتمَّ تشويهه وهو ميت بعد أن هُشِّمت رأسه وتمَّ تشويهه وهو حيٌّ، لكن يأبى الله إلا أن يفضح هذه السلطة بعد أن انتشرت أصداء الفضيحة في الداخل والخارج، وانتقدها المتحدث الأمريكي فأمرت بإعادة التحقيق مرةً أخرى.

ومن الغريب أن أمريكا التي انتقدت التعذيب في مصر هي نفسها التي أقامت سلخانات التعذيب في أفغانستان والعراق وفي سجون جوانتانامو.

الإسلام سبق العالم في مناهضة التعذيب

في 26 يونيو الحالي سيحتفل العالم باليوم العالمي لمناهضة التعذيب، وقد سبق الإسلام ذلك كله عندما حرَّم الله تعالى الاعتداء على نفس المسلم، فالحياة هبة من الله يحرم الاعتداء عليها ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ﴾ (الأنعام: من الآية 151).

بل إن الله اعتبر من قتل نفسًا واحدةً كأنه قتل الناس جميعًا، وقد شرع الإسلام القصاص عقوبةً رادعةً لمن يقدم على حرمان شخص من هبة الحياة التي وهبها له الخالق، فيقول تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (البقرة: من الآية 179).

والكرامة حق للشعوب كفله لها الخالق وليست كما قال يومًا أحد الحكام المستبدين لشعبه: أنا الذي خلقت فيكم الكرامة، فالمجتمع العزيز الكريم هو المجتمع القوي المنتج المدافع عن أرضه.

وحرَّم الإسلام إيذاء الإنسان دون ذنب ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا﴾ (الأحزاب: 58).

وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا" (رواه مسلم)، وقال صلى الله عليه وسلم: "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه" (رواه مسلم)، وقد صان الإسلام كل حقوق غير المسلمين بشكل قاطع، وقال صلى الله عليه وسلم: "من آذى ذميًّا فأنا حجيجه يوم القيامة".

الإسلام وحرية الرأي

رغم أن أمريكا عاشت تجربة التفرقة العنصرية في الستينيات؛ فإن السود استطاعوا أن يحصلوا على حقوقهم، بل استطاعوا أن يكون لهم أول رئيس أسود في تاريخ أمريكا؛ لأن هناك آليةً للوصول إلى الحق، وهي الانتخابات، كما أن هناك حرية الاختيار بدون تزوير أو تزييف.

وإذا كانت الحرية في الغرب تتحلل من كل القيود فإن الحرية في الإسلام تعني الحرية الملتزمة بالشرع والمرتبطة بالفطرة السليمة؛ حتى إن المرأة في الجاهلية كانت تسأل في دهشة: أوتزني الحرة؟!

إن الحرية السياسية ليست إلا فرعًا لأصل إسلامي عام هو حرية الإنسان؛ من حيث هو إنسان، والمقررة بنصوص قطعية في الكتاب والسنة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "لا يكن أحدكم إمَّعة؛ يقول أنا مع الناس، إن أحسن الناس أحسنت، وإن أساءوا أسأت".

وما أرسل الله من رسل وما شرع لهم الشرع إلا ليَحيَوا أحرارًا، وليعرفوا كيف يأخذون بأسباب الحياة والحرية وما انتشر الإسلام في الأمم إلا لما شاهدت فيه من تعظيم للحياة والحرية وتسوية بين الناس فيهما مما لم تعرفه تلك الأمم من قبل.

فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشدِّد على عمرو بن العاص وينهره قائلاً: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟!"؛ دفاعًا عن ابن أحد أقباط مصر آذاه ابن الأمير.

وللأمة حرية اختيار حاكمها، ومن حقها أن يشاورها فيما يريد تنفيذه فيما يتعلق بشئونها، ولا تكون قرارات الحاكم فردية أو غير موافقة لرأي الأمة، وللأمة الحق في مراقبة الحاكم، ومحاسبته على أعماله وأعمال معاونيه "أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيت فلا طاعة لي عليكم".

هكذا خاطب الصديق أبو بكر المسلمين عند ولايته، وكما يحق للأمة تولية الحاكم يحق لها عزله إذا أخل بالتزاماته.

إننا نهيب بالأمة أن تبادر بالذَّود عن حقوقها التي قررها الله تعالى لها، واستعادتها من أيدي مغتصبيها، وأن يقوموا على حراستها من المتربِّصين بها، ويعلموا أنها ليست منحةً من بشر يحق له أن يسلبها منها أو يهبها إياها وحينئذٍ نكون قد وضعنا أقدامنا على الطريق الصحيح للقيام بدورنا الذي اختصَّنا به سبحانه في قوله: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ...﴾ (آل عمران: من الآية 110).

والله من وراء القصد.


وداعا

Posted by حسام خليل in

سأرد بصمت فاسمعني
وأبوح بعيني فاقرأني
في قلبي أغوار شتى
تتلألأ نورا في عيني
واللفظ المشلول النائي
ما عاد يوضح ما أعني
والحرف المكسور الدامي
لا يسمن لا يغني عني
وسطوري لا تحوي نارا
تحكي عن مضمون المتنِ
والصفحة ما عادت بيضا
ء فكيف لها أن تكتبني
والبحر الهادئ قد أضحى
مسجورا مختل الوزنِ
ما عدت أغني يا ليلى
لن أشعل نارا تحرقني
ما جئت لأطلب ناركم
فالبيت تحطم من زمنِ
فدعيني في صمت إني
ودعت الشعر وودعني

كش الملك

Posted by حسام خليل in


الشريعة الإسلامية أمان لكل البشر

Posted by حسام خليل in

الإسلام دين ودولة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد..
فقد استقرَّ في طِبَاعِ الْعُقَلَاءِ مِن الناسِ التَّسْلِيمُ بوجوبِ العيْشِ في جماعةٍ لها قوةٌ ونظامٌ وقانونٌ يَمْنَعُهمْ مِن التَّظَالُمِ، وَيَفْصلُ بَيْنَهُم فِي التَّنَازُعِ وَالتَّخَاصُمِ، وتطوَّرَتْ صورةُ هذه الجماعةِ حتى استقرَّتْ على صُورَةِ الدَّولة، وقَبِلَ الناسُ على مرِّ العُصورِ أن يُعْطُوا مِن قوَّتِهم لقُوَّةِ الدولةِ، ويتَخَلَّوْا عن بعضِ قُدْرَتِهم لصالحِ تقويةِ النظامِ والجماعةِ، لتفرِضَ هَيْبَتَها وسطوتَها، التي تُخْرِجُ الحقَّ مِن الظَّالِمِ، وَتَدْفَعُ الكَثِيرَ مِنْ المظالمِ، وَتَرْدَعُ أَهْلَ الفسَادِ، وَيُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى المقَاصِدِ الشَّرْعِيَّةِ، ويتحقَّقُ بها العَدلُ والاطمِئنانُ، وَلوْلا ذلك لَكَانُوا فَوْضَى مُهْمَلِينَ، وَهَمَجًا مُضَاعِينَ، وَقَدْ قيل:

لا يَصْلُحُ النَّاسُ فَوْضَى لا سَرَاةَ لَهُمْ وَلا سَرَاةٌ إذَا جُهَّالُهُمْ سَادُوا

وبهذا جاءَ الإسلامُ الحنيف، ودعا إلَى اختِيَارِ مَنْ هُو لِلْقيادة أَصْلَحُ، وَبِتَدْبِيرِ مَصَالِحِ الناسِ أقْوَمُ وَأَعْرَفُ، حتَّى ينْتَظِمَ أمرُ النَّاسِ على العدْلِ، وتَستقيمَ أحوالُهم عَلَى الانضباطِ، وتُحْفَظَ حياتُهُم من القَلَقِ والاضطرابِ، ويَسْتَقِرَّ معاشُهم في ظلالٍ مِنَ الأمْنِ والكرَامةِ الإنسانيَّةِ، ودَعَا الجميعَ إلى احترامِ هذا النظامِ، حتى قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: "الملْكُ وَالدِّينُ أَخَوَانِ، لَا غِنًى لأحَدِهِمَا عَنْ الْآخَر، فَالدِّينُ أُسٌّ وَالملكُ حَارِسٌ، فَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أُسٌّ فَمَهْدُومٌ، وَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَارِسٌ فَضَائِعٌ".

ولِكيْ يحصُلَ ذلك فإنَّ اللهَ تباركَ وتعالى وضَعَ قواعدَ العدْلِ وأصولَ الحُكْمِ الرشيدِ في القرآنِ العظِيم ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ (النحل: من الآية 89)، وألْقَى اللهُ على لسانِ نبيِّه محمدٍ صلى الله عليه وسلم تفسيرَ ما وَرَدَ في القرآنِ، وأَوْكَلَ إليهِ تقديمَ صُورةٍ تطبيقيَّةٍ عمليَّةٍ للحُكْمِ الرَّشيدِ، فحَفَلَ دِينُ الإسلامِ العظيم نظريًّا وعمليًّا بالتي هي أَقْوَمُ في تقريرِ الحقوقِ، وحِفْظِ الحرِّيَّاتِ، وضَمانِ الحياةِ الكريمةِ للنَّاسِ جميعًا، وبذلك كَمُلَ الدينُ وتمَّت النِّعْمةُ ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ (المائدة: من الآية 3).

الشريعة الإسلامية تحمي غير المسلمين:

في ظِلالِ الشريعةِ الإسلامية السمحة وحدَها تَمَّ السماحُ لغيرِ المسلمين من اليهودِ والنصارى بالاحتفاظِ بخُصُوصِيَّاتِهم، وبالاحْتِكامِ لشرائعِهم فيما يتعلَّقُ بأحوالِهم الشخصيَّةِ ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ (المائدة: من الآية 48) وتمَّ استثناؤُهم مِنْ بعضِ التشريعاتِ من الواجباتِ أو المحرَّمات التي ليستْ مُقَرَّرةً عندَهم، وفي ظِلِّ الشريعةِ الإسلامية وحدَها مُنِع ازْدِراءُ الأدْيانِ أو إهانةُ الرُّموزِ الدينيَّة، ولذلك لم يَكُنْ غريبًا أنْ تلجأَ الكنيسة في مصر إلى الشريعةِ الإسلاميَّةِ؛ لتأكيدِ حقِّ النصارَى في التَّحَاكُمِ إلى شريعتِهم، كما كان الحال دائمًا منذ الفتح الإسلامي وحتى الآن، ومن الواضحِ لكُلِّ ذي بصيرةٍ أنَّ الاحتكامَ إلى الشريعةِ الإسلاميةِ هو وحدَه الذي يُحقِّقُ استقرارَ المجتمعِ ويحافظُ على تَعَدُّدِيَّتِه الدينيَّةِ ويعطي كل ذي حق حقه، في إنصافٍ واضحٍ، يحمي الوحدة الوطنية، ويحافظ على النسيج الاجتماعي لأبناء الوطن الواحد.

الشريعة الإسلامية هي التي تحمي كرامة الإنسان وحريته:

إنَّ القانونَ الوضعيَّ مهما كان إِحْكَامُه لا يُمْكنُ أن يقومَ بذاتِ الدَّوْرِ الذي تقومُ به الشريعةُ في بَسْطِ الأمْنِ والعدالةِ والحُرِّيَّةِ؛ لأنَّ القانونَ ليستْ له تلك القداسةُ والسَّطْوةُ الأخلاقيَّةُ والرُّوحيَّةُ التي تختصُّ بها الشريعةُ، التي تتعاملُ معَ ضمائرِ الناسِ في ذاتِ الوقتِ الذي تُوَجِّهُ فيه سُلوكَهم، ومِنْ ثَمَّ لا يقعُ في نفسِ المخالِفِ للقانونِ الوضعيِّ ذلك الخوفُ من الله والحَرَجُ والقلَقُ النفسيُّ ووَخْزُ الضميرِ الذي يقعُ لمن يُفَكِّر في مخالَفةِ الشريعة، بلْ ربَّما كان أولُ الملتفِّينَ على القانون هو ذاته الذي وضع القانونَ، ويعرفُ مواطنَ الخلَلِ فيه، بل ربما عُدَّ التحايل على القانون لونًا من الذكاء وضربًا من المهارة.

في ظلِّ القانونِ الوضعيِّ فإنَّ الحاكمَ يسهُلُ عليه أن يتحوَّلَ إلى مُسْتَبِدٍّ، دون أن يحس بالحرج، ويصبحُ القانونُ أداةً طيِّعةً في يده يستخدمُها لمصلحتِه ويُغَيِّرُها متى شاء، وقد رأيْنا في مصر كيف يتحوَّل القانونُ، بل الدستورُ إلى سيفٍ يستخدمُه النظامُ المستبِدُّ، الذي يُعَدِّلُ الدستورَ ويتلاعبُ به رغْمًا عن إرادةِ الأُمَّة، ويستغِلُّ الأغلبيةَ المزيَّفة لتمريرِ القوانينِ سيئةِ السمعَة، بل المقنِّنةِ للفساد والحاميةِ للمفسدين، دون أدنى مبالاةٍ أو اكتراثٍ للنتائجِ الوخيمةِ المترتبةِ على هذا العبث، والمسقِطةِ لهيْبَةِ وقيمةِ ومعنى الدولةِ في نفوس المواطنين.

الآثار المرة لغياب الشريعة الإسلامية وتعاظم الاستبداد:

في غيْبةِ الشريعةِ الإسلامية وتَغَوُّل الاستبدادِ تصبحُ القوةُ فوق الحقِّ، وتصبحُ وظيفةُ بعضِ المؤسساتِ القانونيةِ تنفيذَ إراداتِ السلطةِ المستبدة، بدلاً من إرساءِ العدلِ، وتحقيقِ مصالحِ الأمة، واسألوا لجنة الانتخابات العليا عما جرى في مهزلة انتخابات مجلس الشورى في مصر.

وفي غَيْبةِ الشريعةِ الإسلامية وتَغَوُّل الاستبدادِ أصبحتْ وظيفةُ المؤسساتِ الأمنيةِ ملاحقةَ معارضي الاستبداد، والتنكيلَ بخصوم المستبد، بدلاً من ملاحقةِ المفسدين ومتابعةِ عصاباتِ الإجرامِ، وأُطلِقتْ يدُ السلطة في العبث بكرامة الناس وحياتهم وحرمانهم من حقوقهم.

وفي ظل غَيْبةِ الشريعةِ الإسلامية وتَغَوُّلِ الاستبدادِ يكثرُ الظلم والاعتقالُ للشرفاءِ، وتمتلئُ السجونُ في بلاد كثيرة بذوي الكفاءاتِ والمهاراتِ العلميةِ؛ لمجرد أنهم يرفعون أصواتَهم ضدَّ الفسادِ والاستبدادِ والتزويرِ الفجِّ لإرادة الأمة، ويُوَسَّدُ الأمرُ إلى غيرِ أهله، وتخلو الساحةُ لضعافِ العقولِ والنفوسِ الذين يؤثرون مصالحهم الخاصة على مصالح الوطن والأمة، فتشيع– تبعًا لذلك- الأنانيَّاتُ الفرديةُ، وتتمزَّقُ شبكةُ العلاقاتِ الاجتماعيةِ، وتهتزُّ قيمةُ العدلِ في نفوس المواطنين.

ومن ثَمَّ تحصُلُ المظالمُ في شتى مناحي الحياة، اقتصاديًّا واجتماعيًّا وأخلاقيًّا، وتُبْطِئ أو تتوقفُ، بل تتراجعُ عملية التنمية، وتنْزَوِي قيمُ الوطنيةِ والرجولةِ والأخلاقِ النبيلةِ؛ لتحِلَّ محلَّها أخلاقُ الانتهازيَّة والوُصولية، ويلجأُ القوِيُّ لأخْذِ حقِّهِ بيدِه، ويجد المواطنُ العاديُّ البسيطُ نفسَه مضطرًا لتقديم الرِّشَى لاستخلاصِ بعضِ حقوقه، والسلامة من التعرُّض للظلمِ، فيضيعُ معنى الدولة، وتتعرَّضُ الأمةُ للهلاك، ورضي الله عن علي بن أبي طالب الذي قال في أَوَّل كِتَابٍ كَتَبَهُ بعد أن تولى الخلافة: "أَمَّا بَعْد، فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلكُمْ أَنَّهُمْ مَنَعُوا الْحَقَّ حَتَّى اشْتُرِيَ، وَبَسَطُوا الْجَوْرَ حَتَّى افْتُدِيَ".

وإنَّ أبسطَ الناسِ تفكيرًا لَيَرَى كيف غابت حقيقةُ الدولةِ بعد أن اختُزِلَت في سلطان وسطوة قوى الأمن؛ الذي أكثرُ همِّه ومبلغُ علمِ القائمين عليه: عَدُّ الأنفاسِ على الناسِ، وحرمانُ الكفاءاتِ من الوظائفِ والمناصبِ المستحقةِ لهم، وتلفيقُ القضايا للشرفاءِ، والتضييقُ عليهم وإرهابُهم وإهدارُ كرامتهم، في انحرافٍ فجٍّ في استعمال القانون، مما ينذرُ بأوخمِ العواقب.

شتَّان بين دولةٍ أساسُ الحكم فيها السجنُ والكرباجُ والتعذيبُ والمحاكمُ الاستثنائية، تضيعُ فيها الحقوقُ، ويشيعُ فيها الإحساسُ بالظلمِ.. وبين دولةٍ تحكمُ بالشريعة الإسلامية العظيمة، ويقول حاكمُها عمر بن الخطاب رضي الله عنه لوُلاته: "أدِرُّوا علَى المسلمينَ حقوقَهم، ولاَ تَضْرِبُوهم فَتُذِلُّوهُمْ، وَلاَ تُجَمِّرُوهُمْ (أي لا تحبسوهم بغير حق) فَتَفْتِنُوهُمْ، ولا تُغْلِقُوا الأَبْوَابَ دونَهم، فَيَأْكُلَ قَوِيُّهم ضَعِيفَهم، ولا تَسْتَأْثِرُوا عليهم فتَظْلِمُوهُم، ولا تَجْهَلُوا عليهم".

وفي غيابِ الشريعةِ الإسلامية وتَغَوُّلِ الاستبدادِ تسودُ قِيَمُ النفاقِ التي تفترس المظلومين من أذكياء الأمة ومحروميها، ويبرز تيارٌ سُلطويٌّ من المثقفين والإعلاميين تكون مهمتُه تبريرَ تصرفاتِ الحكامِ المستبدِّين الضالَّةَ وأوضاعَهم المنحرفةَ، فيبرِّرون جوْرَهم وقسوتَهم على الأمة برعاية المصالحِ الكبرى لها، ويبرِّرون تفريطَهم وتخاذُلَهم أمام عدوِّهم بأنه من باب السياسة الواعية، وفي ذات الوقت يصفون المعارضةَ السياسيةَ لهم بالخروجِ والبغيِ والعِمالةِ والخيانة، وينعتون النصيحةَ الشرعيةَ الواجبةَ لهم بالتمَرُّد، ويعدُّون نقدَهم للنظامِ من بابِ الإهانةِ لرموزِ الدولة، ويستحقُّ المعارضُ الناصحُ الأمينُ الموتَ والإخراجَ من الأرض، بل ومن الدين إذا اقتضى الأمر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

هكذا نرى أن غياب الشريعة الإسلامية يفسدُ الفطرةَ البشريةَ، ويُهَدِّدُ الحياةَ المجتمعيَّةَ، ويقلِّص من فرص الإبداع والإنجاز، ويحطِّمُ فضائلَ النفس البشرية، ويُحَلِّل مقوماتِها، ويغرسُ فيها طباعَ العبيد، ويُشْعِرُ الفردَ بالضآلة والمهانة، فينشأُ نشأةً لا يَثِقُ فيها بنفسه، ولا يقدرُ على اتخاذ القرار الذي يناسبُه، فتنشأُ الأجيالُ في ظل الاستبداد الأعمى عديمةَ الكرامة، قليلةَ الغَنَاء، ضعيفةَ الأخذ والرد.

ولا سبيل إلى إنقاذ الأمة العربية والإسلامية من هذا الوضع المتردي إلا التعاون والتنسيق بين المخلصين من أبناء هذه الأمة، وعدم الاستجابة لمكائد الأنظمة المستبدة الحريصة على التفريق بين طوائف الأمة وأطيافها؛ لتظلَّ يدُها طليقةً في العبث بمقدَّرات الأمة ومستقبلها، والإخوان المسلمون أينما وُجدوا ومن منطلق الإحساس بالمسئولية سيبقون يمدُّون أيديهم لكل القوى المخلصة والحية دون استثناء، لتوحيد الرؤى وتكامل الجهود في مواجهة هذا العبث والاستهتار؛ حتى تنهض أمتنا من كبوتها، وتتبوأ المكانة التى تستحقها بين بقية أمم الأرض.

والله أكبر ولله الحمد

رسالة من: د. محمد بديع- المرشد العام للإخوان المسلمين


احنا جيش الإسرائيل

Posted by حسام خليل in



خيارات الرسائل
بقلم الشاعر الكبير محمود جمعة


قالي إبني الطفل يابا

أهل غزة يبقوا مين ؟؟
دول يهود ؟؟
قلت يا بني مسلمين !!!
قالي يعني زي دينّا
اسمهم أحمد محمد
والا ديفيد بنيامين
قلت يا بني مسلمين !!!
قال يابا مستحيل
احنا بنحاصر بلادهم
واحنا بنجوع ولادهم
ويا جيش الإسرائيل
يبقي مين المسلمين؟؟
قلت يا بني مسلمين !!!

قالى يابا بس أفهم
احنا في الكُتّاب قالو لنا
بعض آيات الكتاب
إن رب العزة حدد
الأعادي والصحاب
لما نطفي النور عليهم
أهل غزة يبقوا مين
قلت يابني مسلمين !!!

قالي يابا علمونا
إن لما ست واحدة
من رعايا المسلمين
الرومان في السوق هانوها
جت جيوش المسلمين
كل ست في غزة ماتت م الاهانة
فين جيوش المسلمين ؟؟
أهل غزة يبقوا مين
قلت يابني مسلمين !!!

قالي أبني
لو صحيح اللى انت قلته
عمي صالح يبقي مين ؟؟
عمي صالح مش ملازم في الحدود ؟؟
شفت عنده سلاح مخيف
قالي ده بيقتل ألوف
الألوف الغزاويه مين قتلهم ؟؟
عمي صالح ؟؟
والاّ جيش الإسرائيل
يابا قلي بحق ربي
أهل غزة يبقوا مين ؟؟
قلت يابني مسلمين !!!

قلت يابني هم منا
من عروقهم سال دمانا
قبلة واحدة وأمة واحدة
كل أحزانهم أسانا
حتي سيف الدين ف حربه
رجالتهم جت معانا
أهل غزة مسلمين !!!

رد قالي
مش صحيح
مش قريت عندك ياوالدي
لوحة فيها بعض آيات الكتاب
مش حكت لي
ان مسلم لما ينحاز ضد مسلم
يبقي قلب الناس دي مات
عمي صالح ساب سلاحه
يبقي عمي ؟؟
وانت قاعد بالبيجامة
جنب أمي ؟؟؟
لو صحيح الغزاويه مسلمين
انتو مين ؟؟
انتو غزة والا جيش الاسرائيل
أنتو غزة والا جيش الاسرائيل
رحت صارخ في العيال
إحنا جيش الاسرائيل
إحنا جيش الاسرائيل

نسمة أمل صافي

Posted by حسام خليل in

ياشاعر قول وسمعنا
وداوي جراح بتوجعنا
وحرك حرفك الساكن
ف قلب البيت وجمعنا
على نسمة أمل صافي
وسيبنا نعيش مع المعنى
وقول الكلمة موزونة
ومن قلبك ومتعنا
ومتسيبناش لغربتنا
على الأحزان توزعنا
عشان يطلع كلام موزون
ف بحرالويل تقطعنا
وتعزفنا أنين نازل
بحد السيف يمزعنا
وننزف والنزيف جاري
بحور غرقانه بدموعنا
ف وسط البحر مش لاقيين
لا مركبنا ولا شراعنا
وليه بنصارع الأمواج
إذا كنا خلاص ضعنا
مدام سلمنا أرواحنا
لخاين بالرخيص باعنا
ولما عطشنا خلانا
شربنا الذل وشبعنا
وقلنا الذل يحيينا
أتاري كان بيخدعنا
ولا عشنا ولا متنا
ولا رحنا ولا رجعنا
ما بين دوامة تسحبنا
وبين موجه بترفعنا
ولو جانا الأمل زارع
بييجي اليأس يقلعنا
ويرمينا ف مهب الريح
وفوق الصخر يرزعنا
ونتمنى معاه الموت
نلاقي موت بيمنعنا
ياشاعر قول بإحساسك
ومن دا البحر طلعنا
دي كلمة صدق تحيينا
وع الأهوال تشجعنا
وهز القلب من جوا
ولو ما تهز ودعنا
بإيه هتفيدك القافية
إذا قلنالك اشمعنى
ولو مات الأمل فينا
كلامك مش هينفعنا
ولو قلبك مهوش نابض
بلاش تيجي تصدعنا
وخلينا مع الأموات
وهات شعرك يشيعنا
مهنحسش ولا بكلمة
وقول للصبح سمعنا
هنسمع بس بودانا
ونفضل في مواضعنا
ولا بتهز وجدانا
ولا نغير ف أوضاعنا
فسيبنا نموت ولو هنعيش
نعيش لكن على معنى

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسوله ومَن والاه.. وبعد؛ فتمر الأفراد والأمم في حياتهم بصعابٍ شديدةٍ وتواجههم عقبات عسيرة، وهناك مَن يستسلم أمام الصعاب، ويقعد عن العمل في مواجهة العقبات، ولكن علَّمتنا سير الهداة المصلحين من الأنبياء والمرسلين ومَن سار على دربهم من المؤمنين الموقنين أنه باليقين الراسخ والأمل الواثق والعمل المتواصل تتحقق الأحلام وتتقدم الأمم، وتستطيع الأمة الناهضة أن تجد لنفسها مكانًا بين الأمم.

لقد واجه رسولنا العظيم محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام الميامين في سيرتهم العطرة، في مكة قبل الهجرة، وفي المدينة المنورة بعد إقامة الدولة سائر الصعوبات وكافة العقبات، ولكنهم- بقيادة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم- استطاعوا في عقدين من الزمان تحدِّي كل الصعاب وتخطِّي كافة العقبات، وانتشرت دعوة الإسلام في حياة النبي صلى الله عليه وسلم في جزيرة العرب وبعد وفاته إلى سائر أرجاء المعمورة المعروفة في ذلك الزمان.. وصدق الله العظيم؛ حيث يقول: ﴿فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47)﴾ (إبراهيم)، وها هو نبي الله يعقوب عليه السلام يقول لبنيه بعد فقد ولديه الواحد إثر الآخر ﴿وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ (يوسف: من الآية 86).

إنه اليقين بالله تعالى، الذي يملأ قلب النبي الكريم ابن الكريم، أنه سيلتقي بولديه، ولكنه يطلب من أولاده أن يتسلحوا مع اليقين بالأمل والعمل فيقول لهم: ﴿يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ(87)﴾ (يوسف).

وكان يعقوب عليه السلام يسير على درب هاجر- رضي الله عنها- أم إسماعيل عليه السلام التي أعلنت حين مغادرة أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام للمكان الذي تركهما فيه، أرض جرداء ليس فيها بشر ولا غذاء، "آلله آمرك بهذا" فقال: "نعم"، فقالت: "إذن لن يضيعنا الله".

وعندما نفد زادها وزاد رضيعها لم تقعد في انتظار الفرج الذي تتيقن منه، وتملأ الثقة بالله قلبها في تحققه، بل قامت وتحركت وبذلت جهدها في سعي متكررٍ لسبعة أشواط بين الصفا والمروة؛ أخذًا بالأسباب وتلبيةً لنداء الفطرة الذي يمنع من القعود واليأس.

وهذا ما فعله رسولنا صلى الله عليه وسلم؛ استجابةً لأمر الله تعالى، فقد ملأ اليقين قلبه بالثقة بالله تعالى، ولم يغادر الأمل نفسه في تحقق وعد الله له، فانطلق بدعوته المباركة في ربوع مكة ثم انطلق إلى الطائف، وتجوَّل في موسم الحج بعرض نفسه على الوفود من كافة القبائل العربية، وكانت خاتمة المطاف بالهجرة إلى المدينة المنورة لتنتصر دعوة الإسلام ويعود الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم إلى مكة المكرمة فاتحًا منتصرًا متواضعًا خاضعًا لله تعالى مسلمًا له بالفضل التام.

- إنه اليقين الذي لا يتزعزع ثقةً في الله تعالى.

- إنه الأمل المتجدد الذي لا يغيب عن نفس المؤمن.

- إنه العمل المتواصل والحركة المنضبطة التي لا تتوقف نحو الهدف.

- إنه الاستمرار ومواصلة المسير بنفس طويل حتى تتحقق الآمال.

إننا في هذا العصر في مواجهة تلك الظروف التي يريد البعض أن يرسل إلينا رسالة يأس وإحباط سواء على المستوى الدولي أو في قضية فلسطين أو في بلدنا مصر؛ نقول بكل ثقة: لا مجال لليأس عندنا، ولن نقعد، ولن نتراجع، سنظل واثقين في وعد الله للمؤمنين، موقنين بصدق موعود الله للمجاهدين، مواصلين السعي نحو هدفنا في استعادةِ حرية شعوبنا واستقلال بلادنا وتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية العادلة لمواطنينا على أساس الإسلام الحنيف.

يريد العدو الصهيوني، ومن ورائه أمريكا وأوروبا، أن يقول للمحاصرين في غزة منذ 4 سنوات، وللفلسطينيين تحت الاحتلال منذ 60 سنة أنه لا أمل، وحاولوا بكافة الطرق زرع اليأس في نفوس وقلوب كافة المؤمنين بالحق العادل للفلسطينيين، وفشلوا في كل ذلك، وجاءت بشارة الثقة في وعد الله من حيث لا يحتسب الجميع ومن طريق لا يتوقعه أحد.

اشتدَّ الحصار وتمَّ بناء جدار فولاذي تحت الأرض بإيعاز وعون أمريكا لإحكام الحصار بسد منافذ الحياة التي مثلتها شرايين الحياة في الأنفاق تحت الأرض، ووقَّعت أمريكا- نيابةً عن مصر- اتفاقًا إستراتيجيًّا مع العدو الصهيوني لإحكام الحصار البحري، وتحكُّم العدو في المعابر جميعًا بما فيه معبر رفح البري الذي يجب أن يكون تحت السيطرة المصرية الكاملة، وأن يكون مفتوحًا باستمرار.

وإذا بقوافل أساطيل الحرية تتواصل عبر البحار، وإذا بأبطال أفذاذ يخترقون الحصار ممثلين لشعوب أكثر من 40 دولةً من المسلمين والمسيحيين واليهود، وبينهم نواب شجعان ونساء وأطفال وشيوخ، من فلسطين المحتلة ودول عربية وإسلامية، وكافة أنحاء أوروبا وغيرها لتعلن عن الثقة واليقين بقرب زوال الحصار وإنهاء الاحتلال، في سعي موصول متكرر وجهد مشكور لم يتوقف، وأمل لم تبدِّده كافة محاولات العدو الماكر، ورغم الدماء الطاهرة التي أُريقت على ظهر السفينة "مرمرة"، والاعتقال الذي تمَّ لمئات الناشطين، لم يتوقف إصرار الناشطين على كسر الحصار الظالم الذي يجوع ويحاصر 1.5 مليون إنسان وحوَّل قطاع غزة إلى سجنٍ كبير، وتبع ذلك أيضًا وبشجاعة وإصرار الأحرار السفينة راتشيل كوري "الأيرلندية".

وفي مصر هنا إصرار متكرر على تزوير إرادة الناخبين ومنع الشعب من التصويت الحر النزيه في صناديق شفافة بإشرافٍ قضائي تام لاختيار ممثلين في مجلس الشعب والشورى والمجالس المحلية، هذه رسالة يأس وإحباط تريد القلة الحاكمة أن توصلها للجميع: أنه لا أملَ ولا طريقَ، ولا بد من الاستسلام التام لهذه القلة التي تتصور أنها قادرة منفردة على رسم مصير الوطن بأكمله، وحجب كل القوى الحية الفاعلة عن المشاركة.

ونقول بصوت الشعب القوي في مواجهة تلك الرسالة:

- نحن نحمل رسالة اليقين والثقة بالله تعالى وموعوده للعاملين المجاهدين.

- نحن نحمل رسالة الأمل الواثق في انتصار إرادة الشعب ضد الظلم والاستبداد والطغيان والفساد.

- نحن نحمل رسالة العمل المتواصل في إطار الدستور والقانون وبنضال دستوري سلمي؛ حتى تتحقق آمال المصريين جميعًا في نظامٍ سياسي ديمقراطي، نتوصل به إلى تداول سلمي على السلطة بين القوى والأحزاب السياسية بإرادة الأمة الحرة، فالأمة يجب أن تكون حقًا مصدر السلطة.

والله أكبر ولله الحمد.. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..

رسالة من أ. د. محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين

شعبنا التركي

Posted by حسام خليل in

غزة تطلق شرارة الحرية والعزة للعالم

Posted by حسام خليل in

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد..

فإن الحرية فطرةٌ بشريةٌ، ومنحةٌ من الله لجميع الخلق، ولا يحق لفرد- كائنًا من كان- أن يصادر تلك الحرية، وقد تمثَّلت هذه الحقيقة في أعظم حقيقة في الوجود، وهي الإيمان بالله؛ حيث لا يكره أحد عليه.. ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾(البقرة: من الآية 256)؛ فالحرية العليا إنما مظهرها في الكون "الله وحده..."، وإن العبودية لله وحده هي أسمى منازل الحرية؛ لأنه استعلاءٌ على آلهة ثلاثة: إله الحجر، وإله البشر، وإله الهوى، وتحرر الإنسان من سيطرة التقاليد وعبودية البشر وأسر الشهوات؛ وذلك بالسمو إلى حقيقة الحقائق ورب الأرباب (الله) الأحد الفرد الصمد.. ولن تتحقق للدولة حريتها وتتحرَّر من عبوديتها لغيرها إلا إذا تحرر أفرادها، وهذا معنى قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ (الرعد: من الآية 11) وأولى الأمم بحق الحياة أبذلها لحياتها في الحق.

وقد جاء الإسلام ليحرر الإنسانية من العبودية لغير الله، وما أجمل قول ربعي بن عامر: "إن الله أخرجنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة" وهذا ما يستفاد من قصة موسى مع فرعون وإصراره على تحرير بني إسرائيل من العبودية كما في قوله:﴿وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ (الشعراء: 22)

أيها العالم أجمع..

إن حرية البشر جميعًا لن تتحقق إلا في ظل الإسلام الذي يمنح الحرية لكل من يعيشون في كنفه، دون تفرقة بين عقيدة وعقيدة، ولا بين جنس وجنس، ولا بين لون ولون، ولا بين طبقة وطبقة، فالكل في الحرية سواء، والناس كلهم من آدم، وآدم من تراب، لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي إلا بالتقوى.. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ (الحجرات: 13).

وهل هناك أعظم من موقف عمر مع عامله في مصر عمرو بن العاص حين لطم ابنه مسيحيًّا بعد وافتخر بآبائه، قائلاً: خذها من ابن الأكرمين، فاقتصَّ منه عمر وقال: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟!".. لقد كان الإسلام سحابة رحمة وعدل وحرية ومساواة انتظمت البلاد وعمَّت العباد.

الحرية فريضة

لقد هتف الإمام البنا منذ فجر الدعوة بأن الحرية فريضة إسلامية، فيقول: "إذا قيل لكم: إلام تدعون؟ ... فقولوا: ندعو إلى الإسلام؛ الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، والحكومة جزء منه، والحرية فريضة من فرائضه، فإن قيل لكم: هذه سياسة! فقولوا: هذا هو الإسلام، ونحن لا نعرف هذه الأقسام".

ويزيد الإمام الأمر وضوحًا، فيقول: "وأما أننا سياسيون بمعنى أننا نهتمُّ بشئون أمتنا، ونعتقد أن القوة التنفيذية جزءٌ من تعاليم الإسلام، تدخل في نطاقه، وتندرج تحت أحكامه، وأن الحرية السياسية والعزة القومية ركنٌ من أركانه، وفريضةٌ من فرائضه، وأننا نعمل جاهدين لاستكمال الحرية، ولإصلاح الأداة التنفيذية؛ فنحن كذلك، ونعتقد أننا لم نأتِ فيه بشيء جديد؛ فهذا المعروف عن كل مسلم درس الإسلام دراسةً صحيحةً، ونحن لا نعلم دعوتنا ولا نتصوَّر معنى لوجودنا إلا تحقيق هذه الأهداف، ولم نخرج بذلك قيد شعرة عن الدعوة إلى الإسلام.. والإسلام لا يكتفي من المسلم بالوعظ والإرشاد، ولكنه يحدوه دائمًا إلى الكفاح والجهاد: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (العنكبوت: 69).

يا دعاة حقوق الإنسان..

هذا ديننا، وهذه منزلة الحرية في إسلامنا، وقد طبقنا ذلك، وجعلناه واقعًا في حياة البشرية، فنعمت وسعدت وأمنت..

فبماذا جئتم أنتم؟!

ما جئتم به كان نتاج أعمال همجية، كما جاء في ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وإن إقرار قانون حماية حقوق الإنسان إنما كان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم.

ثم كانت المادة (3): "لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه"، والمادة (5): "لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطَّة بالكرامة".

أما ماذا فعلتم بالبشرية أيها العالم المتحضر..؟! فكله يهدم ما سبق، فحرب عالمية لم يكن المسلمون طرفًا بها أتت على الأخضر واليابس، وقنابل نووية على اليابان، وقتل الملايين في أوروبا، وإبادة الشعب الجزائري من فرنسا، وإبادة الشعب الليبي من إيطاليا، وما فعلته بريطانيا بمصر والشام والعراق والهند وباكستان وأفغانستان، يسود صحائفها، وكذلك أمريكا في حرب فيتنام وحرب كوريا، والاعتداء الثلاثي على مصر (بريطانيا وفرنسا وإسرائيل)، وحرب إسرائيل على مصر 67، والحرب على أفغانستان تارةً من الاتحاد السوفيتي، وأخرى من أمريكا بتحالف عالمي، وحرب الهند على باكستان، والحرب على العراق والصومال واليمن..

وحروب متعددة على لبنان، والبوسنة والهرسك، وكوسوفو والشيشان.. وحروب فلسطين؛ في جنين وغزة.. وغيرهما وبالأحرى ما من أرض إلا وأرقتم عليها دماء، وفي كل ذلك كان القتل للأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين والأبرياء وهدم للبيوت والمساجد ومقارِّ هيئات الإغاثة الأمم المتحدة والمدارس، وما يطفئ الله حربًا يشعلونها إلا وأشعلوا أخرى، والحروب في العالم هم فتيلها، وصدق ربنا: ﴿كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا﴾ (المائدة: من الآية 64).

وعن العنصرية حدث ولا حرج.. وما فعلته أمريكا بالهنود الحمر، والسود من إفريقيا خير شاهد، وما يفعله الغرب الآن من تقييد لحرية المسلمين وانتقاص لحقوقهم، وانتهاك لحرماتهم، واعتداء على مساجدهم وحرقها وتلويثها يعلمه القاصي والداني.

وعن سجون الظلم والتعذيب سل جونتنامو وأبو غريب والسجون السرية في العراق وفي أوروبا وفي باكستان ودولة الكيان الغاصب، وكثير من دول العالم العربي والإسلامي، كل ذلك لم يعد يحتاج إلى دليل؛ فقد اعترفت بذلك الدول والحكومات والمنظمات العالمية والهيئات الدولية.

هذه هي رحمتكم بالبشرية وعدالتكم بين البشر، والمساواة بين الناس، والحرية والديمقراطية التي تتشدقون بها.

فلسطين جرح غائر ودم ثائر

أيها الأحرار في الغرب.. أيها العقلاء في كل العالم..

آما آن لكم أن ترجعوا عن طغيانكم واستبدادكم، وتصلحوا ما أفسده آباؤكم، وكما غرستم هذا الكيان على أرضنا ظلما، فالواجب عليكم أن تنزعوه من أرضنا عدلاً..

ثم أما آن للشعب الذي طُرد من أرضه ودياره أن ينعم بالرجوع إلى أوطانه، وينعم بهواء وخيرات بلاده..

ثم أما آن للشعب الفلسطيني أن ينعم بالحرية والعزة والكرامة في دياره..

وإن لم تفعلوا ذلك فلن تهدأ المنطقة، بل لن يهدأ العالم كله.. ولن يسعد أحد بالأمن والأمان، طالما أن أبناء فلسطين لم ينعموا به، ولن ينعموا به إلا بزوال هذا الكيان الغاصب من المنطقة.

قافلة الحرية أعذرت إلى ربها

إن دماء الشهداء والجرحى من قافلة الحرية وكسر الحصار عن غزة لن تضيع سُدًى، وقد أعذرت إلى ربها، وأخرجت العالم عن صمته على جرائم الصهاينة، كما لفتت الأنظار إلى الحصار الظالم، وضرورة رفعه فورًا، وأدخلت أطرافًا جديدةً في المواجهة مع الصهاينة المجرمين، وكل ذلك يُحسب لهم ولا يضيع عند الله، كما أن هذه الدماء ستتحول إلى لعنات وغضب على الصهاينة، كما أنه يغيِّر من موازين المواجهة في المنطقة، فهنيئًا لمن مات بالشهادة، ونتمنَّى شفاءً عاجلاً للجرحى، وعودةً حميدةً سريعةً لكل أحرار القافلة.

غزة ترسم لنا طريق الحرية والعزة

وأما غزة فلقد قدَّمت للأمة العربية والإسلامية الصورة الحية لما يجب أن يكون عليه المسلم، والحكام والدول، إنهم يصرخون فينا: لا تخافوا من تلك الهياكل التي نصَّبت من أنفسها حكامًا على البشرية، ويطالبونهم بالإذعان لكل ما يطلبون، ولو كان بالتنازل عن حريتهم وعزتهم وكرامتهم.. بل بالتنازل عن عقيدتهم وأوطانهم للغاصب المحتل..

إنهم يصيحون فينا: الإيمان قوة لا تُقهر، ومهما طال السجال، فلا بد أن تنتصر الشعوب..

إِذا الشعبُ يومًا أرادَ الحياة فلا بُدَّ أن يستجيبَ القَدَرْ

ولا بُدَّ لليلِ أن ينجلي ولا بُدَّ للقيدِ أن ينكسرْ

إنهم يصيحون فينا وفي أعدائنا: إن المسلمين أمة لا تندثر ولن تموت، وإنها تحيا بشهدائها، وإن أبناءها يحيون بالشهادة، فحياةُ من استشهد حياةٌ له، وحياة وعزة لأمته..

إنهم يهتفون بنا: إن الحرية لا تُمنح من غاصب محتل، ولا تُستجدَى من على موائد المفاوضات، وما خرج غاصبٌ محتلٌّ على طول التاريخ إلا بالمقاومة، وما نال شعب حريته إلا بالجهاد، وإن تاريخ الحرية لا يُكتب بالمداد بل بالدم، وما أحكم من قال:

وما نيلُ المطالبِ بالتمني ولكن تُؤخذُ الدنيا غلابا

وما استعصى على قومٍ منالٌ إِذا الأِقدامُ كانَ لهم ركابا

إنهم يقولون لنا: إن الحصار والجوع والقتل لا يفتُّ في عضد طلاب الحرية والتحرير، وعشَّاق العزة والكرامة، فكل شيء يصغر في سبيل الله وتحرير الوطن والإرادة.

إنهم يستصرخون العالم الحر أن يرفع الحصار والظلم عن غزة بقرار دولي عادل، كما فرضه عليهم بقرار دولي ظالم.

ونحن نقول للعالم أجمع: أما آن لكم أن تضربوا بيدٍ من حديدٍ على يد الكيان الغاصب، الذي لم يقف عند انتهاك الحقوق الدولية في فلسطين، ولكنَّ عربدته تمتدُّ لتطال كل دول العالم، بجريمته الآثمة وقرصنته على سفن الحرية في المياه الدولية.

عجيبٌ أمرُ هذا العالم.. يفزع بكل دوله لوقف القرصنة في مياه الصومال، وهم لم يقتلوا ولم يأسروا، وغاية ما كانوا يطلبون فديةٌ ماليةٌ ضئيلةٌ، ومن أجلهم يجتمع مجلس الأمن ويستجلب قواتٍ بحريةً من كل الدول بقرار فوري؛ للوقوف في وجه قرصنة أفراد، بينما يعمَى بصره، وتعجز يده، ويمسك لسانه عن قرصنة الصهاينة.. قرصنة الدولة التي تلطَّخت أيديها بدماء عشرات الدول، وداست كرامتهم، واعتدت على سيادتهم.. وكأن الأمم المتحدة ومجلس الأمن لم ينشأ إلا لقيام دولة "إسرائيل" بقرار دولي ظالم، ثم حمايتها بقرارات ظالمة!.

ونقول لأهلنا في فلسطين: صبرًا آل فلسطين، فالنصر صبر ساعة، والفجر قادم، ووعد الله آت: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ . وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾ (القصص:5 – 6).

أيتها الدول العربية والإسلامية..

أيتها المنظمة الإسلامية..

أيتها الجامعة العربية..

تقدموا لرفع الحصار عن إخوانكم في غزة.. وسيِّروا القوافل إلى فلسطين، ولا تخافوا من الأمريكان الذين يدعمون الصهاينة، ويغطُّون على جرائمها ولا ترهبوا الصهاينة؛ فقد بان ضعفهم وعجزهم، وكفاكم تخاذلاً ما يقرب من أربعة أعوام، وتقدُّمكم الآن خيرٌ لكم، فقد سبقتكم قافلة الحرية، وقدِّموا الشهداء، ولستم بأقل منهم، وسوف يلحق بها أخرى، على الرغم مما ارتُكب في حق الأولى من جرم صهيوني خرج على كل القوانين والأعراف والمواثيق الدولية.

واعلموا أن الحصار سوف يُرفَع عن غزة، تقدَّمتم أو تخلَّفتم.. لكننا نستصرخُ فيكم حمية الإسلام وحقوق الأخوَّة الإسلامية وحقوق الجوار؛ أن تنالوا هذا الشرف وتغسلوا هذا العار.

واعلموا أيها المسلمون أن الجهاد الآن فرض عين، وعلى الحكام- إن أعياهم رفع راية الجهاد- ألا يكبِّلوا الشعوب بأغلالهم، وأن يفتحوا الحدود للمجاهدين ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ (الحج: من الآية40).

واعلموا أنه لا ينتصر الباطل أبدًا في معركة ينهض فيها حق، وإذا التقى الخصمان "الحق والباطل" دارت بينهما جولاتٌ وأشواطٌ، يصول الباطل فيها أول الأمر وينتصر، ثم تنتهي المعركة في نتيجتها الأخيرة بانتصار الحق، فذلك سرُّ قوله تعالى: ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (القصص: من الآية 83) وقوله: ﴿إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾(الإسراء: من الآية 81)، وتحقيقًا لقول الله تعالى: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (الروم: من الآية 47) ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ* بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ* وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ (الروم: 4 – 6).

والله أكبر ولله الحمد.

الدكتور محمد بديع