ياعائدون من الرحاب الطاهرة

Posted by حسام خليل in

عيد سعيد

Posted by حسام خليل in


الهدف مش جون . . . مصر والجزائر

Posted by حسام خليل in

لكل منا غاية ينشدها وقضية تشغله وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائمُ وتأتي على قدر الكرام المكارمُ ، ويعظم شأن الإنسان بعظم شأن غايته ويكبر في أعين الناس كلما كانت قضيته التي تشغله قضيةً ذات قيمة ويصيبه الصَّغار وتُنتزع المهابة من قلب عدوه إذا كان إمعة ضمن غثاء السيل ، فالناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة

ما أكثر الناس لا بل ما أقلهم

الله يعلم أني لم أقل فندا

إني لأفتح عيني حين أفتحها

على كثير ولكن لا أرى أحدا

ولما ذهب أبرهة بن الصباح الأشرم ملك اليمن من قبل أصخمة النجاشي ليهدم الكعبة وقابله عبد المطلب فلما رآه أبرهة أجله، وكان عبد المطلب رجلا جميلا حسن المنظر، ونزل أبرهة عن سريره، وجلس معه على البساط، وقال لترجمانه: قل له: حاجتك؟ فقال للترجمان: إن حاجتي أن يرد عليّ الملك مائتي بعير أصابها لي. فقال أبرهة لترجمانه: قل له: لقد كنت أعجبتني حين رأيتك، ثم قد زَهِدت فيك حين كلمتني، أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك، وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئتُ لهدمه، لا تكلمني فيه؟! فقال له عبد المطلب: إني أنا رب الإبل، وإن للبيت ربا سيمنعه. قال: ما كان ليمتنع مني! قال: أنت وذاك.
ولولا أن عبد المطلب بين لأبرهة حجته لسقط من عينه لمّا خرج من لسانه ما يدل على القضية التي تشغل باله في هذا الشأن الجلل فعبد المطلب سيد قريش وكان يُطعم الناس بالسهل، والوحوش في رءوس الجبال،ولكنه كان واثقا من أن الله سيمنع بيته الحرام حيث أنشد قائلا

لاَهُمَّ إنَّ المَرْءَ يَمْـ

نَعُ حله فَامُنَعْ حَلاَلَكْ

لاَ يٍغْلِبَنَّ صَلُيبُهُم

وَمُحَالُهُمْ عَدْواً مْحَالَك

إنْ كُنْتَ تَارِكَهُمْ وَكَعـ

بَتَنَا فَأَمْرٌ مَا بَدَا لَك

يَا رَبِّ لاَ أَرْجُو لَهُمْ سِوَاكَا

يَا رَبِّ فَامْنَعْ مِنْهُمُ حِمَاكَا


ويحكى أن الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان، رضي الله عنه، كان يجلس في المسجد بين تلامذته في بغداد، يحدثهم عن أوقات الصّلاة، فدخل المسجد شيخ كبير السن، له لحية كثيفة طويلة، ويرتدي على رأسه عمامة كبيرة، فجلس بين التلاميذ. وكان الإمام يمدّ قدميه، لتخفيف آلام كان يشعر بها، ولم يكن هناك من حرج بين تلامذته حين يمد قدميه، فقد كان قد استأذن تلامذته من قبل بمدّ قدميه أمامهم لتخفيف الألم عنهما.
فحين جلس الشيخ الكبير، شعرَ الإمام بأنه يتوجّب عليه، واحتراما لهذا الشيخ، أن يطوي قدميه ولا يمدّهما، وكان قد وَصَلَ في درسه إلى وقت صلاة الصبح، فقال ‘’وينتهي يا أبنائي وقت صلاة الصبح، حين طلوع الشمس، فإذا صلّى أحدكم الصبح بعد طلوع الشمس، فإن هذه الصلاة هي قضاء، وليست لوقتها’’.
وكان التلامذة يكتبون ما يقوله الإمام والشيخ الكبير ‘’الضيف’’ ينظر إليهم. ثم سأل الشيخ الإمام أبو حنيفة هذا السؤال ‘’يا إمام، وإذا لم تطلع الشمس، فما حكم الصلاة؟’’. فضحك الحضور جميعهم من هذا السؤال، إلا الضيف والإمام الذي قال ‘’آن لأبي حنيفة أن يمدّ قدميه’’

لما أراد الصليبيون في آخر أيام حكم المسلمين للأندلس أن يغزوا مدينة قرطبة وقصر الحمراء آخر معقل للمسلمين في بلاد الأندلس أرسلوا جاسوسا لهم لينظر إلى شباب المسلمين؛ ما هو تفكيرهم؟ ما هي هممهم؟ ما هي طموحاتهم؟ فنظر ذلك الجاسوس وتجوّل في بلاد المسلمين، فبينما هو يتجوّل ذات يوم إذ به يجد شابًا من شباب الأمة في أحَد الوديان يبكي متحسّرًا نادمًا، قال له: ما بالك يا بني؟! قال: إني أتعلّم الرمي وقد رميت بعشرين سهمًا فأصبت في ثمانية عشر وأخطأت في سهمين، فأنا أبكي متحسرًا على ذلك، لو هجم علينا الأعداء فلن أدافع عن بلاد الإسلام؛ لأني قد أخطئ الرمي، فرجع ذلك الجاسوس إلى الصليبيين إلى قومه فقال: لا طريق لكم لغزو بلاد المسلمين.

ويدور الزمان وتتغيّر الأمور ويغرق شباب الأمة في اللهو والعبث والخنا والمجون والحبّ والغرام، فيعود جاسوس آخر بعد سنوات عدة لينظر هل الوضع ملائم لغزو بلاد المسلمين، فيجد شابًا يبكي فيقول له/ ما يبكيك يا بني؟! فيقول: أبكي على حبيبتي، فرجع ذلك الجاسوس وقال لقومه: لقد آن الأوان لغزو بلاد المسلمين.
ومن المفارقات العجيبة أنه في الوقت الذي يتجمع فيه المسلمون من كل فج عميق متجهين نحو قبلة واحدة ملبين لإله واحد معلنين أنهم أمة واحدة مهما اختلفت أجنساهم وألوانهم وأوطانهم ، يتشاجر شعبان مسلمان لا من أجل تطبيق حد من حدود الله ولا اختلافا حول حجية دليل ظني الثبوت أو الدلالة وإنما من أجل لعبة في أيام هي من أعظم أيام الدنيا والعمل الصالح فيها أحب إلى الله وأعظم من الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشئ
الشعب كله هتف

والكورة مش في الجون

وفجأة عقله اتخطف

زي ال مسّه جنون

رقص وغنى وكشف

عن كل شئ مكنون

بيشجع اللي احترف

واتباع بميت مليون

يا شعب فين الهدف

وانت أسير مديون

وأنين ف قلبك عزف

على صوت أسى وشجون

وحلم عمرك وقف

جوا الشبك مرهون

وجرح قلبك نزف

ومفيش طبيب مضمون

م الهم ريقك نشف

طول النهار مطحون

والحر أمله اتنسف

الله يكون في العون

نص الشباب انحرف

ونصهم مسجون

والقدس رمز الشرف

بايت ف إيد صهيون

والمسلمين للأسف

من كل جنس ولون

عايشين ومن غير هدف

بس الهدف مش جون

لكن دا دين ربنا

كله ف سبيله يهون

وحينما ترى عشرات الآلاف تتجه أبصارهم نحو السماء وهم يرفعون أكف الضراعة والخشوع داعين الله أن تدخل كرة بين ثلاث خشبات وتسكن شباك المرمى في الوقت الذي فيه بلاد المسلمين بين محتل غاصب أو سلطان جائر سعى فى الأرض ليفسد فسها ويهلك الحرث والنسل ، توقن آنذاك وتتأكد أنه قد آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه ، ولن يحتاج الجاسوس لأن يتفقد أحوال المسلمين ولكننا لن نجد حجة ولا منطقا نرد به على أبرهة حتى لا نسقط من نظره وتُنتزع مهابتنا من قلبه إذا سألنا عن سبب تركنا لمقدساتنا وانشغالنا بمباراة لكرة القدم
وأخيرا فإن لكل منا غاية ينشدها وقضية تشغله فطوبى لمن كان الله غايته والإسلام قضيته


الهدف مش جون -مصر والجزائر

Posted by حسام خليل in


-

الحج والأمة الواحدة

Posted by حسام خليل in

19/11/2009

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اله وعلى آله وصحبه ومن والاه،


وبعد؛ فها هي قلوب المسلمين تهوي إلى البيت الحرام من أنحاء المعمورة، برهانا على استجابة الله لدعوة الخليل إبراهيم حين قال: ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾ (إبراهيم:37) وما يزال وعد الله يتحقق، وما تزال أفئدة من الناس تهوى إلى البيت الحرام؛ يتقاطرون بمئات الألوف من فجاج الأرض البعيدة، قاصدين بيت الله الحرام، يعيشون في رحابه، ويتعلمون من خلال الحج دروس الحياة العزيزة، ومنها ما يلي:

الحج تطبيق عملي لمبدأ المساواة:

يلتقي المسلمون على اختلاف أجناسهم وأعراقهم وألوانهم ولغاتهم ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ (الحج:28) فتتجلى المساواة بأسمى صورها الواقعية في الحج، فالجميع يلبسون لباسا واحدا بسيطا لا ترف فيه ولا تفاخر، والجميع يطوفون حول البيت ﴿الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ﴾ [الحج:25]، والجميع يهتفون هتافا واحدا لا أثرَ فيه لعنصرية، ولا محلَّ فيه لعصبية «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك»، والجميع يقفون في عرفات موقفاً واحداً، لا تفاضل بينهم إلا بالتقوى والإخلاص، فتذوب الطبقية، وتتلاشى التفرقة، وتتجسد المساواة الحقة الصادقة الخالية من كل تكلف أو خداع، المساواة التي فقدت في العالم المتحضر، وضاعت في دنيا المدنية الزائفة.

والجميع يفيضون من عرفات ويأتون المشعر الحرام بمزدلفة، بعد أن ألغى الإسلامُ الامتيازَ الذي كانت قريشٌ تعطيه نفسَها؛ ليؤكد عمليًّا المساواةَ بين الجميع، فقد «كَانَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ دَانَ دِينَهَا يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ الْحُمْسَ، وَكَانَ سَائِرُ الْعَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَاتٍ، ثُمَّ يَقِفَ بِهَا، ثُمَّ يُفِيضَ مِنْهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾» (البقرة:199) (متفق عليه).

ثم وقف صلى الله عليه وسلم يعلن هذا المبدأ الإنساني الجامع يَوْمَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ:«إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾(الحجرات:13)، فَلَيْسَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ فَضْلٌ، وَلا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ فَضْلٌ، وَلا لأَسْوَدَ عَلَى أَبْيَضٍ وَلا لأَبْيَضَ عَلَى أَسْوَدَ فَضْلٌ، إِلا بِالتَّقْوَى» (الطبراني)


وهو صلى الله عليه وسلم الذي قال يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ (أي كبر وفخر) الْجَاهِلِيَّةِ وَتَعَاظُمَهَا بِآبَائِهَا، فَالنَّاسُ رَجُلاَنِ: رَجُلٌ بَرٌّ تَقِيٌّ كَرِيمٌ عَلَى اللَّهِ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ هَيِّنٌ عَلَى اللَّهِ، وَالنَّاسُ بَنُو آدَمَ، وَخَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مِنْ تُرَابٍ» (الترمذي).

لقد آن للمسلمين، بل للدنيا كلها، أن تتعلم المساواة الحقيقية من هذه الفريضة الكريمة ومن مختلف شعائر هذا الدين القويم، بدلاً من التعلق بالشعارات الفارغة التي ترددها بعض الأمم بألسنتها، وتُوقِّع من أجلها المواثيق والمعاهدات، ثم تدوسها كل صباح ومساء بأقدامها وسلطانها وقوتها وجبروتها، وتضمر في نفسها احتقاراً لأبناء الأمم الأخرى.

الحج مؤتمر الأمة الواحدة المتوحدة:

ها هم اليوم حجاج بيت الله الحرام من كل فج عميق، بكل لغةِ ولون، يتوافدون على البقاع المقدسة الطاهرة، متناسين الخلافات السياسية بين الدول التي وفدوا منها، لا تحركهم سوى قوة العقيدة والدين، الذي ينفذ إلى أعماق القلوب وأغوار النفوس، فيحركها نحو الوحدة الإنسانية الكبرى، البريئة من نزعات التعصب لجنس أو لون أو عرق، ويحذرها من الاستجابة لرغبات الأعداء في تفريقها وتمزيقها ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ﴾ (آل عمران:100) ويدعوها في وضوح تام ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ (آل عمران:103)، ومن ثم ينطلق المسلم مستحضرا ماضي أمته الواحدة، متطلعا إلى إحياء هذه الوحدة العزيزة، ولسان حاله يقول:


تُرَجِّعُ أَعْمَاقِي نِدَاءَ مُحَمَّدٍ وَصَوْتَ بِلاَلٍ بِالْمَآَذِنِ عَالِيَا


وَصَيْحَاتِ سَعْدٍ فِي الْحُرُوبِ وَخَالِدٍ وَأَمْجَادُ أَسْلَافِي تُدَوِّي وَرَائِيَا


وَأَرْفَعُ فِي لُجِّ الْحَوَادِثِ هَامَتِي وَلَوْ كَانَ فِي رَفْعِ الرُّؤُوسِ مَمَاتِيَا


تَلَاشَتْ حُدُودُ الْأَرْضِ عِنْدِي وَإِنَّمَا بِلَادِي وَقَوْمِي حَيْثُ يُدْعَي إِلَاهِيَا

ثم إن هذا الموسم يمثل اجتماع كل طاقات الأمة المسلمة من العامة والعلماء، ومن البسطاء والحكماء، ومن الضعفاء والأقوياء، ومن الأغنياء والفقراء، يجتمعون في موطن واحدِ؛ ليتعلموا أن أمة الحق وحدة واحدة، لا بد أن تتكامل في قواها، وأن يجتمع مال أغنيائها وقوة أقويائها مع عقول علمائها وحكمة حكمائها؛ لتحقق الوحدة المنشودة ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ (الأنبياء:92).

وكم هو عظيم معنى الطواف الذي يجعل الأمة كلها تطوف نحو محورٍ واحد، بكل مشاعرها، فيغمرها شعورٌ كريمٌ فياضٌ، بانتمائها إلى هدفٍ واحدٍ وغايةٍ واحدةٍ، فتتدرب على التعاون وإنكار الذات، وتتلقى دروسًا عملية في الحب والوحدة.


قل لي بربك، ما شعورك حين ترى مئات الألوف من الحجيج –على اختلاف أجناسهم وتباين لغاتهم- يسيرون في ارتباط وتآزر، ووحدة وتكاتف. ووسط التلبية الهادرة، والأصوات العالية، إذا أذن المؤذن سمعوا الأذان، ولبوا النداء، ووقف الجميع كأن على رؤوسهم الطير، لا تسمع حينئذ إلا همسًا، ولا ترى إلا أجسامًا منظومة، وأقدامًا مصفوفة، إذا ركع إمامهم ركعوا، وإذا سجد سجدوا، وإذا قرأ أنصتوا، وإذا دعا أمّنوا.

إنها صورة من صور الجمال والحسن والجلال، ومشهد من مشاهد الكمال. فلْتَأْتِ الدنيا كلُّها لتُطِلَّ على هذا المنظر البديع المتناسق، وليشهد الوجودُ كله بأن الإسلام هو دين الوحدة والنظام، ودين الحياة.


إن الأمة اليوم وهي تُضطهد في كل ديارها، وتحاط بالمؤامرات والكيد من كل جوانبها ينبغي أن تستحضر ضرورة الوحدة، وأن تدرك أن قطب الرحى لهذه الوحدة هو دينها الذي به عزتها، وعقيدتها التي منها تستمد قوتها، وأن تستمع لهذا النداء الخالد من نبيها العظيم صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا» (متفق عليه)، وأن تلتفت إلى عنوان تجمُّعها وشعار وحدتها، وهو الاستمساك بالكتاب والسنة «تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ» (موطأ مالك).

فهل ينتهز قادة الأمة وعقلاؤها هذا المؤتمر الإسلامي السنوي العام للعمل على لم الشمل، وفض النزاعات وتوحيد الصف والوقوف بوجه العدو المتربص؟.

حقن الدماء وحرمة دم المسلم:

في حجة الوداع قام القائد الأعظم، والرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم فألقى أسمى خطاب في الوجود، وأخلد حديث على صفحات الزمان، وأرسى بنود أعدل دستور عرفه التاريخ، يرسم للبشرية طريق خلاصها، وسبيل مجدها، ودروب سعادتها وعزتها، ويسكب في أذن الدنيا أصدق قانون، فيه صلاح المجتمع، وكرامة الإنسان، ويتلو قول الله تعالى ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا﴾ (المائدة:3).


ومن أهم ما شدد عليه صلى الله عليه وسلم : حرمة الدماء، فقد خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟». قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ. قَالَ: «فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟». قَالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ. قَالَ: «فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟». قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ. قَالَ: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِى بَلَدِكُمْ هَذَا فِى شَهْرِكُمْ هَذَا». فَأَعَادَهَا مِرَارًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟». قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه : فَوَالَّذِى نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ: «فَلْيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» (البخاري)

ورفض النبي صلى الله عليه وسلم كل أعراف الجاهلية في الأخذ بالثأر أو إراقة الدماء تحت أي مبرر، وبدأ بدماء أهل بيته، فقال في خطبة عرفة: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلاَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا: دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ، كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ» (مسلم).

وها هو النبي صلى الله عليه وسلم يعلن أن الشيطان يقود حربا للإيقاع بين أبناء الأمة، فيَقُولُ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ» (مسلم). أليس ما يجري في هذه الأشهر الحرم في بلادنا العربية والإسلامية من حروب وفتن داخلية، يُذكيها أولياء الشيطان من الشرق والغرب ويمدون أطرافها بالسلاح والعتاد، هو من تحريش الشيطان الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم ؟

فيا عقلاء الأمة، ويا قادة الأمة، ويا علماء الأمة، هلموا إلى عمل جاد حازم، يوقف نزيف الدم المسلم في اليمن والعراق والصومال وباكستان وأفغانستان والسودان وكل مناطق التوتر على امتداد رقعة أمتنا الإسلامية؛ حقنا للدماء المسلمة التي تراق في غير ميدانها. وتنفيذا لوصية النبي صلى الله عليه وسلم ، الذي قال: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ» (الترمذي).

أليس عجيبا أن يمد العرب والمسلمون أيديهم للسلام والتفاهم مع أعداء الأمة الذين احتلوا الديار وقتلوا الأبرياء في فلسطين وغيرها، وفي ذات الوقت يمتنعون من التفاهم مع بني جلدتهم وأوطانهم، ولا يعرفون سبيلا لحل مشاكل أوطانهم إلا بقوة الحرب والسلاح الذي اشترته جيوش الأمة من أجل حماية الأوطان لا من أجل حل الأزمات الداخلية؟

أليس الأشد عجبا أن يسمح بمرور السلاح بكل أشكاله إلى الأطراف المتنازعة في قلب الأمة، في الوقت الذي يتكاتف فيه العرب والمسلمون مع الصهاينة المجرمين لمنع السلاح عن المقاومين المجاهدين؟ ألا يثير كل ذلك النخوة في قلوب قادة الأمة وأصحاب الكلمة فيها، فيتحركون لإصلاح هذا الخلل، وتقويم هذا العوج؟.

القدس والأقصى في قلب كل مسلم:

إن البقاع المقدسة في مكة والمدينة لتذكرنا البلدَ المباركَ الذي بارك الله حوله، القدسَ الشريف، الذي يشكو إلى ربه ظلمَ اليهود الظالمين، وعجزَ المسلمين المتخاذلين، إذ يعيش أهله تحت سياط القهر والخوف والتهجير ومصادرة الأملاك وهدم البيوت، وإن الطواف حول البيت المعظم ليذكرنا شقيقَه المأسورَ المسجدَ الأقصى المباركَ، وإن للقدس والأقصى محلا ساميا في قلب كل مسلم، ولئن عجز النظام الرسمي العربي والإسلامي عن الوقوف في وجه المحاولات الصهيونية الآثمة لتهويد القدس وهدم الأقصى؛ فلقد أثبت أبناء الأقصى المرابطون أنهم يفدونه بأرواحهم وأنفسهم، وإنهم لجديرون بأن تقف الأمة من ورائهم، وأن تشد من أزرهم، حتى يكتب الله لهم النصر ولأقصانا ومدينتنا التحرير بإذن الله.

وإني لأدعو كل مسلم في هذه الأيام المباركة وبخاصة حجاج بيت الله إلى التضرع إلى الله في إخلاصٍ وإخباتٍ وخشوعٍ أن يفك أسْرَ البلد المبارك، ليلحق بأخويه مكة والمدينة، وأن يكتبَ لأهله ونازليه الأمنَ في ظل الإسلام الحنيف، وأن يحفظه وأن يثبت المجاهدين من أهله ويربط على قلوبهم حتى يتم لهم النصر الموعود إن شاء الله، وأن يحفظ المسجد الأقصى المبارك من كيد الصهاينة المجرمين، وأن يلحقه بأخويه المسجد الحرام والمسجد النبوي في الأمن والأمان والسلامة والإسلام.

وكل عام وأمتنا الإسلامية بألف خير، والله أكبر ولله الحمد، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

القاهرة فى : 2 من ذى الحجة 1430هـ الموافق 19 من نوفمبر 2009م

يارب والأقصى يهدم

Posted by حسام خليل in


لعب ولهو

Posted by حسام خليل in

إذا أراد الكبار أن ينجزوا مهمتهم ألهوا الصغار بلعب يصنعونها لهم بدقة شديدة وعناية فائقة وينفقون عليها المبالغ الطائلة حتى ينشغل الأطفال بلهوهم ويتفرغ الكبار لتنفيذ ما هم عازمون عليه من مهام جسام في هدوء شديد بعيدا عن الضوضاء الذي يعكر صفو التركيز ويعطل عن الإنجاز المحكم السريع

فبينما يستمتع الصغار بقضاء أوقاتهم الرخيصة في لعب ولهو ، يستثمر الكبار كل دقيقة في جد واجتهاد وعزم وتصميم وكأنهم في سباق مع الزمن فلا يلتفتون لما يتهافت عليه الصغار بل يسخرون من هؤلاء السذج الذين نسوا في غمرة انشغالهم بضياع أوقاتهم أنهم يلعبون وأن الدمية التي بين أيديهم إنما هي لعبة فتراهم يتقاتلون ويتشاجرون ويحزنون ويفرحون ويفكرون ويخططون وينامون ويستيقظون وليس في رأسهم إلا أمر ما بين أيديهم من لعب صنعها لهم الكبار بحنكتهم ودهائهم
وحينما يتفاخر الصغار بتحقيق انتصارات وهمية في معاركهم يصفق لهم الكبار مشجعين وهم يضحكون ، والضحك هنا بالطبع ليس فرحا بانتصار الصغار ولكن سخرية منهم وتشجيعا لهم حتى يستمروا في غمرة انشغالهم عما أنجزه وينجزه الكبار في صمت شديد وسرية تامة
وفي كثير من الأحيان يتعمد الكبار إشعال نار التنافس بين الصغار وتسليط الأضواء التي تخطف الأبصار ليرتبط الصغار بملاعبهم ليل نهارفبينما توغلت قوة صهيونية خاصة مساء الجمعة (13-11) شمال شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة،من بوابة السريج شرق بلدة القرارة شمال شرق مدينة خان يونس جنوب القطاع، وسط الحقول الزرعية، يترقب عشاق كرة القدم المواجهة الحاسمة التي ستجمع منتخب مصر الأول مع نظيره الجزائري , مساء السبت , بالقاهرة فى الجولة السادسة الأخيرة لمباريات المجموعةالثالثة فى تصفيات إفريقياالمؤهلة لنهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا.
وفي الوقت الذي استعد فيه خمسة عشر جنديا عربيا لحماية مباراة مصر والجزائر حيث تحولت مدينة أم درمان إلى شبه ثكنة عسكرية بهدف الحيلولة دون مواجهات محتملة بين جمهوري الفريقين في المباراة المؤهلة لكأس العالم 2010 ، توغلت ست جرافات وأربع دبابات صهيونية يوم الثلاثاء 17 / 11 قرب مجمع النفايات شرق منطقة حجر الديك جنوب شرق غزة وتقدمت
مسافة 200 متر وبدأت في أعمال تجريف ومسح لأراضي المواطنين متجهين نحو بوابة النسر، وقاموا بهدم منزلين بما فيهما من أثاث وتسببوا فس تشريد سكان المنزلين الذين يزيد عددهم عن أربعين مواطنا ، كما تقوم قوات الاحتلال بين الحين والآخر بعمليات مسح وتجريف للشريط الحدودي، في محاولةٍ لكشف أي تحرك أو إجراء من قِبَل المقاومة.

ومن الأخبار التي ألفناها وأصبحت عادية لا تحرك فينا ساكنا وكانت تتحرك لها جيوش الأحرار في الماضي أن اعتقلت قوات الاحتىل الصهيوني ليلة المباراة الحاسمة مساء الثلاثاء 17 / 11 / 2009 امرأة فلسطينية رفضت خلع ملابسها للتفتيش بعد الاعتداء عليها بالضرب على حاجز بمدينة الخليل وقد تم نقلها
لمركز اعتقال تابع لشرطة الاحتلال في مغتصبة كريات أربع شرق المدينة .

هزت صخور الأرض صرخة حرة
يسري الخراب بحيِّها ويشيعُ

هتك اليهود هناك عرض بناتها
ذلا وجيش المسلمين وديعُ
وحتى يتفرغ اليهود لمهمتهم في المسجد الأقصى ، ألهوا كل فريق من أمتنا بلعبته المفضلة فهؤلاء منشغلون بالتناطح حول خلافات فقهية في الفروع ، وهؤلاء ملهيون في البحث عن لقمة العيش ، وهؤلاء في سكرتهم يعمهون ، وهؤلاء يتابعون كل جديد في عالم الفن ، وكلٌ في فلكٍ يسبحون
وكل عضو في جسم الانسان له أهميته وحجمه الطبيعي وبالرغم من خطورة دور كل عضو إلا أنه لو زاد حجمه عن الحجم الطبيعي لتشوه الجسد كله ، فلا يستطيع أحد كائن من كان أن يهون من شأن الرياضة ولا أن يقلل من أهمية الفن ودوره في بناء الشعوب ولا أن يمنع أحدا من أن يسعى على لقمة عيشه ولا أن يكمم أفواه العلماء من البحث في الأحكام الفقهية الفرعية ولكن كل شئ إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده
القدس تصرخ والمحارم دُنست
بطش اليهود على القطاع شنيعُ
لا يرقبون بمؤمن إلا لهم
في كل قطر مركب ومطيعُ
وحماتنا مستيقظون سلاحهم
شجب وغصن شوكه التشنيعُ
وحمامة ترمي السلام قذيفة
وتعود يرفع رأسها التطبيعُ
وإذاعة كالبرق في إرسالها
تحكي لنا وعلى الهواء تذيعُ
وتبشر الأطفال ألا تحزنوا
سيغيثكم بث به التقريعُ
ومفاوضون معاندون كلامهم
فوق الموائد مؤلم وفظيعُ
ومناضل قص الشريط بقوةٍ
فإذا البوار على يديه بقيعُ
وحماسة بالليل تلهب عزمنا
حتى إذا طلع النهار تميعُ
والفارس الوضاء في ساح الهوى
بطل همام مقبل وشجيعُ
يغزو القلوب برمش عين ساحرٍ
ويسير هونا والأسير تبيعُ
وفريقنا المغوار عند هجومه
هز الشباك فهزه التشجيعُ
واسترجع الأبطال أمجاد الألى
وأتوا بكأس زانه الترصيعُ
من للثكالى في ميادين الوغى؟
إن الجهاد فريضة فأطيعوا
فالله عز وجل حينما أراد أن يحقر الدنيا وصفها بأنها لعب ولهو فكيف بنا نضخم هذا اللعب وذلك اللهو فيصبح كل اهتمامنا في كل أوقاتنا فلا تكاد تسمع حديثا يدور هذه الأيام إلا عن المباراة الحاسمة ولا تكاد تضغط على أزرار الريموت أمام التلفاز إلا وجدت برنامجا عن المباراة القادمة وإذا أردت أن ترى شوارع القاهرة بلا ضجيج ولا ازدحام فتجول في ميادينها وقت المباراة وإذا أردت أن ترى فرحة على وجه مواطن مصري فانظر إلى ملامحه عندما تهتز شباك الفريق المنافس لفريقه المفضل وإذا أردت أن تقيس قيمة الوقت عند المواطنين فانظر إلى 2 مليون مصري يجلسون منذ الثانية عشر ظهرا إلى التاسعة مساء في استاد القاهرة الدولي وإذا أردت أن تشعربمدى ثراء الشعب المصري فاسأل عن أسعار التذاكر في السوق السوداء
ولا يقف أمر الاهتمام بهذا اللعب عند هذا الحد بل وصل إلى حد التشنجات العصبية لكثير من المشجعين وكثيرا ما سمعنا عمن مات بالسكتة القلبية حزنا وانفعالا لهزيمة فريقه الذي يشجعه ، وكثيرا ما تتعطل المصالح وتغلق المحلات وكأن البلد كلها في حالة طوارئ بسبب هذا اللعب وذلك اللهو
كنت عائدا ذات يوم من مدينة الاسماعيلية متجها إلى القاهرة برفقة صديق لي وعندما وصلنا إلى موقف السيارات سألنا أحد الركاب وكان واقفا خارج السيارة : نريد الذهاب الى ميدان رمسيس فهل هناك في موقف الاسماعيلية سيارات تحملنا الى هناك؟ فأجابنا قائلا : مفيش حاجة بتروح رمسيس من هنا كله بيروح المرج ، وفي النهاية ركبنا واستسلمنا وجلس ذلك الراكب في منتصف السيارة ونحن خلفه وظل طوال الوقت منذ أن استقر مكانه يتحدث لجاره عن كرة القدم وتاريخ اللاعبين ورأيه في المدربين وتوقعاته لمستقبل الكرة في مصر حتى تساقطت الرؤوس من حوله نوما فلم ترتفع إلا على صوته العالي أثناء انفعاله في الحديث ثم تعود للنوم مرة أخرى ، وحينما وصلنا إلى مشارف القاهرة استيقظ الجميع على صوت ذلك المحلل الرياضي متسائلا في دهشة : هي العربية دي رايحة فين ؟ فأجبناه جميعا : إلى القاهرة ، فإذا به يخبط بكلتا يديه على رأسه قائلا : ياااه أنا كنت رايح بورسعيد

من أروع ما سمعت (مش باقي مني)

Posted by حسام خليل in




أدركوا سفينة الإنسانية

Posted by حسام خليل in

الحمد لله رب العالمين والصَّلاة والسَّلام على أشرف المرسلين، النَّبيِّ الهادي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد
يقول الله تعالى في مُحْكَمِ تنزيله ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا﴾ [سُوْرَةُ الإسراء: 70].. ولكنَّنا، إذ نتدبَّر في حال دنيا القرن الحادي و العشرين، واستجابةً لما أمرنا به اللهُ تعالى من أنْ نمشي في الأرض، وأنْ نرى آياته في الآفاق، آخذين منها العظة والعبرة، استعدادًا ليوم البعث الذى لا ريب فيه، سيجد المُطَّلع منَّا على حال الإنسانيَّة في الوقت الرَّاهن، أمامه صورةً بائسةً؛ حيث ظهر الفساد في البرِّ والبحر بما كَسَبَتْ أيدي النَّاس.
وبات إقصاء الآخر، بل وقتله، هو عنوان الخلاف، والسِّلاح هو لغة الحوار بين البشر، بدلاً من قِيَمِ التَّعارف والتَّعاون والتَّعايُش التي دعا الله تعالى إلى أنْ تكون هي أساس العلاقات بين البشر.. قال تعالى: ﴿يَا أيُّها النَّاس إنَّا خلقناكم من ذكرٍ وأُنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائلَ لتعارفوا إنَّ أَكْرَمَكُم عِنْدَ اَللهِ أَتْقَاكُم إنَّ اللهَ عليمٌ خبيرٌ﴾ [الحجرات: 13]
وبَعُدَتْ الإنسانيَّة عن فطرتها السَّليمة التي فطر الله عزَّ وجل النَّاس عليها، وباتت قِيَمُ الإنسانيَّة وأُخوَّة البشر في الأصل والمنبت الواحد، معانٍ مهجورة، وقيمًا ضائعةً؛ حيث لا يقيم الإنسان وزنًا لكرامة أو حتى لحياة أخيه الإنسان.
والمقصد من "الإنسانيَّة" هنا أنْ تكون قواعد التَّعامُل بين بني آدم هي القواعد التي حددها الله تعالى لإنفاذ رسالته من خلق الإنسان، وهي خلافة الله عزَّ وجل في الأرض وإقامة شريعته فيها وإعمارها بالشَّكل الذي يُحقِّق هذه الغايات الإلهيَّة العظيمة.. ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ [سُورة البقرة: 30]
ولذلك فإنَّ "الإنسان" له مكانةٌ ساميةٌ في الدِّين الإسلاميِّ الحنيف؛ حيث جاءت الشَّريعة وأحكامُها لرعايته، وضمان حقوقِه، ‏وتحسين أحواله وتسيير أموره في الحياة الدُّنيا، ولذلك فقد سخَّر الله تعالى للإنسان كل شيءٍ.. قال تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [سُورة النَّحل: الآية 12]، وقال أيضًا ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [سورة الحج: 65].
كما جعل مقاصد الشَّريعة الخمس حفظ الإنسان.. دينُه ونفسُه وعقلُه ونسله وماله، ليحفظ له حياته وكرامته.
ومن مظاهر تكريم الله تعالى للإنسان، أنْ خلقه في أحسن تقويمٍ.. ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [سُورة التِّين: الآية 4]، كما أنَّ الله عزَّ وجلَّ شرَّف الإنسان بأنْ ربطه بالذَّات العليَّه عندما سوَّاه بيده ونفخ فيه من روحه، وجعل الكُفْرَ بالله تعالى صِنوًا لعدم احترام وتبجيل الإنسان.. ﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ [سُورة ص71-74]
ومن أندى ثمرات هذه القِيَم والمبادئ السَّامية، مبدأُ الإخاء الإنسانيِّ، فالنَّاس سواسيةٌ في شريعة الإسلام،‏ باعتبار واحديَّة الأصل والنَّسب؛ آدم وحواء.. قال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [سُورة النِّساء: الآية 1]
والقرآن الكريم والسُّنَّة النَّبويَّة الشريفة مليئةٌ بالنُّصوص التي تحتوي على خطابٍ يبدأ بعبارة "يا أيُّها النَّاس"، والرَّسول الكريم مُحمَّدٌ (صلى الله عليه وسلم) بُعِثَ للنَّاس كافَّة، ورحمةً للعالمين.. قال (صلى الله عليه وسلم): "إنَّما بُعِثْتُ للنَّاس كافَّة".. وقال الله تعالى ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [سُورة الأنبياء: 107]
‎ ولم نُؤْمَرُ في الإسلام بالدَّعوة إلى الله وشريعته بالعُنف والقوَّة والتَّرهيب؛ ليس لأنَّنا أًمرنا بالدَّعوة إلى سبيل ربِّنا بالحكمة والموعظة الحسنة فحسب، وليس لأنَّ الإسلام دينٌ سمحٌ فقط، ولكن أيضًا احترامًا لقَدْرِ الإنسان، وعقله، وهذا الاحترام، وهذه المساواة بين البشر جميعًا، هي التي جعلت من ربِّ العزَّةِ سبحانه يُؤكِّد على مُباشرة العلاقة ما بينه وبين عبده، فلا وساطات ولا حواجزَ بين الله والإنسان. ‏
إلى أيِّ قِيَمٍ يدعون؟
هذه هي قِيَمُ الإسلام، والتي حكمت العالم لأكثرِ من ألف سنةٍ، كانت فيها دولة الخلافة الإسلاميَّة هي المنارة الوحيدة في العالم، للعلم والأخلاق والتَّشريع وإعمال العقل، في المُقابِل، وعندما كان ابن رشد يناطح الشَّافعي، وابن الهيثم يرسم مخطوطات سدِّ أسوان، وهارون الرَّشيد يتتبَّع السُّحُبَ في السَّماء لكي يأتي بخراجها الذي أمر الله به، كان الغرب يعيش حياة الكهوف والبدائيَّة وشريعة الغاب.
وعندما ظَهَرَ ما يُعْرَفُ بعصر النَّهضة والتَّنوير في العصور الوسطى في أوروبا، وبدأ الغرب في الأخذ من الحضارة الإسلاميَّة، علمًا وفكرًا، وظنَّ النَّاسُ أنَّ العالم في سبيله إلى السَّلام والتَّعاوُن، وأنَّه سوف تسوده قيم العقل والرُّوح معًا، ما كان من "الحضارة" الغربيَّة إلا أن استنَّت العديد من القوانين والسُّنَنِ التي تتنافى مع الفطرة الإنسانيَّة السَّليمة، ومع القيم التي وضعها الله تعالى لتسيير شئون عباده في الأرض.
ومن بين هذه القيم أنْ صارت المنفعة المادِّيَّة هي الأساس، وهي معيار الحكم الوحيد على الأشياء، ومن ثمَّ عمَّت الرَّذيلة والانحلال، وباتَتْ كل الوسائل متاحة أمام البشر ما دام في استخدامها تحقيقٌ لمنفعتهم.
وهو ما كان المنطق الأساسي الذي استند إليه الأوروبيُّون والأمريكيُّون في حملاتهم الاستعماريَّة في القرون السِّتَّة الأخيرة من تاريخ الإنسانيَّة؛ حيث استحلُّوا ثروات "الشُّعوب المُتخلِّفة"، بل إنهم باعوا هذه الشُّعوب نفسها في سوق النِّخاسة.. مئات الملايين من الأنفس التي كرَّمها الله تعالى خدَمَتْ في مزارع ومصانع "الحضارة الغربيَّة"، وماتوا ولم يسمع بهم أحدٌ.
وازدادت الحروب، وازداد تخلُّف العالم غير الغربيِّ بعد قرونٍ من الهيمنة الاستعماريَّة، ونشأت شعوبٌ ودولٌ كاملةٌ لا تعرف للاستقرار معنى، ولا للحضارة وسيلةً، بعد أنْ فُرِضَتْ عليها التَّبعيَّة فرضًا، لكي تكون سوقًا لتصريف مُنتجات مصانع ومزارع الغرب، وحركة أموال مصارفه العملاقة التي أنشأها اليهود في الأساس في القرن السَّابع عشر الميلادي في أمريكا لحفظ أموال قراصنة البحار الأوائل، وضمانة أنْ تستمر هذه الشُّعوب والبلدان في تموين مصانع ومزارع "الحضارة" الغربيَّة بالمواد الخام.
وكان لسَيْطَرة قِيَم الماديَّة والبراجماتيَّة وابتعاد البشر عن دِين الإله الواحد، دورٌ كبيرٌ في ترسيخ هذا الوضع، الذي أعاد الإنسان إلى عهود شريعة الغاب والاستعباد التي كافح طويلاً لكي يتخلَّص منها، وباتت مُصطلحاتٌ مثل الأُخوَّة الإنسانيَّة والتَّعاون بعيدةً عن قاموس مفردات العلاقات بين المُجتمعات البشريَّة.
وزاد الطِّينُ سوادًا والحرائق اشتعالاً عندما التقت أهداف ومصالح الغرب برأسماليَّته المُتوحِّشة، وعلى رأسه الولايات المتحدة، مع أهداف ومطامع المشروع الصُّهيونيِّ في العالم العربيِّ والإسلاميِّ؛ حيث عمَّت الدِّماء الأرض، وباتت صور اللاجئين والمُشرَّدين هي الغالبة على أخبار أُمَّتنا المغلوبة على أمرها بفعل قوى الاستكبار العالميِّ، وبفعل قوى الاستبداد والفساد الدَّاخليِّ.
حاجة البشريَّة إلى منقذٍ :
والآن، وفي ظلِّ الخراب والدَّمار الذي قاد الغربُ الإنسانيَّةَ إليها، وفي ظلِّ سيل الدِّماء والفقر والمجاعة الذي امتدَّ فيضانه في العالم أجمع بسبب قِيَمِ النَّفعيَّة والاستكبار الغربي، باتت الإنسانيَّة في حاجةٍ إلى تطبيق سياسةٍ للإنقاذ السَّريع، تحفظ للإنسان حياته، وتصون مالَه وعِرْضَه، وتنقذ ما تبقَّى له من كرامته، وتعلي من قِيَمِ التَّعاوُن والإخاء على حساب المنافع الماديَّة والشُّعوبيَّة الضَّيِّقة.
وعبر تاريخ الإنسانيَّة الطَّويل، لم تعرف البشريَّة دعوةً أو دينٍ مثل الإسلام يمكن أنْ ينقذ العالم ممَّا تردَّى فيه.
وما قلناه في صدد تكريم الإسلام للإنسان، وإعلائه لشأنه ليس عبارةً عن شَعاراتٍ أو أمنياتٍ عاطفيَّةٍ، بل هو تجربةٌ تاريخيَّةٌ بكلِّ ما لها من معانٍ وتطبيقاتٍ أقامت يومًا دولةً هي الأعظم عبر التَّاريخ.
لقد وضع رسولنا، رسول الإنسانيَّة، مُحمَّدٌ (صلى الله عليه وسلم) دعائم الإخاء والمساواة والعدالة في عقيدة التَّوحيد التي بلغها عن ربِّ العزَّة سبحانه، فيقول: "‎‎يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى" [رواه أحمد].
وفي خطبة حِجَّة الوداع، نجده يرسي أعظم قواعد العلاقات الإنسانيَّة وأسماها، ويعطي الإنسان قدره وكرامته وقُدُسِيَّتَه وقدسيَّةً كل ما يملكه، عندما يقول: "أيُّها النَّاس اسمَعُوا قَوْلي، فإنِّي لا أدري لعلِّي لا ألقاكُم بعد عامِي هذا بهذا الموقف أبدًا، أيُّها النَّاس إنَّ دماءَكُم وأموالَكُم عليكم حرامٌ إلى أنْ تَلْقَوْا ربَّكم كحرمةِ يَوْمِكُم هذا، وكحرمةِ شهرِكُم هذا، وإنَّكم ستَلقَوْن ربَّكُم فيسألُكُم عن أعمالكم وقد بلَّغت، فمنْ كان عِنْدَهُ أمانةٌ فليؤدِّها إلى مَنْ ائْتَمَنَهُ عليها" [رواية ابن اسحاق لخطبة الوداع]
ودينُنَا دين الأخلاق والقيم التي تحفظ للإنسان مكانته، "إنَّما بُعِثْتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ".. هذا هو نبيُّنا.. هذا هو دينُنَا.
وهو ليس بسلوكِ مُحمَّد (صلى الله عليه وسلَّم) فحسب، بل إنَّ الإسلام مدرسةٌ ربانيَّةٌ صبغت بمعالمها حياة المسلمين من بعد، فها هو أمير المؤمنين عمر بن الخطَّاب (رضي الله عنه) يضع أوَّل لبنةٍ في أنظمة الرَّعاية الاجتماعيَّة، التي هي أسمى مظهر من مظاهر الحضارة الإنسانيَّة.. أنْ تعطِف على الطِّفل والشَّيخ وغير القادر، ولا فرق في هذا بين مسلمٍ وغير مسلمٍ في بلاد الإسلام.
فها هو أحد تلاميذ مدرسة النبوَّة، عمر الذي دانت له الأرض، يرى ذات مرَّةٍ في السُّوق شيخًا كبيرًا يسأل الناس صدقةً، فيقول له من أنت يا شيخ؟، وكان من يهود المدينة، فيقول له: "أنا شيخٌ كبيرٌ أسأل الجزية والنَّفقة"، فإذا بعمرٍ العظيم يقول: "ما أنصفناك يا شيخ، أخذنا الجزية منك شابًّا ثم ضيَّعناك شيخًا"، وأخذ بيده الى بيته، ووضع له الطَّعام، ثم بعث إلى خازن بيت مال المسلمين، ويأمره: "أفرض لهذا وأمثاله ما يُغنيه ويُغني عياله"!!
ومن عمر أيضًا، تعلَّمنا أنَّ الإسلام دينُ الرَّحمة والعدل في الحكم بين الرَّاعي والرَّعيَّة، فها هو يبكي في صلاة الفجر رقةً لبكاء أحد الأطفال الذي أجبرته أمُّه على الفطام المبكِّر للحصول على ما فُرِضَ للأطفال المفطومين من بيت المال، وأمر مناديًا يُنادي في النَّاس ألا يعجلوا بفطام أطفالهم، وفرض فريضةً لكلِّ مولودٍ.
والأمثلة على ذلك كثيرةٌ ولا تُحصى.. هذا هو إسلامُنا الذي فيه الرَّحمة حتى بالحيوان- "لكلِّ ذات كبدٍ رطبةٍ أجرًا"- دين العدالة الذي اقتصَّ لأحد أقباط مصر من ابن عمرو بن العاص حاكم مصر.. هذا الدِّين الذي يسعى أعداؤه الآن لتشويهه وطمسه، ووصمه بالوحشيَّة، بينما جماجم الأطفال والشُّيوخ في غزَّة وباقي فلسطين وفي العراق وفي افغانستان ولبنان تشهد على "رحمة" النِّظام العالميِّ الجديد!!
أيُّها المسلمون.. أيُّها المؤمنون بهذا الدِّين في كلِّ مكانٍ إنَّ الأمانة التي تحملونها الآن ثقيلةٌ.. فمطلوبٌ من كلٍّ منَّا في موقعه.. الدَّاعية.. رجل السِّياسة.. العالِم.. الصَّحفي.. الطُّلاب والصُّنَّاع والزُّرَّاع.. أنْ يعيدوا النَّظر في حالهم، وأنْ يعودوا إلى صحيح الدِّين، وأنْ يعيدوا إنتاج الإسلام كما أنزله الله.. نظام حياةٍ كاملٌ.. ليس عقائد فقد.. ليس عباداتٍ فقط.. ليس معاملاتٍ فقط.. بل هو كلُّ ذلك.. فطبِّقوا الإسلام..
أيُّها النَّاس.. آمنوا بالله ورُسُلِه وكتبه وباليوم الآخر.. أصلحوا بين النَّاس.. أيَّها الأبناء أصلحوا ما بينكم وبين أبويكم وأصلحوا ما بين أهليكم وعشيرتِكم، فالإصلاح بين النَّاس عبادةٌ ساميةٌ عظيمةٌ.. أدُّوا الأمانات.. احكموا بالعدل.. ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ [سُورة النِّساء: الآية 58].. اجتهدوا في عَمَلِكُم.. "إنَّ الله يحبُّ إذا عَمِلَ أحدُكُم عملاً أنْ يتقنَه" [حديثٌ صحيحٌ]
وهذا ما ليس فيه صلاح الأُمَّة فحسب، بل صلاحٌ وإنقاذٌ للإنسانيَّة كُلِّها، ممَّا ترَّدت فيه من هاويات البؤس والشَّقاء..
عبادَ الله تذكَّروا قوله ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [سُورة ص: الآية 150]
وآخر دعوانا أنْ الحمد لله رب العالمين...
القاهرة فى: 24 من ذي القعدة 1430هـ الموافق 14 نوفمبر 2009م

عنتر عبلة شجيع السيما

Posted by حسام خليل in

.

إنَّ الحمدَ لله.. نستغفره ونستهديه، ونعوذ به من شرورِ أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا.. مَنْ يهدِ اللهَ فلا مضلَّ له، ومَنْ يُضْلِلُ فلا هادي له.. ونُصلِّي ونُسلِّم على سيدنا مُحمَّد، النَّبيِّ الهادي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعَيْن.. أمَّا بعد..
فإنَّ كلَّ حصيفٍ يُطيلُ النَّظر من حوله في عالمنا المُعاصِر، يجد أمامه مظاهر الابتلاء تُحاصرُ هذه الأُمَّة.. فما بين مُحتلٍّ غاصبٍ ينهب الخيرات وينتهك الحُرُمات ويقتل الأبناء، وبين حاكمٍ ظالمٍ مُستبدٍّ، يستغل خيرات هذه الأُمَّة ومقدراتها لترسيخ حكمه، ولو على حساب أمن واستقرار الأوطان، ولو على حساب كرامة مواطنيه؛ بل وحياتهم نفسها في كثيرٍ من الأحيان..
وليس ما يجري في باكستان وأفغانستان والعراق وفلسطين ولبنان ومصر، وغيرها من بلدان هذه الأُمَّة المُبتلاة والمُفترى عليها من الأعداء ومن بني الجلدة، إلا صورةً واحدةً على اختلاف الأطر التى وُضِعَتْ فيها هذه الصُّورة..
ففي أفغانستان والعراق وفلسطين، محتلٌّ غاصبٌ.. هو ذاته ذات المحتل، المُكوَّن من أطراف التَّحالُف الشَّيطاني الأمريكيِّ- الصُّهيونيِّ، ومن ورائه الغرب، الذي لا يخرج حاله عن ثلاثٍ.. إمَّا متواطئ وداعمٌ للمشروع الاحتلالي، أو يلعب دور مُحامي الشَّيطان، أو هو الشَّيطان ذاته، ولكنَّه شيطانٌ أخرس!!
أمَّا في باقي بلدان الأُمَّة العربيَّة والإسلاميَّة، إلا من رَحِمَ ربِّي، فإنَّ المعتدي هو الوجه الآخر للعُمْلة.. هو الحاكم الفاسد المُستبدُّ.. ولقد وَصَلتْ هذه الفئة من الشَّراذِم الحاكمة في بلداننا إلى مُنتهاها من الظُّلم والعُدوان على شعوبها.. فما بين أنظمةٍ فاسدةٍ تنهب الخيرات والثَّروات لحساب فئةٍ قليلةٍ من المُنتفعين، وصولاً إلى أنظمةٍ تضرب شُعوبها بالطَّائرات وتطحن أجسادهم بالدَّبَّابات، وتُشرِّدُهم، مثلما يفعل المُستعمر، ورُبَّما بشكلٍ أكثر فظاعةٍ وبشاعةٍ في عصر حقوق الإنسان!!
إخواني :
لا يمكن أبدًا الفَصَل ما بين وجهَيْ العُملة، ليس لأنَّ الظُّلم واحدٌ، ولأنَّ الضَّرر واحدٌ فحسب؛ بل لأنَّه صار هناك نوعٌ من التَّحالُف غير المُقدَّس ما بين حُكْمٍ ظالمٍ واستعمارٍ غاشمٍ؛ حيث التقتْ أجندة الطَّرفَيْن، بما استوجب قيام نوعٍ من أنواع الشَّراكة السَّوداء ما بين كلا المشروعَيْن.. المشروع الأمريكيُّ الصُّهيونيُّ ومشروع الاستبداد والفساد الجاثم على صدور أبناء هذه الأُمَّة..
ولذلك صار المُخلصون والشُّرفاء والبُسطاء على حدٍ سواءٍ، مُستهدفين من هذا وذاك، بالتَّضييق والاعتقال ومصادرة الأرزاق، وبالقتل كما يجري في جبال أفغانستان وباكستان واليمن، سواءً من قوَّات المُستعمِر الغاشِم أو من جانب القوَّات الوطنيَّة التي من المفترض أنَّها جُعِلَتْ للدفاع عن الأوطان وأبناء الجَلْدَة (!!)، وتحوَّل الإصرار الغربي على تركيع المسلمين إلى هدفٍ مُوحَّدٍ بين قوى الاستكبار العالمي وقوى الفساد والاستبداد الدَّاخليِّ!!
مشهدٌ أسود!!
والمشهد الرَّاهن لا يثير الأحزان فحسب على ما آلت إليه أوضاع أُمَّةٍ كانت ذات يومٍ أعظم الأُمم وخير أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ للنَّاس، بل يثير أيضًا الغضب.. الغضب ممَّا يُرتَكَب من جرائمٍ بحق شعوبنا وثرواتنا، ومن إصرار البعض على الاستمرار في سياساتٍ لم تجرُّ علينا إلا الويلات والمصائب.. ولنأخذ ممَّا يجري في الملف الفلسطينيِّ نموذجًا.. فمن المدهش أنَّه لا يزال البعض يُصدِّق أنَّ الكيان الصهيوني والولايات المتحدة جادون فيما يدَّعونه حول الوهم المسمَّى بـ"عملية السَّلام في الشَّرق الأوسط"!!
والأكثر إثارةٍ للدَّهشة والغضب والاستنكار أنَّه لا يزال من بني العرب والمسلمين من يُصدِّق بالرَّغم من أنَّ الطَّرف الآخر يعلن كل يومٍ صراحةً مواقف لا تدع مجالاً للشَّكِّ في حقيقة النَّوايا الأمريكيَّة والصُّهيونيَّة إزاء حقوقنا في فلسطين السَّليبة.
فالإدارة الأمريكيَّة الحالية تتبنَّى سياسةً تقوم على أساس إعطاء الكلام والوعود فقط للطَّرَف الفلسطينيِّ الذي ارتضى خيار التَّفاوُض مع العدو، فيما يأخذ الكيان الصُّهيونيُّ الغاصب في فلسطين كلُّ ما يريد من أفعالٍ وسياساتٍ و دعم و ممالأة و تدليس من البلد الأعظم في عالم اليوم.
وكان آخر هذه المواقف والسِّياسات ما أعلنته وزيرة الخارجيَّة الأمريكيَّة هيلاري كلينتون في زيارتها الأخيرة المشئومة للمنطقة؛ حيث نكصت على كلِّ ما سبق أنْ أكَّدت عليه الإدارة الأمريكيَّة في موضوع المستوطنات في الضِّفَّة الغربيَّة المحتلة، ووقفت بكلِّ وقاحةٍ لتُعْلِن تخلِّيها عن شرط تجميد الاستيطان في الضِّفَّة المُحتلَّة، والذي وضعته بنفسها، لاستئناف "مفاوضات السَّلام".
وبلغت درجة الوقاحة بالوزيرة الأمريكيَّة أن أعلنت تبنِّيها الكامل لموقف رئيس وزراء الكيان الغاصب المجرم الإرهابي بنيامين نيتانياهو، لتقول إنَّه مُحقٌّ من النَّاحية التَّاريخيَّة في موقفه الرَّافض لربط استئناف المفاوضات مع السُّلطة الفلسطينيَّة بوقف بناء وتوسيع المُغتصبات في الضِّفَّة!!
وليس من الغُبْنِ لأحدٍ القول إنَّ القضيَّة الفلسطينيَّة تشهد بالفعل تراجُعًا كبيرًا منذ أنْ تولِّي الرئيس الأمريكيُّ الحالي باراك أوباما للمسئوليَّة في البيت الأبيض، فالأرقام تُؤكِّد والحقائق على الأرض تقول إنَّ فترة الإدارة الأمريكيَّة الحالية على كونها لم تتجاوَز بضعة أشهرٍ، هي الأسوأ بالنِّسبة للفلسطينيِّين؛ حيث شهدت أكبر عمليَّة ترحيلٍ في تاريخ القدس المحتلَّة للفلسطينيِّين من ديارهم، مع تراجُعٍ كاملٍ في الموقف حتى من الوعود الهزيلة المُتعلِّقة "بالدَّولة" الفلسطينيَّة.
ولكن وعلى سوء الوضع، فإنَّ هناك جانبًا مشرقًا للأمور كسُنَّة من سُنَنِ الله فى الكون وقوانين الخلْق الإلهي؛ حيث أثبَتَتْ الأحداث بالفعل أنَّ الرَّهان الذي راهنه البعض على الولايات المتحدة، إنَّما هو رهانٌ فاشلٌ، وأنَّه لو استمر هذا الطَّرف الفلسطيني أو ذاك على ذات النَّهج - التفاوض العقيم -، لن يكون إلا كاشفًا لموقفه، إمَّا عميلٌ أو تابع أو ديكتاتور مستبد لا يرغب سوى في تحقيق مصلحته الذَّاتيَّة على مصلحة شعبه وقضيَّته الشَّريفة.
تاريخٌ من الشَّهادة والتَّضحية :
يا أيُّها المسلمون.. إنَّنا إذا ما نظرنا إلى الحالة من وجهةِ نظرٍ أكثر شمولاً، فسوف نجد أنفسنا مُطالبين في الوقت الرَّاهن بتحديد الأولويَّات.. والأولويَّات هنا أوضحتها التَّطوُّرات التي أثَبَتَتْ أنَّ المقاومة حتى الانتصار أو الشَّهادة في سبيل المبدأ والدِّين والقِيَم، لا تزال هي الخيار السَّليم، بل الخيار الوَحْيد الواقعيُّ والقابل للتَّنفيذ في مواجهة ما يجري.
وما نقوله هنا أيُّها الإخوان ليس بجديدٍ وليس اختراعًا؛ حيث إنَّ هذه الأُمَّة أثْبَتَتْ عبر التَّاريخ قُدرتها على الفداء في سبيل دينها وقِيَمِهَا التي تؤمن بها.. أثْبَتَتْ أنَّها أكثر من مرَّةٍ أنَّها قادرةٌ على نيل حريَّتِها.. على مُقاومة مُختلف ألوان الاستعمار والاستبداد، مهما كانت التَّضحيات والعقبات.
فمن التَّل الكبير وكفر الدَّوَّار والأزهر الشَّريف عبر التَّاريخ، وصولاً إلى مُرابطي فلسطين وأكناف بيت المقدس، مرورًا بالجزائر وبثورتها التَّحريريَّة المُباركة والتي قدَّمَتْ فيها أكثر من مليون شهيدٍ، والعراق بثوراته العديدة التي أطاحت بالاستعمار والاستبداد، والمقاومة المصرية التى أجبرت الجيش البريطانى على الرحيل نجد أنَّ ما ندعو إليه، وما نُحاول إثباته ليس أمرًا مُستحدثًا أو فرضته الظُّروف فحسب، بل إنَّه أمرٌ من صميم عقيدة الإنسان المسلم، وفطرته التي فطر الله تعالى النَّاس عليها، فإنَّ من سمات الإنسان المؤمن ألا يرضى بالهوان.. قال تعالى: ﴿وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)﴾ [آل عمران].
ومن سمات الإنسان المسلم العزَّة والعيش بكرامةٍ، وإلا فالموت أَهْوَن وأَشَرْف وأكرم من العيش في ذلَّةٍ تحت نير استعمار أو بين براثن استبدادٍ وفسادٍ، كما أنَّ الإنسان المسلم الصَّحيح هو الذي لا يرضى بالظُّلم ويأمر بالعدل، وأنْ يكون حُرًّا..
بل إنّ الله تعالى جعل قيم الحُرِّيَّة من صميم الفطرة الإنسانيَّة َ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22)﴾ [سورة المُلْك]، وقال عزَّ وجلَّ في سورة النَّحل: ﴿وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهُّ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76)﴾.
وعبر التَّاريخ الإنسانيِّ، وليس فقط تاريخنا العربيِّ الإسلاميِّ، فإنَّ المُناضلين والمُجاهدين في سبيل دينهم وأوطانهم وقِيَمِهِم كانوا دائمًا في ذاكرة ووعى الشعوب، ولا تزال أوراق الكُتُبِ وعناوين الشَّوارع والميادين شاهد على ذلك..
إنَّ حريتنا وكرامتنا لن ننالها إلا بنضال سلمي حقيقي له ثمنٌ دَفعَهُ كل سائر على درب الإصلاح من قوته ووقته و جهده و حريته ... و لن ينفك يوماً نضال الأحرار ضد المحتل عن نضالهم ضد الفاسد المستبد غير أن لكل وسائله .
فليعلم قومنا أن روحاً جديداً يجب أن تسري في النفوس
زارعة الأمل في أرض يسعى الاستعمار و الاستبداد لتبويرها باليأس ...
و باسطة لأشرعة العزة في مواجهة انكسارات و احباطات تحاصر الأمة من أثر الشتات و الفرقة و السرقات...
وقادرة على الإعداد :
للعدو المحتل عدة المواجهة التي تردع و ترد و تدفع بكل سلاح حر مقاوم...
و للآخر المستبد والفاسد عدته التي ترده عن غيه و تحاسبه على تقصيره و تثنيه عن سعيه لسجن الأوطان والمواطنين وعدتنا في هذا لا بغي فيها ولا إثم ولا عدوان، لأن تحرير الأوطان من الطغيان بكافة مظاهره، لا يكون إلا بالنضال السلمي، الذي يراه الإخوان وحده هو السبيل لينصلح ما مال من أحوال، و تتفجر طاقات دفنها الإهمال، و ساعتها تتحقق للأمة الأمال، و لن يشقى سائر على درب المقاومة يوماً، مهما بذل لأن لكل ميلاد آلام مخاض، يذهب بكل آلام الأمم.
فأي شرف في أن ننال شهادة ونحن نقاوم محتلا أو نُمتحن من طاغية أو فاسد أو مستبد ونحن نزيحه عن جسد البلاد وأسر العباد ممتثلين قول رب البرية ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74)﴾ [سورة الأنفال].
فاللهم أبرم لهذه الأمة إبرام رشد يعز فيه كل حر وشريف و مصلح و مقاوم و مجاهد و يذل فيه كل محتل و مستبد و فاسد و فاجر و سارق و آسر .
وآخر دعوانا أنْ الحمد لله رب العالمين.. وصلِّي الله وسلِّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
محمد مهدي عاكف
القاهرة في :
17 من ذي القعدة 1430هـ الموافق 5 من نوفمــبر 2009م

من أجلك أنت

Posted by حسام خليل in



استطاع الحزب الوطني من خلال مؤتمره السنوي السادس تحت شعار "من أجلك أنت" ، أن يشد انتباه المصريين ويثير دهشتهم ويخرجهم قليلا من حالة البؤش والإحباط التي يعيشونها ، وذلك من خلال مشهد فكاهي رائع استطاع المخرج بحنكته والممثلون بخبرتهم أن يجعلوا المشاهدين لا يكفون عن الضحك والتعليقات الساخرة.


والمشهد ببساطة حين خرج الطالب فرحا مسرورا ممسكا بشهادته وهو يصيح بأعلى صوته الحمد لله نجحت وتفوقت ، ووقف زملاؤه من حوله يهنئونه ويقبلونه ويعانقونه وهو يعدهم بمزيد من التفوق في الأعوام القادمة ، ووقف الأساتذة من خلفه مندهشين متسائلين :


هل هذا الطالب الراسب لم يقرأ شهادته جيدا ؟ أم أنه لا يستطيع القراءة ؟ أم أنه يعلم في قرارة نفسه أنه راسب ولكنه يتعمد خداع الناس؟


هذا هو تماما ذلك الجدل الذي أثير حول المؤتمر وهذه هي نفس الأسئلة :


هل هؤلاء الناس لا يعيشون الواقع ؟ أم إنهم لا يستطيعون قراءة الواقع ؟ أم هو السؤال الثالث والحالة الثالثة والعياذ بالله ؟


وتعددت تفسيرات الناس لما يعود إليه الضمير (أنت) في شعار المؤتمر المثير جدا " من أجلك أنت " فمن قائل يقول لعله يعود على الرئيس مبارك وآخر يقول أن الضمير إنما يعود على السيد جمال مبارك.


ولكن قطعت جهيزة قول كل خطيب حينما تحدث السيد صفوت الشريف الأمين العام للحزب الوطنى الديمقراطى قائلا : "إن شعار المؤتمر "من أجلك أنت" قد تحقق لأن الحزب شخص المشاكل التى تهم المواطنين من طفل وفلاح وعامل وطالب وامرأة، وكل مكونات وشرائح المجتمع المصرى، ووضع الرؤى والأهداف للحكومة لحل هذه المشاكل فى أسرع وقت ممكن وإن رؤيتنا فى الحزب الوطنى لمشاكل المواطنين واضحة، والتزامنا بتحقيق ما ورد فى البرنامج الانتخابى للرئيس حسنى مبارك منذ أربع سنوات يجرى تنفيذه طبقاً لما هو مخطط له وأكثر وأن رفع مستوى المعيشة للمواطن المصرى خاصة محدودى الدخل ودفع جهود التنمية فى مقدمة اهتمامات وشواغل الرئيس مبارك زعيم الحزب".


لذا فقد أصبح مفهوما بما لا يدع مجالا للشك أن المقصود (والله أعلم) بالضمير" أنت" في الشعار إنما هو المواطن المصري وهذه بشرى أزفها من خلال هذا المقال المتواضع إلى كل مواطن مصري فأقول له : أبشر بطول سلامة يا مربعُ ، أبشر بمزيد مما أنت فيه فأنت المقصود لا غيرك يا بن الشعب


ولكي يظل هذا المفهوم صحيحا وجب علينا أن نتناسى الواقع وألا نقرأ الشهادة التي في يد الطالب ونكتفي بسماع الجعجعة ولا نبحث عن الطحن وأن نحذف البيت الثاني من هذين البيتين



زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً


أبشر بطول سلامة يا مربع


ورأيتُ نبلَك يا فرزدق قَصَّرت


ورأيتُ قوسَك ليس فيها منزع






يجب أن ننسى وأن نتناسى تراجع مستوى التعليم والجامعات المصرية على المستوى العالمى،ومدى قبول الشعب المصرى لتصدير الغاز لإسرائيل، وإخفاقات النظام المصرى فى الإقناع والحشد لتصعيد وزيره لمنصب مدير عام "اليونسكو"، والإضرابات المتوالية والملايين التى أهدرت فى الدعاية على تطوير السكة الحديد، دون طائل حقيقى غير المساس بسلامة المواطن المصرى، ودون تطوير حقيقى فى مهارات وقدرات العاملين بهيئة السكة الحديد،.وإلا سوف يكون للشعار مفهوم آخر ألا وهو ، من أجلك أنت نزيف الحقائق ونتلاعب بالبيانات ونضع الإحصاءات والأر قام الصحيحة في غير موضعها الصحيح ، من أجلك أنت نحاول تجميل الصورة على حساب المضمون ، من أجلك أنت أردنا أن تعيش في الوهم بعيدا عن حقائق واقعك المر ، من أجلك أنت سنستمر في الحكم حتى آخر نفس


وقد يكون للشعار مفهوم آخر بمنطق فرعون حينما خاطب شعبه قائلا من أجلك أنت " ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ "


فقد يعجبنا الكلام خاصة إذا كان مؤكدا بالأيمان المغلظة ولكن الحقائق على أرض الواقع تكذب، وهذا ما أخبر القرآن عنه في هذه الآية من سورة البقرة




فإذا كان الجدل هنا حول تفسير الضمير "أنت" فإني ألفت الانتباه إلى كلمة أخرى وردت في الشعار الميمون ربما كان لها مدلول آخر ، فمن المعلموم في قواعد النحو أن تغيير حركات الحروف من شأنه أن يغير المعنى ،ومن هنا أقول والله أعلم أنه ربما كانت الجيم في كلمة أجلك مفتوحة وليست ساكنة وهنا سوف يكون للشعار معنى آخر إذا اتفقنا جميعا أن المقصود بالضمير هو المواطن المصري فيكون الشعار إذاً


من أجَلك أنت


وعلى القارئ التفسير


بقلم حسام خليل