مصطفى علي عوض الله

Posted by حسام خليل in ,


لايعيش العظماء حياتهم لمجرد الحياة ولا يمكن أبدا أن يعيشوا غثاء أو عالة على غيرهم بل إن الله عز وجل يصطفيهم لأداء رسالة ويختصهم بقضاء حوائج الناس ودعوتهم إلى الخير حتى إذا أتم الواحد منهم رسالته وأداها على الوجه الأكمل توفاه الله واختاره إلى جواره ، كالأنبياء والمرسلين جميعا وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم حيث أشار الله عز وجل إلى هذا المعنى بقوله في سورة النصر

......إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ{1} وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً{2} فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً{3}
حيث قال بن عباس هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه له . قال : إذا جاء نصر الله والفتح وذلك علامة أجلك فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا فقال عمر : إني لا أعلم منها إلا ما تقول .
وبعدما أنهى مصطفى عوض الله دورته البرلمانية الثانية على أكمل وجه جهادا في سبيل الله سواء فيما يتعلق بالجانب التشريعي والسعي لحل الكثير من القضايا والمشاكل أو فيما يتعلق بسسعيه لقضاء حوائج الناس ، وبعدما صام رمضان إيمانا واحتسابا وقضى معنا عيد الفطر المبارك ، وصام ستا من شوال توفاه الله بعدما أتم صيام اليوم السادس من شوال مباشرةً وبعدما نطق الشهادتين في أول ليلة جمعة بعد رمضان والعيد لتكون جنازته يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة ويحضرها البعيد والقريب من كافة أنحاء الجمهورية في مشهد مهيب لم نشهد له مثيلا في الفيوم من حيث عشرات الألوف التي جاءت للصلاة عليه وتشييع جنازته في هذا اليوم العظيم المبارك ويصلي الجنازة بالناس فضيلة المرشد العام لللإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع ثم يلقي كلمة على قبره.
مصطفى عوض الله لم يمت ، هو ليس في عداد الأموات ، لأنه قضى حياته مجاهدا في سبيل الله والله عز وجل يقول (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون ) نعم فلقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم : الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله ، ولقد قضى حياته رحمه الله في قضاء حوائج الناس وكان هينا لينا مع الصغير قبل الكبير والفقير قبل الغني ولم يتأخر عن أحد طرفة عين في ليل أو نهار وكأنه كان يتعبد إلى الله بالسعي في حاجات الناس ، أحب الله فأحبه ، وأحبه الجميع ووضع له القبول في الأرض
وإنني هنا لن أتحدث عن مناقب مصطفى عوض الله فإن مناقبه ومحاسنه وأخلاقه وسيرته وأياديه قد ترجمتها عشرات الألوف التي خرجت لتشييع جنازته من مختلف الأطياف والاتجاهات والأعمار مجمعين على حب الرجل الذي وصل بصدقه إلى قلب كل إنسان سواء كان مسلما أو غير مسلم ، ولكني أتحدث هنا عن رسالات أرسلها لنا بموته وخاتمته ، رسالات لا بد أن نقرأها ونعيها جيدا لأن الله يقول ، ((إن فى ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد))


إن أول رسالة تركها لنا مصطفى عوض الله يقول لنا فيها إذا أردتم أن يُحسن الله ختامكم فعيشوا لله (إنا لله) إذا كنتم آمنتم بأنا إليه راجعون فقولوا بلسان حالكم (إنا لله) حياتنا كلها لله ، فإذا كنا لا محالة سنموت سنموت فلماذا لا نجعل حياتنا لله ونعيش كما أراد الله بمنهج الله امتثالا لأوامر الله (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين)

كونوا أنصار الله واجعلوا مواقفكم تقول نيابة عنكم (نحن أنصار الله) وانفروا في سبيل الله ولا تتثاقلوا إلى الأرض ولا ترضوا بالحياة الدنيا فتنسيكم الآخرة واعلموا أن الأمر ليس اختيارا ولكن ان لم تنفروا جاءكم العذاب الأليم واستبدل الله قوما غيركم ] ( يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل ( 38 ) إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير ( 39
رسالة أخرى قرأناها هنا من هذا الحدث الجلل أن من كان الله معه فلا يخشى على شئ ولا يخاف من شئ ولا يحزن على فوات شئ ولا يسيل لعابه أمام شئ ولا يهتز لأي شئ (إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) فمعية الله هدفنا وغايتنا لا نرجو سواه ولا ننحني لغيره مهما بلغت الإغراءات (أليس الله بكافٍ عبده ويخوفونك بالذين من دونه) فلكم عرضت عليه ، رحمهُ الله ، الملايين والمناصب فلم ينحن وتعرض للتهديد فلم يهتز ولسان حاله يقول كما قال الله على لسان سحرة فرعون (لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا . إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى)
أحبتي في الله ها أنا اليوم في جوار ربي مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ، مسبشرا بالذين لم يلحقوا بنا فاستعدوا للمجيئ فإن ما عندكم ينفد وما عند الله باق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ، نشتاق إلى مجيئكم فاشتاقوا إلى ما عندنا وإلى من نحن في جوارهم
لن أرشح نفسي بعد اليوم لأن الله رشحني واختارني لجواره في مقعد صدق عند مليك مقتدر غير أني أهمس في أذن كل واحد منكم قائلا ، إن العبادات الاجتماعية أعظم أجرا عند الله من العبادات الذاتية الفردية وتحصيل الكمال في كليهما مطلوب شرعا وإن اختلفت مرتبتا الطلب ، فتعبدوا إلى الله بحب إخوانكم وقضاء مصالح الناس والصبر على أذاهم وكونوا للناس كالشجر يرمونكم بالحجر فتلقون إليهم أطيب الثمر ، ولن أدلل على كلامي هذا بما ورد من الآيات الكريمة والأحاديث الصحيحة فأنتم أعلم بها مني وأكتفي بذكر قول الله عز وجل وأختم به حديثي معكم (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما(
أخوكم مصطفى علي عوض الله

قسما بربي خالق الأكوانِ

أنا لم أمت يا معشر الإخوانِ

أنا في الجنان مع الحسان القاصرا

ت الطرف في شغُل مع الإحسانِ

إني هنا في جنة الفردوس أشـ

دو ناعما بالّروح والريحانِ

في صحبة الرسل الكرام جميعهم

والصالحين وأحمد العدنانِ

مستبشرا بقدومكم من خلفنا

ياإخوتي من أمة القرآنٍ

والنصر آت فاصبروا واستبشروا

واستمسكوا بشريعة الرحمنِ

فالنصر صبر والثبات عقيدةٌ

والعز والتمكين بالإيمانِ

وإلى لقاءٍ يا أحبةُ عندنا

فوق الأرائك في عظيم جنانِ



This entry was posted on الجمعة، 17 سبتمبر 2010 at 2:29 م and is filed under , . You can follow any responses to this entry through the comments feed .

4 ممكن رأيك لو سمحت

رحم الله الفقيد

واسكنه فسيح الجنات

كالادة

شعر حضرتك يعجز التعليق علي ايفائه حقه

فالصمت افضل

:)

19 سبتمبر 2010 في 1:37 ص
شاعر سبيل  

شكرا لك أخي عمار مرحبا بك وجزاكم الله خيرا

19 سبتمبر 2010 في 2:20 ص
غير معرف  

رحم الله الفقيد واسكنه فسيح جناته ورحمنا معه امين
بسمه

19 سبتمبر 2010 في 3:10 م

وهل يخفى القمر اذا طلع الى عشاق نوره يبغون منه كلام يطرب الاذان بسماعه

28 سبتمبر 2010 في 7:46 ص

إرسال تعليق