اتفرج يا سلام

Posted by حسام خليل

الوفد الأسبوعي :

وأنت تقرأ السطور التالية ربما يكون صاحبها قد فارق الدنيا، وربما يفارقها أثناء قراءتك لها أو بعدها بفترة قصيرة، فجهات عديدة تطلب رأسه وتسعي إلي قتله .. وعلي رأس تلك الجهات جهاز الأمن الوطني، الوريث الشرعي لجهاز مباحث أمن الدولة.

ولانه يشعر بأن الموت يقف علي بابه قال لـ«الإسبوعي» كلاً ما هو اخطر ما قيل عن وزارة الداخلية.. عن تنصت قادتها علي المصريين.. وتجنيدهم لعملاء في اوساط الصحفيين والاعلاميين والسياسيين ولاعبي الكرة وجميع فئات المجتمع.. وعن تزوير الشرطة للانتخابات منذ عام 1995 حتي 2010.. وعن أقذر العمليات التي قامت بها الداخلية في العقدين الاخيرين.. وعن قضايا فساد مسكوت عنها.. وعن خفايا قتل الشرطة للمتظاهرين في يناير الماضي.. وعن تستر وزارة الداخلية ـ حالياً ـ علي جاسوس إسرائيلي يمرح في سيناء كما يحلو له!!

قال كل ذلك باعتباره شاهد عيان عليها، فهو ضابط التحق بالعمل في جهاز الشرطة منذ عام 1990 وتنقل بين المباحث والاموال العامة والسجون ومديريات أمن الاسكندرية والجيزة وأكتوبر حتي استقر به الحال ـ الآن ـ في مديرية أمن المنيا.

وعلي مدي 6 سنوات كاملة تعرض لعملية تصفية جسدية غريبة حاولوا في البداية قتله بدم بارد.. علي طريقة الاجهاد حتي الموت.. ولما فشلوا بدأوا منذ ايام عملية اغتيال مباشر.. ذهبوا في منتصف الليل الي الشقة التي يقيم فيها بالقرب من وزارة الداخلية بوسط القاهرة وحاولوا إطلاق الرصاص عليه لكنهم فروا من أمامه عندما اكتشوفوا أنه يحمل مسدسه.

هو المقدم محمود محمد عبد النبي ـ الضابط بمديرية أمن المنيا وعضو أمانة مجلس ائتلاف «ضباط لكن شرفاء».. الذي كشف لـ«الوفد الإسبوعي» كل خفايا وزارة الداخلية وفتح لنا الصندوق الاسود للوزارة.. واليكم نص الحوار.

< في البداية سألته: من الذين يطاردونك ويريدون اغتيالك؟

<< فقال بهدوء: رجال مباحث أمن الدولة.

< عدت أسأله: ولكن جهاز أمن الدولة تم حله!

<< فقال: تم تغيير مسمي الجهاز من أمن الدولة إلي الأمن الوطني فقط، والجهاز الجديد مازال يسير بذات الفلسفة والفكر الشرطي الذي كان سائداً في عهد اللواء حبيب العادلي وهو أن يتلصصوا علي الناس ويبحثوا لكل واحد عن مصيبة فإذا وجدوها أذلوه بها وسيطروا عليه، وإذا لم يجدوا يطلقون اذنابهم ليرهبوه، فإذا لم تفلح هذه الطريقة فإنهم علي الفور يقتلونه.

< أمن الدولة يفعل كل ذلك حتي مع الضباط أنفسهم؟

<< لم يتركوا فئة في المجتمع إلا وفعلوا معها ذلك حتي كبار ضباط الشرطة، علي سبيل المثال راقبوا تليفونات ضابط كبير في وزارة الداخلية، ولم يتوصلوا لشيء يدينه، فراقبوا تليفونات اسرته بالكامل، واخيراً اكتشفوا ان زوجته متورطة في علاقة غير شرعية مع سائقها، فاستغلوا هذا الامر للسيطرة عليه وصار رهن اشارتهم وكذلك فعلوا مع اعلاميين وسياسيين وصحفيين وفنانين ورياضيين وغيرهم وغيرهم.

< تقصد أنهم كانوا يراقبون الجميع؟!

<< نعم تمكنوا بهذه الطريقة من السيطرة علي أغلب قيادات المجتمع في كل المجالات، فعدد قليل جداً هم الذين لم يتوصلوا لثغرة في حياتهم تمكنهم من السيطرة عليهم، ومن هؤلاء في مجال الاعلام: مني الشاذلي ومعتز الدمرداش والاخير حرقوا له سيارته كنوع من الردع، وايضاً لم يتوصلوا لشيء علي د. علاء الاسواني، والداعية عمرو خالد، وفي مقابل هؤلاء تمكنوا من السيطرة التامة علي صحفي كبير كان يتفاخر بأنه يعادي النظام ويعارضه ولا يخشي شيئاً بينما كان في الحقيقة ينفذ تعليماتهم.

< وكيف سيطروا عليه؟

<< صوروه في مشاهد جنسية مع فتاة تونسية وهناك من ضبطوا زوجاتهم في اوضاع مخلة أو صوروا أولادهم وهم يتعاطون مخدرات.. وهكذا.

المهم انهم تمكنوا من السيطرة علي غالبية قيادات المجتمع من المشايخ والشيوخ وحتي السياسيين.

< وماذا فعلوا مع الاقلية التي لم يسيطروا عليها؟

<< أطلقوا عليهم البلطجية، فالشرطة هي الاب الشرعي للبلطجة فهي التي صنعتهم وبدأت تستخدمهم في عمليات قذرة منذ عام 2000.

< ماذا تقصد بعبارة «عمليات قذرة»؟!

<< تزوير الانتخابات وإرهاب المعارضين وقتلهم إذا لزم الأمر علي، سبيل المثال: خطف الكاتب الصحفي مجدي حسين والاعتداء عليه بالضرب كانت احدي هذه العمليات وكذلك الاعتداء علي الكاتب الصحفي عبد الحليم قنديل وكذا قتل الكاتب الصحفي رضا هلال.

< تقصد ان الشرطة هي التي قتلت رضا هلال؟

<< هي التي قتلته وانا اعرف السبب وأعرف الضابط الذي تولي هذه العملية.

< ولماذا تم قتل رضا هلال رغم انه لم يكن كاتباً في صحيفة معارضة؟

<< لن أخوض في السبب.. ويكفي ان اقول إن الواقعة لم يكن لها علاقة بموقف سياسي أو رأي سياسي أو أي شيء من هذا القبيل ولكنها مرتبطة بقضية أخري تماماً!

< وما هي؟

<< اعذرني.. لن اجيب عن هذا السؤال.. وعموماً اسرة الكاتب رضا هلال قدمت بلاغاً للنائب العام للتحقيق في الواقعة وأؤكد انه لو تم التحقيق في الواقعة فسيكشفون بلاوي.

< قلت ان الشرطة بدأت تستعين بالبلطجية منذ عام 2000.. فلماذا هذا العام بالتحديد؟.. وكيف كانت الشرطة تتحكم في هؤلاء البلطجية وتجبرهم علي طاعتها؟

<< سأبدأ بإجابة الشق الثاني من السؤال.. الشرطة وتحديداً رجال المباحث وأمن الدولة كانوا يسيطرون علي البلطجية لأنهم في الاساس «مسجلو خطر» ففي مصر ما بين 3 ملايين و4 ملايين مسجل خطر ومن هؤلاء اختار رجال المباحث وأمن الدولة البلطجية.

< وكيف كان يتم اختيار البلطجية من بين المسجلين خطر؟

<< إختاروا من لا يوجد في وجهه ايه علامات مميزة تدل علي انهم مسجلو خطر أي لا توجد ايه آثار لجروح في وجوههم أو ايديهم وأيضاً من يتمتعون بحسن المظهر ويكونون تقريباً بلا مصدر رزق، ويحملون قلوباً لا تخشي الموت، وتقريباً كان كل ضابط مباحث يستعين بـ20 بلطجياً علي الاقل.

< معني ذلك ان عدد البلطجية كبير للغاية؟

<< عددهم في مصر يتجاوز 100 ألف بلطجي وفي القاهرة والجيزة يوجد ما بين 20 ألفاً و25 ألف بلطجي أغلبهم يعيشون في عين شمس والسلام والاميرية والخليفة والبساتين والدرب الاحمر وبولاق الدكرور وكرداسة.. وكانت الشرطة تسمح للبلطجية التابعين لهم بالاتجار في المخدرات وفرض اتاوات علي بعض الناس كي يعيشوا في مستوي اجتماعي متوسط.

< وهل هؤلاء البلطجية يعملون بشكل فردي أم انهم يجتمعون في مجموعات وعصابات؟

<< في الغالب يشكلون عصابات وهناك 10 رجال يتحكمون في كل البلطجية بالقاهرة والجيزة.

< الزعماء..؟

<< نعم زعماء عصابة، وهؤلاء الزعماء لديهم كل انواع الاسلحة وينعمون بثراء فاحش بعدما سمحت لهم الشرطة بإمتلاك محلات وكافتيريات وبازارات وملاهي ليلية صغيرة وكباريهات وبعضهم يعيش عيشة الملوك.. خدم وحشم وقصور وجواري!!

< وهل مازال رجال المباحث وأمن الدولة يسيطرون علي جيش البلطجية هذا؟

<< بعد الثورة.. لا.. فالشرطة انهارت والبلطجية صاروا يفعلون ما بدا لهم لانهم واثقون ان احدا من رجال الشرطة لا يستطيع ان يمسهم بسوء.

< لماذا؟

<< لأن الشرطة انكسرت كما قلت وهكذا تحولت العلاقة بين رجال الشرطة والبلطجية مثل علاقة الرجل الذي ربي اسداً واطعمه حتي اشتد عوده وبعدها انقلب الاسد عليه وخرج عن سيطرته ووقف الرجل عاجزاً عن ان يتصدي له!

< وإلي متي سيستمر هذا الحال؟

<< حتي يتم تطهير الشرطة من العناصر التي ربت هؤلاء البلطجية وممن يعتبرون دور الشرطة هو التلصص علي الناس وتتبع عوراتهم، ومن أجل هذا الامر اسسنا ائتلاف «ضباط لكن شرفاء» وشارك في تأسيسه 15 ضابطاً وعدد من المحامين والحقوقيين.

< قلت: إن الشرطة بدأت تستعين بالبلطجية بشكل كبير عام 2000 فلماذا هذا العام بالتحديد؟

<< السبب هو تزوير الانتخابات، ففي عام 1995 زورت الشرطة الانتخابات البرلمانية، وقام ضباط الشرطة انفسهم بالتزوير، وفي انتخابات 2000 ارادت الشرطة ان يتم التزوير بأيدي البلطجية ولهذا استعانوا بهم.

< وكيف زور رجال الشرطة انتخابات 1995؟

<< سأحكي واقعة عشتها بنفسي في هذا العام، وكنت وقتها ضابطاً بمباحث القاهرة، ففي الساعة التاسعة مساء الليلة التي سبقت الانتخابات دعاني اللواء محمود وجدي ـ وكان وقتها مديراً للادارة العامة لمباحث القاهرة ـ ودعا جميع ضباط مباحث القاهرة للاجتماع بقاعة اجتماعات مديرية امن القاهرة، وحضر الاجتماع حوالي 500 ضابط مباحث، وحضره ايضاً مدير أمن القاهرة آنذاك ـ وكان وقتها اللواء حبيب العادلي ـ وخلال الاجتماع تحدث اللواء محمود وجدي وقال ان الشعب المصري غير مؤهل لاختيار افضل العناصر عضوية المجلس الشعب وان الاخوان المسلمين يتحكمون في أناس كثيرة، ويريدون القفز علي السلطة مدعومين بدول لا تريد لمصر خيراً، وعلي رأسها إيران ولهذا يجب ان يتولي رجال الشرطة اختيار اعضاء مجلس الشعب، من اجل حماية الوطن وتحقيق الصالح العام.

< وهل حدد لكم كيف تقومون بهذا الأمر؟!

<< نعم.. قال بأن كل ضابط سيأخذ ما بين 200 إلي 400 إستمارة انتخاب وسيختار مرشحي الحزب الوطني وسيخفي هذه الاستمارات في «سويتر» سيرتديه كل ضابط مباحث، واثناء وجود كل ضابط في لجنة انتخابية سيقوم ضابط آخر من امن الدولة موجود خارج اللجنة بإثارة حالة من الهرج والمرج وعندها سيطلب كل ضابط مباحث داخل اللجنة اخراج مندوبي المرشحين من اللجنة بحجة غلق اللجنة لتأمينها لحين استعادة الهدوء خارج اللجنة وفي تلك اللحظة يقوم بوضع الاستمارات التي معه داخل الصناديق دون ان يشعر به أحد، وقال اللواء محمود وجدي ـ ان كل ضابط مباحث ينتهي من هذه المهمة يتفضل يروح بيته وييجي تاني يوم يأخذ مكافأة تسمي مكافأة خدمة الانتخابات وقدرها 500 جنيه.

< هذا الكلام قيل في وجود حبيب العادلي؟

<< نعم.. وتحدث اللواء حبيب العادلي في الاجتماع وقال: الضابط اللي هيشترك في العملية دي ـ يقصد تزوير الانتخابات ـ هأحترمه وكمان اللي مش عايز يشترك هأحترمه بس يقول من دلوقتي.. وتابع كلامه قائلاً: «فيه حد من السادة الضباط مش عاوز يشترك معانا في العملية دي»؟

< وماذا كان الرد؟

<< كنا حوالي 500 ضابط مباحث ولم يعترض يومها أحد ما عدا ضابط واحد برتبة رائد رفع يده وقال: «أنا يا أفندم مش عايز أشترك».

< ومن هو هذا الضابط؟

<< عمر عفيفي.

< عمر عفيفي الذي قدم استقالته من الشرطة فيما بعد، وهاجر الي الولايات المتحدة الامريكية؟

<< بالضبط.

< وماذا كان رد «العادلي» و«وجدي» عليه عندما قال انه لن يشترك في تزوير الانتخابات؟

<< قال له اللواء العادلي: «متشكرين جداً.. تقدر تتفضل وتغادر الاجتماع».. وفعلاً غادر الاجتماع ولا أدري ماذا فعلوا معه بعد ذلك، وكان استقالة الرجل من الشرطة وهجرته الي الولايات المتحدة الامريكية تعني انهم فعلوا الكثير معه حتي طفشوه من مصر كلها.

< وكيف حصلتم علي استمارات الانتخابات؟

<< بعد الاجتماع انتقلنا الي قطاع مباحث جنوب القاهرة بصقر قريش وهناك استلم كل ضابط ما بين 200 و400 استمارة وقضينا ليلة الانتخابات في وضع علامات علي مرشحي الوطني، وفي يوم الانتخابات نفذنا المهمة وكنا مضطرين لوضع ما معنا من استمارات في صناديق الانتخابات قبل فترة قصيرة من غلق باب التصويت حتي لا يكتشف احد الأمر أو يلاحظ حدوث زيادة كبيرة في الاستمارات بالصناديق.

< وماذا كان دور البلطجية في انتخابات عام 2000؟

<< قاموا بالدور الذي كان يقوم به ضباط امن الدولة أي انهم تكفلوا بإشعال معارك كلامية ومعارك بالايدي امام اللجان حتي يتثني لضباط المباحث وضع ما لديهم من استمارات في صناديق الاقتراع.

< وهل شاركت في تزوير انتخابات عام 2000؟

<< ربنا يسامحني.. والتزوير تم بذات الطريقة التي تم بها تزوير انتخابات عام 1995 مع استبدال ضباط امن الدولة بالبلطجية.

< وماذا فعلت في انتخابات عام 2005؟

<< كنت وقتها اخدم بقطاع السجون ولم اشارك في الانتخابات، ولكن في انتخابات 2010 عرفت من زملائي ان ضباط امن الدولة زوروا الانتخابات من المنبع فكانوا يستبدلون صناديق الاقتراع باخري تم اعدادها مسبقاً.

< وأين كانت تتم عملية التبديل هذه؟

<< في لجان الفرز النهائي.

This entry was posted on الجمعة، 22 يوليو 2011 at 2:47 م . You can follow any responses to this entry through the comments feed .

0 ممكن رأيك لو سمحت

إرسال تعليق