مصطفى علي عوض الله

Posted by حسام خليل in



مصطفى علي عوض الله

Posted by حسام خليل in ,


لايعيش العظماء حياتهم لمجرد الحياة ولا يمكن أبدا أن يعيشوا غثاء أو عالة على غيرهم بل إن الله عز وجل يصطفيهم لأداء رسالة ويختصهم بقضاء حوائج الناس ودعوتهم إلى الخير حتى إذا أتم الواحد منهم رسالته وأداها على الوجه الأكمل توفاه الله واختاره إلى جواره ، كالأنبياء والمرسلين جميعا وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم حيث أشار الله عز وجل إلى هذا المعنى بقوله في سورة النصر

......إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ{1} وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً{2} فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً{3}
حيث قال بن عباس هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه له . قال : إذا جاء نصر الله والفتح وذلك علامة أجلك فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا فقال عمر : إني لا أعلم منها إلا ما تقول .
وبعدما أنهى مصطفى عوض الله دورته البرلمانية الثانية على أكمل وجه جهادا في سبيل الله سواء فيما يتعلق بالجانب التشريعي والسعي لحل الكثير من القضايا والمشاكل أو فيما يتعلق بسسعيه لقضاء حوائج الناس ، وبعدما صام رمضان إيمانا واحتسابا وقضى معنا عيد الفطر المبارك ، وصام ستا من شوال توفاه الله بعدما أتم صيام اليوم السادس من شوال مباشرةً وبعدما نطق الشهادتين في أول ليلة جمعة بعد رمضان والعيد لتكون جنازته يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة ويحضرها البعيد والقريب من كافة أنحاء الجمهورية في مشهد مهيب لم نشهد له مثيلا في الفيوم من حيث عشرات الألوف التي جاءت للصلاة عليه وتشييع جنازته في هذا اليوم العظيم المبارك ويصلي الجنازة بالناس فضيلة المرشد العام لللإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع ثم يلقي كلمة على قبره.
مصطفى عوض الله لم يمت ، هو ليس في عداد الأموات ، لأنه قضى حياته مجاهدا في سبيل الله والله عز وجل يقول (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون ) نعم فلقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم : الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله ، ولقد قضى حياته رحمه الله في قضاء حوائج الناس وكان هينا لينا مع الصغير قبل الكبير والفقير قبل الغني ولم يتأخر عن أحد طرفة عين في ليل أو نهار وكأنه كان يتعبد إلى الله بالسعي في حاجات الناس ، أحب الله فأحبه ، وأحبه الجميع ووضع له القبول في الأرض
وإنني هنا لن أتحدث عن مناقب مصطفى عوض الله فإن مناقبه ومحاسنه وأخلاقه وسيرته وأياديه قد ترجمتها عشرات الألوف التي خرجت لتشييع جنازته من مختلف الأطياف والاتجاهات والأعمار مجمعين على حب الرجل الذي وصل بصدقه إلى قلب كل إنسان سواء كان مسلما أو غير مسلم ، ولكني أتحدث هنا عن رسالات أرسلها لنا بموته وخاتمته ، رسالات لا بد أن نقرأها ونعيها جيدا لأن الله يقول ، ((إن فى ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد))


إن أول رسالة تركها لنا مصطفى عوض الله يقول لنا فيها إذا أردتم أن يُحسن الله ختامكم فعيشوا لله (إنا لله) إذا كنتم آمنتم بأنا إليه راجعون فقولوا بلسان حالكم (إنا لله) حياتنا كلها لله ، فإذا كنا لا محالة سنموت سنموت فلماذا لا نجعل حياتنا لله ونعيش كما أراد الله بمنهج الله امتثالا لأوامر الله (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين)

كونوا أنصار الله واجعلوا مواقفكم تقول نيابة عنكم (نحن أنصار الله) وانفروا في سبيل الله ولا تتثاقلوا إلى الأرض ولا ترضوا بالحياة الدنيا فتنسيكم الآخرة واعلموا أن الأمر ليس اختيارا ولكن ان لم تنفروا جاءكم العذاب الأليم واستبدل الله قوما غيركم ] ( يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل ( 38 ) إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير ( 39
رسالة أخرى قرأناها هنا من هذا الحدث الجلل أن من كان الله معه فلا يخشى على شئ ولا يخاف من شئ ولا يحزن على فوات شئ ولا يسيل لعابه أمام شئ ولا يهتز لأي شئ (إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) فمعية الله هدفنا وغايتنا لا نرجو سواه ولا ننحني لغيره مهما بلغت الإغراءات (أليس الله بكافٍ عبده ويخوفونك بالذين من دونه) فلكم عرضت عليه ، رحمهُ الله ، الملايين والمناصب فلم ينحن وتعرض للتهديد فلم يهتز ولسان حاله يقول كما قال الله على لسان سحرة فرعون (لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا . إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى)
أحبتي في الله ها أنا اليوم في جوار ربي مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ، مسبشرا بالذين لم يلحقوا بنا فاستعدوا للمجيئ فإن ما عندكم ينفد وما عند الله باق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ، نشتاق إلى مجيئكم فاشتاقوا إلى ما عندنا وإلى من نحن في جوارهم
لن أرشح نفسي بعد اليوم لأن الله رشحني واختارني لجواره في مقعد صدق عند مليك مقتدر غير أني أهمس في أذن كل واحد منكم قائلا ، إن العبادات الاجتماعية أعظم أجرا عند الله من العبادات الذاتية الفردية وتحصيل الكمال في كليهما مطلوب شرعا وإن اختلفت مرتبتا الطلب ، فتعبدوا إلى الله بحب إخوانكم وقضاء مصالح الناس والصبر على أذاهم وكونوا للناس كالشجر يرمونكم بالحجر فتلقون إليهم أطيب الثمر ، ولن أدلل على كلامي هذا بما ورد من الآيات الكريمة والأحاديث الصحيحة فأنتم أعلم بها مني وأكتفي بذكر قول الله عز وجل وأختم به حديثي معكم (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما(
أخوكم مصطفى علي عوض الله

قسما بربي خالق الأكوانِ

أنا لم أمت يا معشر الإخوانِ

أنا في الجنان مع الحسان القاصرا

ت الطرف في شغُل مع الإحسانِ

إني هنا في جنة الفردوس أشـ

دو ناعما بالّروح والريحانِ

في صحبة الرسل الكرام جميعهم

والصالحين وأحمد العدنانِ

مستبشرا بقدومكم من خلفنا

ياإخوتي من أمة القرآنٍ

والنصر آت فاصبروا واستبشروا

واستمسكوا بشريعة الرحمنِ

فالنصر صبر والثبات عقيدةٌ

والعز والتمكين بالإيمانِ

وإلى لقاءٍ يا أحبةُ عندنا

فوق الأرائك في عظيم جنانِ



علشان نعيش

Posted by حسام خليل in






ساكن ف قلب الذبذبة
عايش على حلم السكون
بجري ورا لحظة أمل
يمكن تكون
والسكة طالت والزمن
عدّى بجنون
والناس بترجع م الطريق
راجعين يقولوا يا بشر
متكملوش
سكة سراب
ومفيش أمل
متصدقوش
والموت محاصر الانتظار
ومعاه جيوش
كل السكك متقفلة
والناس بتمشي مكملة
نمشي ونرجع ذبذبة مبتنتهيش
وعشان نعيش
لازم بحبله نعتصم
هو المهيمن والصمد
سبحانهُ
من غيره مش ممكن نعيش
والموت ف سكة ربنا
أحسن حياه
مبتنتهيش

سيرة

Posted by حسام خليل in

تهنئة ووصية

Posted by حسام خليل in

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه... أما بعد:فنتقدم بخالص التهنئة لجميع المسلمين في كافة أنحاء العالم بحلول عيد الفطر المبارك، أعاده الله علينا وعلى سائر المسلمين، ونحن جميعا إلى الله أقرب، وعلى طاعته أدوم، وأن نكون ممن عفا الله عنهم، وكتب لهم عتقًا من النيران، كما نسأل الله أن يعيده علينا وعلى الأمة العربية الإسلامية، وقد تحررت أوطاننا، وتطهرت من المحتلين، وصار أبناء الأمة أحراراً في بلادهم، وعادت فلسطين إلى أهلها، وفرحوا مع باقى الأمة بالصلاة في المسجد الأقصى، كفرحتهم بالصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي وما ذلك على الله بعزيز..
أيها المسلمون في كل مكان:
العيد فرح بالطاعة:
للمسلمين في عامهم عيدان، الفطر والأضحى، وكل منهما يكون بعد تأدية ركن من أركان الإسلام وفريضة من فرائضه، فى إشارة واضحة بأن فرح المسلم يكون بالطاعة أكثر من فرحه بكل ما يجمع من الدنيا، وأساسهم في ذلك قول الله تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) يونس: 58.هاهو الضيف الكريم الذي أمتع المسلمين أيامًا معدودات بطلعته المشرقة وأوقاته المملوءة بالخير والبر يرحل عنا، وودعه كل منا بطريقته.. فهل سيكون لنا فرحة في الآخرة كما فرحنا بالفطر في الدنيا فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قَالَ اللهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ. وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ، أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ» البخاري.فرح المسلم كل يوم عند حلول ساعة الإفطار، وفرح في آخر الشهر بانتهاء شهر الصيام، ومن ثم يكبر الله ويحمده على هدايته وتوفيقه للطاعة قال الله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة: 185)أي: ولتذكروا الله عند انقضاء عبادتكم.وكذلك يكون ذكره لله بعد الانتهاء من تأدية فريضة الحج قال الله: (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا)(البقرة:200)كما أمرنا بأن نكثر من ذكر الله بعد صلاة الجمعة قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) الجمعة:9–10 ، بل وبعد تأدية فريضة الصلاة أمرنا بالذكر، قال الله تعالى: (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ) (النساء:103)ولهذا جاءت السنة باستحبابالتسبيح، والتحميد والتكبير بعد الصلوات المكتوبات. وقال ابن عباس: ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالتكبير.
أيها الأحباب الكرام في كل مكان:
إن فرح المسلم يكون بطاعة الله، وكلما وفقكم الله إلى طاعة، كبروا الله واحمدوه، ولعل هذا هو السبب في أن "الإخوان المسلمون" كلما وفقهم الله إلى طاعة، أو جمعهم على ذكر ودعوة، كان هتافهم "الله أكبر ولله الحمد"..
لأجل ذلك فاحرص أيها المسلم أن تعمر وقتك بالطاعات، فلا تتم عمل لله إلا وتشرع في آخر، ولا تفرغ أيها المؤمن من فعل خير إلا وتنصب إلى خير آخر، وأنت بذلك تجعل كل أيامك عيدًا، بل كل ساعات يومك عيدًا يملؤه الفرح ويغمره السرور، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، وبين الطاعة والطاعة لا حرج في أن تفرح بمباح اللهو، فلم يحرم ذلك الإسلام.
إلى الأحرار في السجون:
نتقدم بخالص التهنئة لأحبابنا الأحرار في سجون مصر والاحتلال الصهيوني والعراق وغيرها، ونسأل الله أن يفك أسرهم، وأن يطلق سراحهم، وأن يسعدوا في العيد مع آبائهم وزوجاتهم وأمهاتهم وأبنائهم وبناتهم، وجميع إخوانهم وأن يجعل ما لاقوه وما يلاقوه فى ميزان حسناتهم جميعا .
وإلى الأحرار في فلسطين:
كما نتقدم بخالص التهنئة إلى إخواننا المجاهدين في فلسطين من البحر إلى النهر، ونسأل الله لهم الثبات، وندعوه أن يربط على قلوبهم، وأن يجمع كلمتهم، وأن يوحد صفهم، في مواجهة الصهاينة المحتلين لأرض فلسطين أرض العروبة والإسلام، كما ندعوه أن يفيض عليهم من خيراته وبركاته، وأن يمدهم بجند ونصر من عنده، وإننا لنشد على أيديهم، قائلين: لا طريق لاسترداد الوطن المغتصب إلا بالجهاد والمقاومة، ونهيب بهم أن يتحدوا فيما بينهم، وأن يقفوا صفًا واحدًا في جهادهم لعدوهم، وأن يطمئنوا إلى أن كل الشعوب الحرة تساندهم وتدعمهم، واعلموا أيها الأحباب أن صمودكم وصبركم وجهادكم حرك أصحاب الضمائر الحية والحرة من المسلمين وغير المسلمين،وأن نصر الله قريب، والله أكبر ولله الحمد

نفحات وعطايا رمضان

Posted by حسام خليل in


رسالة من أ. د محمد بديع- المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، ومَن والاه، وبعد..
ما زالت الفرصة بين أيدينا
الحديث عن عطايا شهر رمضان لا تنقطع نفحاته، وها نحن في أيام الفرصة المتبقية من بركات الشهر قبل رحيله، في هذه العشر التي هي في ضيافة الرحمن، وإن أطلقوا عليها العشر الأواخر من رمضان، فهي في الحقيقة العشر الأوائل من سنةٍ جديدة، كلها رمضان؛ حيث فيها الاعتكاف والتماس ليلة القدر، وحضور ليلة المغفرة، وشهود يوم الجائزة.
فإلى نفحات الاعتكاف التي لا تُحصى؛ من حُسْنِ الصلةِ بالله، وحلاوة الإيمان، والنقاء والمغفرة، فليس الاعتكاف إلا في تحقيق مقصوده، كما أشار العلماء، والذي يتمثل في قول كل معتكف لربه: "لا أبرح عن بابك حتى تغفر لي".
وسيبقى اعتكافٌ آخر دائم بعد رمضان؛ ليس في أي مسجدٍ من مساجدنا، بل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ الذي فيه الركعة بألف ركعة، وكل ذلك في مقابل السعي في مصلحة مسلمٍ من المسلمين، ولو لمدة بضع دقائق، قضاها الله أو لم يقضِها، كما وعد الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
وإلى دعاء ليلة القدر؛ حيث العفو الشامل، وأنت في تهجدك تناجي الغفور: "اللهم إنك عفوٌ كريم تحبُّ العفو فاعفُ عني"، وحيث حياة التسامح والتغافر بين الناس، فإن كان من أجل اثنين يتلاحيان، أنسى الله نبينا ميعادها، لحكمة الله في أن تجتمع الأمة على الحُبِّ وتلمُّس الطاعة، وحيث المغفرة والتطهير، ففي الصحيحين قول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدَّم من ذنبه"، ورضي الله عن عمر بن الخطاب، حينما كان يفرح بعطايا رمضان، ويقول: "مرحبًا بمُطهرنا من الذنوب".
وإلى أيام يتروَّح فيها الصائمون نسائم سموِّ أنفسهم، وروائح صفاء قلوبهم، وروائع علوِّ أرواحهم، من بعد أن علموا أن الملائكة تساعدهم، وتستر عليهم عيوبهم، وتعينهم على الاستغفار والمغفرة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا" (رواه أحمد).
وإلى ليلة المغفرة الشاملة، وهي آخر ليالي رمضان، روى أحمد قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يغفر لهم في آخر ليلة فيه"، فقيل: أهي ليلة القدر؟ قال: "لا، ولكن العامل إنما يُوفى أجره إذا انقضى عمله"، فإلى انتهاز الفرصة، وإلا الندم على الخسران، لقوله صلى الله عليه وسلم: "رغم أنف عبد أدرك رمضان ثم انسلخ رمضان ولم يُغفر له" (متفق عليه).
فيا مَن أدرك رمضان..
إنَّ معك رصيدًا من الكنوز الغالية، فالمحافظة عليها واجب الوقت الآن، حتى لا تُسرق منا بعد رمضان، بل فاحرصْ على المزيد من هذه العطايا:
- مِن صيامٍ اختصَّه الله له في الجزاء والعطاء، يقول البيهقي: لا يأخذ أحدٌ شيئًا من أجر الصيام في ردِّ المظالم، دون سائر الأعمال والطاعات.
- ومِن أجورٍ بلا حسابٍ من الجواد الكريم على خصال الخير، التي فتح الله لنا أبوابها وأغلق عنا أشرارها.
- ومن حياة المتعة والفرحة اليومية من ترك القبائح والتزين بالسلوك القويم.. ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58)﴾ (يونس).
- ومن مصاحبةٍ للصيام بالنهار والقرآن بالليل، فهما من أخلص أصدقائنا؛ لأنهما الوحيدان اللذان يشفعان لنا، لقوله صلى الله عليه وسلم: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة" (رواه أحمد).
- يقول كعب: "من صام رمضان وهو يحدث نفسه أنه إذا أفطر بعد رمضان ألا يعصي الله دخل الجنة بغير مسألةٍ ولا حساب، ومن صام رمضان وهو يحدث نفسه أنه إذا أفطر بعد رمضان، عصى ربه، فصيامه عليه مردود".
ويا أمتنا.. هيَّا ابدئي فرصتك
يأتي رمضان على عالمنا فينقلب إلى عالمٍ جديدٍ في كل شيء، على مستوى الأفراد والأسر والمجتمعات والدول، رغم جراحها في فلسطين والعراق وأفغانستان، وتستقبله بفرحةٍ قلبيةٍ رغم ما تعانيه شعوبها؛ من تآمر خصومها، وتكالب أعدائها، وجهالة أبنائها، وما ذلك إلا لما اختص الله تعالى به هذا الشهر الفضيل دون غيره من شهور العام، من عطايا ونفحات:
1- فلنعلنها توبةً مما نحن فيه..
وكأنَّ رمضان قبل رحيله يعلن على الملأ: هل أنتم مستعدون؟! يقول تعالى: ﴿وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً﴾ (التوبة: من الآية 46)، فماذا أعددنا؟! ها هي التوبة تُنادينا نداء القريب إلى قلوبنا لحياة جديدة ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (النور: من الآية 31)، ونعني بها اليوم التوبة من حياة إلى حياة، ومن تفكير إلى تفكير، ومن آمال إلى آمال، فما أحوج عالمنا إلى الإسلام الحي في ضمائر أبنائه، رجالاً ونساءً، شيوخًا وشبابًا، كما كان في أذهان وقلوب الصحابة الكرام.. ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ (الفتح: من الآية 29).
- فلنبدأها توبةً من حياةِ الهوان إلى حياةِ العزة، ومن حياة الواقع المرير إلى حياة استعادة الأمجاد، ومن حياة التواني والتراخي إلى حياة العمل والجهاد ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)﴾ (العنكبوت).
- ولنعلنها توبةً من التفكير المحبط إلى التفكير الإيجابي، في مواجهة الظلم والفساد والاستبداد، ومن التفكير اليائس إلى التفكير الدافع نحو تقديم التضحيات من أجل الأمن والأمان ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)) (الأنعام).
- ولننشرها توبةً بين الناس، من آمال صغيرة وأحلام تافهة إلى الأمل الكبير والحلم العظيم، في التمكين لدين الله واستقرار العالم بالإسلام.. ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ (33) ﴾ (التوبة).
2- ولنجعلها حياةً نحو التغيير والإصلاح..
فالتغيير والإصلاح لا يتحققان إلا من هنا، باغتنام هذه النفحات والعطايا، في تزكية النفس وتطهيرها وتربيتها على الطاعة.. ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ (الرعد: من الآية 11)؛ حتى يستشعر أفراد الأمة رقابة ربهم في كل حين، ويكثروا من ذكره، ويتلوا كتابه، ويدعوه في كل لحظاتهم، ويصحِّحوا مسارات حياتهم في المجتمع، معاملةً وخلقًا وسلوكًا، من البذل والجود والعطاء.. ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) ﴾ (آل عمران).
3- وليكن عيدنا في التحرر أولاً..
فالحرية في مناحي الحياة كلها هي العيد الحقيقي، حرية الفرد من التبعية، وحرية الوطن من الهيمنة، وحرية الأمة من سطوة غيرها عليها، فحينما يعلن القلب عن عبوديته لربه يتحرَّر من الخضوع للإنسان، والركون لأية قوة سوى القويِّ القهار.. ﴿وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾ (هود: 113).
ثلاثون يومًا في رمضان، من أيام العتق والحرية، ترسِّخ في قلوبنا الاستقلالية، وتعمِّق في أرواحنا المسئولية؛ لنقف وقفة المارد ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (المنافقون: من الآية 8)، فتختفي الصور الكريهة من الاستبداد والظلم والتدليس والتلفيق والنهب والتضييق وتقييد الحريات والتزييف والتزوير.
4- ولنجعل أوجب واجباتنا من الآن:
- التخطيط والإعداد لحياة جديدة.. بخطة تليق بهذه الكنوز والعطايا، تترجم إلى برامج دقيقة للفرد والأسرة والمجتمع.
- الإرادة والعزيمة.. التي تدفعنا إلى العمل، والخروج من الضعف، ومقاومة الفتور، فعوامل النجاح كلها موجودة إن توفرت الإرادة.
- المزيد من الأعمال.. وذلك في المشاركات والإسهامات لإنقاذ أوطاننا، وفي المبادرات الخدمية، والمسارعات في اغتنام الأوقات؛ للخروج من الرتابة المقعدة عن العمل والداعية إلى الدعة.
نسأل الله كما سلَّمنا إلى رمضان، أن يسلم لنا رمضان، ويتسلَّمه منا متقبلاً، اللهم آمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

رمضان

Posted by حسام خليل in