أوباما ورئيس مدينة إطسا

Posted by حسام خليل in




عندما تطلق كلمة (الشعور الإنساني ) ينصرف الذهن مباشرة إلى الشعور النبيل السامي لأن كلمة الإنسانية تطلق ويراد بها مراعاة شعور الآخرين وسمو التعامل معهم ، وإن أكثر ما يجعل الإنسان محبوبا من الناس هو إنسانيته في التعامل معهم ومن ثم قال الشاعر
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهمُ

فلطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ
ولذك السبب تم استخدام ما يسمى بالورقة الإنسانية في مجال التسويق السياسي لحزب أو لمرشح ما في الدول الديمقراطية التي يُحترم فيها صوت الناخب ولا تداس كرامته ولا يُحال بينه وبين أداء حقه ، ولأن الجمهور المستهدف هو الإنسان أولا وأخيرا فإن الورقة الإنسانية كثيرا ما تؤدي دورها الفعال إذا ما استخدمت بشكل صحيح في الدعاية الانتخابية
ومن أجل هذا فاجأ أوباما الجميع أثناء ترشحه عن الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية بقطع حملته الانتخابية لزيارة جدته المريضة في جزر هاواي وظل معها نصف يوم بعد أن استغرق أربعة عشر ساعة في الطائرة ليصل إليها ومثلها في العودة في وقت اشتدت فيه المنافسة بينه وبين منافسه الجمهوري جون ماكين ، لافتاً الانتباه إلى إنسانيته ومراعاته لشعور الآخرين معلنا أن مشاغله السياسية لا تشغله عن واجباته الإنسانية
كما استخدم أوباما الورقة الإنسانية أيضا حينما تعهد بتقليص الضرائب المفروضة على الطبقة الوسطى والفقراء واتهم منافسه ماكين بأنه لم يبد التعاطف الكافي مع الأمريكيين المتضررين من الأزمة المالية الأخيرة
ولا وزن لهذه الورقة الإنسانية في الدول التي تفرغ الديمقراطية من مضمونها الحقيقي وتنتزع بالجبروت حق الشعب في الإدلاء بصوته وفي هذه الحالة يكون الجمهور المستهدف في عملية التسويق السياسي هو الحكومة أو الحزب الذي تدعمه الحكومة وتسانده فلا يسعى المرشح حينئذ لرضا جماهير الشعب بقدر ما يسعى لإرضاء حزبه الحكومي وتنفيذ سياساته والمشاركة في حملاته ليفوز بمقعد أو منصب ضاربا عرض الحائط بكل الأوراق الإنسانية
وفي سابقة ليس لها مثيل في تاريخ الدعاية الانتخابية ابتكر السيد جلال فوزي مراد مرشح الحزب الوطني الديمقراطي ضمن ثمانية لمقعد في الانتخابات التكميلة بدائرة سنورس في محافظة الفيوم ورئيس المجلس المحلي لمجلس ومدينة إطسا ، أسلوبا جديدا فريدا من نوعه في حملته الانتخابية من أجل التفوق على منافسيه السبعة والفوز بهذا المقعد الذي خلا بوفاة نائب الحزب الوطني يس عليوه رحمه الله
والحكاية بكل بساطة بدأت عندما دخل السيد / جلال فوزي مراد على أربعمائة رائدة ريفية يتدربن في قاعة مركز شباب اطسا وفي جسارة الأسد قام بتوجيه خطابه إلى المنتقبات منهن وقام في إصرار شديد بطردهن من القاعة أمام الحاضرات جميعهن وبالفعل خرج المنتقبات في حالة يُرثى لها
وبنظرة متفحصة للدافع وراء هذا الفعل الذي تأباه النخوة حيث أنه من أبسط معاني المروءة والشهامة ألا يتعرض الرجل للمرأة بالإهانة بل يتوجب عليه حمايتها وإغاثتها وهنا تستدعي الذاكرة من العصر الجاهلي قصة حامي الظعينة ربيعة بن المكدّم الذي تعرّضت ظعينته لقطّاع الطرق وكان فيها أمه وأخته وزوجته، وكان منفرداً إلا من عبيده ، فقاتل القوم منفرداً حتي قتل منهم فهابوه؛ وكان معروفاً بالشجاعة، فلما تحاشوه ووجد نفسه مصابا بجرح مخوف، أمر الظعينة أن تسير منفردة نحو الحي؛ ولم يكن مبعداً كثيراً، ووقف هو في قبال القوم متفاديا إبداء ضعفه بالإتكاء على رمحه من فوق فرسه، فلما بلغت الظعينة سلامتها أطلقت عليه العرب "حامي الظعينة "
ولا بد هنا من ذكر هذا الموقف عن سيدنا موسى عليه السلام (ولما ورد ماء مدين وجد عيه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لانسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير ، فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير)
فلو كان الدافع وراء هذا الفعل دافعا وطنيا لكان هناك من المفاسد المنتشرة في كل مكان حول سيادته ما هو أولى بانفعاله وغضبه وليس المجال هنا مجال الحديث عن الفساد المنتشر ولكني أسأل سيادته هل غضب وانفعل لما علم أننا نصدر العاز الطبيعي لإسرائيل بأرخص الأسعار
ولو كان الدافع وراء هذا الفعل ايمانيا وعلى افتراض أن ارتداء النقاب أمر يساوي في الجرم البول في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان على سيادته أن يتصرف معهن بشكل أليق كما فعل الإنسان محمد صلى الله عليه وسلم مع الأعرابي الذي بال في مسجده
ولو كان الدافع وراء هذا الفعل من واقع مسئوليته فإن ارتداء النقاب ليس جرما يعاقب عليه القانون أو يخالف نصا في الدستور لكن أبسط ما يُقال عنه أنه حرية شخصية، ولكن سيادته استطاع بذكائه وحسه السياسي أن يستغل حملة الحكومة على النقاب في الدعاية الانتخابية لشخصه فلم ير أن طرد الطالبات المنتقبات من المدن الجامعية ومنعهن من دخول الامتحانات ولا منع المدرسات المنتقبات من إلقاء المحاضرات أو المراقبة على الامتحانات في جامعة القاهرة كان كافيا ، فقام سيادته بالعزف على أوتار الحكومة ، ولكن شتان شتان بين الورقة الإنسانية والورقة الحكومية (إن صح التعبير) في الدعاية الانتخابية ، فالورقة الإنسانية دائما ما تنجح ويكتب لها البقاء وأما الورقة الحكومية والعزف على أوتار الحكومة إن كسبت جولة وأخرى فلن يُكتب لها البقاء وإن أقل ما يقال على ما فعله سيادته بالبلدي الفصيح أنه (عمل فيها راجل على شوية نسوان)

This entry was posted on الأحد، 13 ديسمبر 2009 at 9:47 ص and is filed under . You can follow any responses to this entry through the comments feed .

4 ممكن رأيك لو سمحت

غير معرف  

الأخ الحبيب حسام خليل بعد السلام عليكم و رحمة الله و بركاته اولا الموضوع رائع في مضمونه و اسلوبه وجزاك الله خيرا فقلمك من الأقلام التي أسعد بمتابعتها و لقد شعرت البغطة وا نا اقرأ مو ذلك لجو المقارنات الموجودة و لجمال السياق لقد شعرت انني أقرأ لكاتب كبير و هذا حقيقة فأنت فعلا كبير مقارنة بما نقرأ في أيامنا وخصوصا لأصحاب الأعمدة في الصحف الحكومية
ثانيا السيد رئيس المدينة يعبر عن تيار حكومي موجود و بقوة يندفع نحو الغرب لاهثا من اجل تثبيت اقدام النظام علما بأن الغرب يريدنا بلا اسلام و لا قيم و سدنتهم هنا على وعي يسيرون و لمصالحهم الخاصة يعملون و هذا الرجل واحدا ممن يودون ان ينالوا الرضا السامي
........................

15 ديسمبر 2009 في 6:44 ص

من يتجاسر على إغضاب الشاعر فهو اكبر خاسر، فألسنة الشعراء تذبح من الوريد إلى الوريد.
ثم إن الرجل كما ذكرت يطمع في مقعد مجلس الشعب الذي يتحرق إليه من زمن طال عليه كثيراً، ومن اجل السلطة يراق دم الوجوه، وتنزل القوانين من عليائها لتدوسها نعال الأقزام، وتتحول الأشياء إلى نقائضها وألوانها المعاكسة.
وكنت أرجو لو ان واحدة من هؤلاء المنتقبات ردت عليه رداً مخزياً.
أنسانا المستأسد على النساء جائزة الشعراء، هنيئاً لكم يا حبيبي جائزة المركز الدولي للإعلام، وصدقني لو كنا في دولة حق لكنت متألقاً في سمائها.
لك تهنئتي وحبي

15 ديسمبر 2009 في 3:35 م
غير معرف  

سلام الله عليك اخى حسام

بصراحة كلمات رائعه لكن هنقول ايه هو ده المصرى المنافق للحكومة دائما هذه النوعية من البشر تعمل لمصلحة نفسها ومرؤسيها وليس للمصلحة العامة

وحسبنا الله ونعم الوكيل , تقبل وافر احترامى وتقديرى , بسمه

17 ديسمبر 2009 في 2:27 ص

أعتقد أن كلامك خارج السياق يا سيد حسام... حيث من الخطأ الخلط والربط بين موظف حكومي معروف بأنه أمين جداَ على سيده الكرسي وسيدته السلطة.. وبين رجل يرشح نفسه للمجلس التشريعي... فهذا التصرف صدقني لن يرضي السيد أحمد عز فيجعله يغير حساباته السياسية بمركز سنورس ويقدم فارس الموقف العظيم عدو النقاب جلال فوزي هناك داخل الحزب وخارج الحزب هناك بعبع اسمه احمدي قاسم ... لنكن منصفين فجلال فوزي ليس بهذه السذاجة من التفكير حتى يعتقد ذلك فيقدم على هذا التصرف خاصة أن هناك بعد جماهيري في حسابات الانتخابات خاصة أن هناك أعضاء بالحزب وزوجاتهم تلبس النقاب... ولنحاول أن نقترب من المشهد أكثر ولنفد الأمر كالتالي
1 ـ موظف حكومي لم يقم بإهانة مواطنة ولكن تعامل وفق تعليمات إدارية مع موظف ولا فرق هنا بين مؤنث ومذكر وفق التعليمات الادارية هذا ما حدث .. بلا بروباجندا شعرية وبلاغة لفظية أعجبتني يا عم الشاعر
2 ـ النقاب في إطار بند الحرية الشخصية مثل الميكروجيب ... ( لا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط )
فإذا كنت مع مبدأ الحرية الشخصية فهنا لنسمح للفتيات بارتداء الميكروجيب في الجامعة والمصالح الحكومية وهذا ممنوع وإذا حضرتك قلت وماله أنا هحييك بس هسيبك للمتشددين يردوا عليك ويستتيبوك بطريقتهم... فلا تستخدم مبدأ إلا إذا كانت لديك القدرة على مده على كامل استقامته
3 ـ لا توجد علاقة تمييزية بين الرجال والنساء في العمل إلا في الاختلافات البيولوجية ..وسيادتك حكيتلنا قصة حامي الظعينة عاى موسى كأنما جلال فوزي سبلهم الدين ..دي تعليمات يا سيدي الفاضل ولو كانت التعليمات بإرتداء النقاب كان الحاج جلال طرد الغير منتقبات
ولكم جميعا ودي
مروان كامل

24 ديسمبر 2009 في 5:33 م

إرسال تعليق