مصر فوق الجميع

Posted by حسام خليل in



تلك حقيقة أصبح العالم من حولنا لا يدركها بالرغم من أننا نقولها ليل نهار بل ونكتبها على شاشات الفضائيات من حين لآخر ، ولأن الناس لا يدركون تلك الحقيقة دائما يستنكرون كثيرا من الفعاليات ومجريات الأمور المصرية ولذلك ترى أن الحكومة المصرية تعمل في صمت بل وفي سرية تامة ليس لأن ما تفعله لا سمح الله مخالف لكل الأعراف والقوانين والأخلاق الحسنة وإنما بكل بساطة لأن الحكومة ليس لديها وقت لإقناع المعارضين بالسر الكامن وراء ما تحدثه من أفعال جسام
وذلك هو السر في التدرج البطيء جدا في الإعلان عن بناء الجدار الفولاذي من قبل الحكومة المصرية ، فقد كان للصحف الإسرائيلية السبق في الإعلان عن بناء هذا الجدار الأمر الذي استنكره المتحدث باسم الخارجية المصرية حسام زكي كما جاء في الخبر الذي نشرته الجزيرة بتاريخ 13 / 12 / 2009 تحت عنوان (مصر ترفض الحديث عن الفولاذي) وانتقد فيه حسام التقارير الصحفية الإسرائيلية التي تتحدث عن إقامة جدار فولاذي بين مصر قطاع غزة مشيرا إلى أن مصر ستتحدث عن الموضوع في الوقت المناسب.
وحينما أكّد جيفري فيلتمان (نائب وزيرة الخارجية الأمريكية المكلّف بشئون الشرق الأوسط) أن قرار بناء الجدار الفولاذي على الحدود المصرية مع قطاع غزة كان قرارًا مصريًا بحتًا اتخذته الحكومة المصرية وحدها.
اعتبر رئيس تحرير جريدة الأهرام ، أسامه سرايا أن كلام المسئول الأمريكي لا يحمل التأكيد أو النفي لبناء الجدار إلا أنه ينفي اشتراك الولايات المتحدة وصرح قائلا : إنّ خبر بناء الجدار على الحدود مع غزة يظلّ معلقًا في الهواء، مشيرًا إلى أنه لم يرَ صورة لهذا الجدار ولم يصدر تأكيد من مسئول مصري على ذلك.وأوضح أن من حق مصر حماية حدودها
فإذا كان كلام المسئول الأمريكي لا يحمل التأكيد أو النفي فلماذا لم يحمل كلام المسئولين المصريين يومها تأكيدا أو نفيا ؟ ولا ينبغي أن نفهم هذا الكتمان من قبل المسئولين المصريين على أن ما تعلن عنه الصحف الإسرائيلية وهو بناء الجدار ، أمر يسئ إلى سمعة مصر ،ولكن هذا الكتمان أو التمييع على ما يبدو يرجع إلى أن العالم أصبح لا يدرك حقيقة أن مصر فوق الجميع
ولأن الحكومة المصرية تسهر على راحة الشعب المصري الذي لا يعاني من أي مشكلة في ظل حكومته الرشيدة أعلن وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أن مصر ليست على استعداد لأن تتوقف عن حماية شعبها، وأنه لا يمكن أن يدفع أحد الدولة المصرية للخشية من أمر يحمي الأمن القومي المصري ، ونفى بكل صراحة ووضوح الأنباء التي تحدثت عن احتمال توقف مصر عن استكمال تشييد الجدار الفولاذي والإنشاءات تحت الأرض على حدود بلاده الشرقية مع قطاع غزة..
وهكذا تطور الأمر شيئا فشيئا من الكتمان إلى التمييع إلى التعريض إلى التلميح إلى التصريح إلى التأكيد والتبرير ، ولا شك أن مبررات استمرار بناء الجدار بين مصر وغزة في شهر الله المحرم ، مبررات قوية بقوة الفولاذ عميقة بعمق الجدار ، متينة بل أكثر متانة من خط بارليف ، ممتدة بطول عشر كيلو مترات
**
وثمة فهم خاطئ قد يفهمه البعض من قولنا (مصر فوق الجميع ) أن مصر متمثلة في الحكومة المصرية جاثمة فوق صدور جميع أبناء الشعب تكمم الأفواه وتكتم الأنفاس وتصادر الحريات وتبني جدارا فولاذيا بجوار كل مواطن حتى يستطيع كل مواطن بسهولة ويسر ودون عناء أن (يمشي جنب الحيط) ، ولا شك أن هذا الفهم ليس صحيحا بالمرة ، لكن الذي يجب أن يفهمه الجميع أن مصر فوق الجميع

وقد يفهم البعض أن عبارة (مصر فوق الجميع )، تعني أن الحكومة المصرية فوق المساءلة لأن مصر ذات حضارة فرعونية ، نسبة إلى فرعون الذي كان منطقه : ما أريكم إلا ما أرى ولا أهديكم إلا سبيل الرشاد ، ولكن أستاذ العلوم السياسية ومنسق الحركة المصرية لمواجهة التوريث، الدكتور حسن نافعة، قال: الخارجية المصرية قالت إنه جدار من أجل أمن مصر وسيادتها دون أن تفسر ما الفائدة التي ستعود علي الشعب المصري من الناحية الأمنية من ورائه فلا أحد ضد أمن مصر وسيادتها، ولكن عليهم شرح الأمر للناس". وأعرب نافعة عن اعتقاده بأن مشروع الجدار سيستمر رغم الرفض الشعبي، لأن السلطة لا تقيم اعتباراً لرأي الشعب المصري ولا تعتبره موجوداً من الأساس، مضيفاً أن هناك خلطاً بين أمن مصر وأمن نظام الحكم الذي يري أن الأهم بالنسبة له هو مشروع التوريث لذلك فإنه يقيم مثل هذه المشروعات الغريبة. اهـ ، ومهما يكن الأمر فلا مجال هنا للمزايدة على موقف مصر ،فمصر قدمت الكثير ومصر فوق الجميع

وإذا كان الشاعر الجاهلي السموأل بن غري قد بين أسباب فخره وافتخاره في قوله
وَما قَلَّ مَن كانَـت بَقايـاهُ مِثلَنـا

شَبابٌ تَسامـى لِلعُلـى وَكُهـولُ

وَمـا ضَرَّنـا أَنّـا قَليـلٌ وَجارُنـا

عَزيـزٌ وَجـارُ الأَكثَريـنَ ذَليـلُ

لَنـا جَبَـلٌ يَحتَلُّـهُ مَـن نُجيـرُهُ

مَنيعٌ يَـرُدُّ الطَـرفَ وَهُـوَ كَليـلُ

رَسا أَصلُهُ تَحتَ الثَرى وَسَما بِـهِ إ

ِلى النَجـمِ فَـرعٌ لا يُنـالُ طَويـلُ
فإننا نفتخر بأننا كنا في الماضي ننصر المظلوم ونغيث الملهوف ونجير المستجير ونحسن الجوار ونكرم الضيف ولكننا اليوم توقفنا عن كل ذلك من أجل حماية أمننا القومي فلكل شئ نهاية وكذلك الأخلاق لا بد أن يكون لها نهاية ، فنحن عازمون على بناء الجدار مهما تضرر الجار ، ولا شك أن لمصر مصلحة كبرى في بناء الجدار كما كان لها مصلحة كبرى في تصدير الغاز بأرخص الأسعار إلى الصديق الصهيوني ، ومصلحة مصر فوق كل اعتبار ولا ينبغي أن يفهم أحد من ذلك أن مصر فوق الجميع معناها هنا – لا سمح الله – ( أنا ومن بعدي الطوفان) ولكن طبقا للتطور الطبيعي للحاجة الصاقعة يجب تعديل كلام أمير الشعراء حينما تحدث عن الأخلاق ليصبح البيت
إنما الأمم الأخلاق إن ذهبت

فإن هم بقيت أخلاقهم ذهبوا

كما يجب علينا أن نتحرر من ثقافات الماضي ولا نلتفت للمثل الشعبي القديم
من نوى أن يحرق الجرن أخذه الله قبل الحصاد ، أو بعبارة أخرى وبالبلدي الفصيح (اللي ناوي على حرق الجرن ربنا ياخده قبل الحصاد) وتبقى مصر فوق الجميع

مصر فوق الجميع على نافذة الفيوم

This entry was posted on الأحد، 27 ديسمبر 2009 at 2:32 م and is filed under . You can follow any responses to this entry through the comments feed .

6 ممكن رأيك لو سمحت

ستبقى مصر دائما فوق الجميع .. غصبا عن عين اتخن تخين .. تحياتي لك على هذه التدوينة الرائعة.

27 ديسمبر 2009 في 7:01 م

كلام في الصميم
بورك القلم الحر

27 ديسمبر 2009 في 8:02 م

أحسنت أحسن الله اليك

كلام صحيح أتمنى لهذا القلم الحر

الإستمرار في طريقه النير

بارك الله فيك .

28 ديسمبر 2009 في 4:38 ص

الشجرة الأم
إن شئتي فقولي ستبقى مصر رائدة الجميع (واجعلنا للمتقين إماما) ولكن ذلك لن يكون إلا بأبنائها المخلصين
سؤال أخير ، مين هو أتخن تخين؟ ههههههه
شكرا لكي على تشريفك
جزاكم الله خيرا

28 ديسمبر 2009 في 2:49 م

الشاعر سامي عبد الرحمن
أعجبتني مدونتك وسأكون بإذن الله ضيفا مستديما عندك
جزاك الله خيرا

28 ديسمبر 2009 في 2:51 م

أنس الوجود
لا تحرمنا من هذا الوجود بذلك الأنس
طبت ودمت لنا بكل الخير

28 ديسمبر 2009 في 2:53 م

إرسال تعليق