الهدف مش جون . . . مصر والجزائر

Posted by حسام خليل in

لكل منا غاية ينشدها وقضية تشغله وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائمُ وتأتي على قدر الكرام المكارمُ ، ويعظم شأن الإنسان بعظم شأن غايته ويكبر في أعين الناس كلما كانت قضيته التي تشغله قضيةً ذات قيمة ويصيبه الصَّغار وتُنتزع المهابة من قلب عدوه إذا كان إمعة ضمن غثاء السيل ، فالناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة

ما أكثر الناس لا بل ما أقلهم

الله يعلم أني لم أقل فندا

إني لأفتح عيني حين أفتحها

على كثير ولكن لا أرى أحدا

ولما ذهب أبرهة بن الصباح الأشرم ملك اليمن من قبل أصخمة النجاشي ليهدم الكعبة وقابله عبد المطلب فلما رآه أبرهة أجله، وكان عبد المطلب رجلا جميلا حسن المنظر، ونزل أبرهة عن سريره، وجلس معه على البساط، وقال لترجمانه: قل له: حاجتك؟ فقال للترجمان: إن حاجتي أن يرد عليّ الملك مائتي بعير أصابها لي. فقال أبرهة لترجمانه: قل له: لقد كنت أعجبتني حين رأيتك، ثم قد زَهِدت فيك حين كلمتني، أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك، وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئتُ لهدمه، لا تكلمني فيه؟! فقال له عبد المطلب: إني أنا رب الإبل، وإن للبيت ربا سيمنعه. قال: ما كان ليمتنع مني! قال: أنت وذاك.
ولولا أن عبد المطلب بين لأبرهة حجته لسقط من عينه لمّا خرج من لسانه ما يدل على القضية التي تشغل باله في هذا الشأن الجلل فعبد المطلب سيد قريش وكان يُطعم الناس بالسهل، والوحوش في رءوس الجبال،ولكنه كان واثقا من أن الله سيمنع بيته الحرام حيث أنشد قائلا

لاَهُمَّ إنَّ المَرْءَ يَمْـ

نَعُ حله فَامُنَعْ حَلاَلَكْ

لاَ يٍغْلِبَنَّ صَلُيبُهُم

وَمُحَالُهُمْ عَدْواً مْحَالَك

إنْ كُنْتَ تَارِكَهُمْ وَكَعـ

بَتَنَا فَأَمْرٌ مَا بَدَا لَك

يَا رَبِّ لاَ أَرْجُو لَهُمْ سِوَاكَا

يَا رَبِّ فَامْنَعْ مِنْهُمُ حِمَاكَا


ويحكى أن الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان، رضي الله عنه، كان يجلس في المسجد بين تلامذته في بغداد، يحدثهم عن أوقات الصّلاة، فدخل المسجد شيخ كبير السن، له لحية كثيفة طويلة، ويرتدي على رأسه عمامة كبيرة، فجلس بين التلاميذ. وكان الإمام يمدّ قدميه، لتخفيف آلام كان يشعر بها، ولم يكن هناك من حرج بين تلامذته حين يمد قدميه، فقد كان قد استأذن تلامذته من قبل بمدّ قدميه أمامهم لتخفيف الألم عنهما.
فحين جلس الشيخ الكبير، شعرَ الإمام بأنه يتوجّب عليه، واحتراما لهذا الشيخ، أن يطوي قدميه ولا يمدّهما، وكان قد وَصَلَ في درسه إلى وقت صلاة الصبح، فقال ‘’وينتهي يا أبنائي وقت صلاة الصبح، حين طلوع الشمس، فإذا صلّى أحدكم الصبح بعد طلوع الشمس، فإن هذه الصلاة هي قضاء، وليست لوقتها’’.
وكان التلامذة يكتبون ما يقوله الإمام والشيخ الكبير ‘’الضيف’’ ينظر إليهم. ثم سأل الشيخ الإمام أبو حنيفة هذا السؤال ‘’يا إمام، وإذا لم تطلع الشمس، فما حكم الصلاة؟’’. فضحك الحضور جميعهم من هذا السؤال، إلا الضيف والإمام الذي قال ‘’آن لأبي حنيفة أن يمدّ قدميه’’

لما أراد الصليبيون في آخر أيام حكم المسلمين للأندلس أن يغزوا مدينة قرطبة وقصر الحمراء آخر معقل للمسلمين في بلاد الأندلس أرسلوا جاسوسا لهم لينظر إلى شباب المسلمين؛ ما هو تفكيرهم؟ ما هي هممهم؟ ما هي طموحاتهم؟ فنظر ذلك الجاسوس وتجوّل في بلاد المسلمين، فبينما هو يتجوّل ذات يوم إذ به يجد شابًا من شباب الأمة في أحَد الوديان يبكي متحسّرًا نادمًا، قال له: ما بالك يا بني؟! قال: إني أتعلّم الرمي وقد رميت بعشرين سهمًا فأصبت في ثمانية عشر وأخطأت في سهمين، فأنا أبكي متحسرًا على ذلك، لو هجم علينا الأعداء فلن أدافع عن بلاد الإسلام؛ لأني قد أخطئ الرمي، فرجع ذلك الجاسوس إلى الصليبيين إلى قومه فقال: لا طريق لكم لغزو بلاد المسلمين.

ويدور الزمان وتتغيّر الأمور ويغرق شباب الأمة في اللهو والعبث والخنا والمجون والحبّ والغرام، فيعود جاسوس آخر بعد سنوات عدة لينظر هل الوضع ملائم لغزو بلاد المسلمين، فيجد شابًا يبكي فيقول له/ ما يبكيك يا بني؟! فيقول: أبكي على حبيبتي، فرجع ذلك الجاسوس وقال لقومه: لقد آن الأوان لغزو بلاد المسلمين.
ومن المفارقات العجيبة أنه في الوقت الذي يتجمع فيه المسلمون من كل فج عميق متجهين نحو قبلة واحدة ملبين لإله واحد معلنين أنهم أمة واحدة مهما اختلفت أجنساهم وألوانهم وأوطانهم ، يتشاجر شعبان مسلمان لا من أجل تطبيق حد من حدود الله ولا اختلافا حول حجية دليل ظني الثبوت أو الدلالة وإنما من أجل لعبة في أيام هي من أعظم أيام الدنيا والعمل الصالح فيها أحب إلى الله وأعظم من الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشئ
الشعب كله هتف

والكورة مش في الجون

وفجأة عقله اتخطف

زي ال مسّه جنون

رقص وغنى وكشف

عن كل شئ مكنون

بيشجع اللي احترف

واتباع بميت مليون

يا شعب فين الهدف

وانت أسير مديون

وأنين ف قلبك عزف

على صوت أسى وشجون

وحلم عمرك وقف

جوا الشبك مرهون

وجرح قلبك نزف

ومفيش طبيب مضمون

م الهم ريقك نشف

طول النهار مطحون

والحر أمله اتنسف

الله يكون في العون

نص الشباب انحرف

ونصهم مسجون

والقدس رمز الشرف

بايت ف إيد صهيون

والمسلمين للأسف

من كل جنس ولون

عايشين ومن غير هدف

بس الهدف مش جون

لكن دا دين ربنا

كله ف سبيله يهون

وحينما ترى عشرات الآلاف تتجه أبصارهم نحو السماء وهم يرفعون أكف الضراعة والخشوع داعين الله أن تدخل كرة بين ثلاث خشبات وتسكن شباك المرمى في الوقت الذي فيه بلاد المسلمين بين محتل غاصب أو سلطان جائر سعى فى الأرض ليفسد فسها ويهلك الحرث والنسل ، توقن آنذاك وتتأكد أنه قد آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه ، ولن يحتاج الجاسوس لأن يتفقد أحوال المسلمين ولكننا لن نجد حجة ولا منطقا نرد به على أبرهة حتى لا نسقط من نظره وتُنتزع مهابتنا من قلبه إذا سألنا عن سبب تركنا لمقدساتنا وانشغالنا بمباراة لكرة القدم
وأخيرا فإن لكل منا غاية ينشدها وقضية تشغله فطوبى لمن كان الله غايته والإسلام قضيته


This entry was posted on الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009 at 12:52 م and is filed under . You can follow any responses to this entry through the comments feed .

0 ممكن رأيك لو سمحت

إرسال تعليق