الدكتور طه صحوة شعب

Posted by حسام خليل in


لا بد لكل نظام مستبد من مخالب تنهش المقهورين وأنياب تمزق الضحايا وهذه الأنياب وتلك المخالب لا تؤدي دورها لقناعتها بذلك النظام ولا لكفرها بمبادئ بني جلدتها من الضحايا المقهورين وإنما ببساطة لأن لقمة عيشها في البطش الشديد وراحتها النفسية في تعذيب العبيد
وإن أصحاب البصيرة الواعية والنفوس السامية من المضطَهدين المخلصين لا يحملون في قلوبهم أية كراهية لهؤلاء الجلادين الذين يعذبونهم لأنهم يعلمون أنهم مجرد أداة في أيادي الظالمين وإلا تحول جهادهم في سبيل مبادئهم إلى مجرد ثأر لأنفسهم ، ولذلك تراهم ينظرون إلى جلاديهم نظرة إشفاق من مكان علي لأنهم هم الأعلون بثباتهم وهم المنتصرون بعزائمهم وهم الأقوى بتوكلهم ، وما أجمل تلك الأبيات التي تصف قمة النقاء النفسي لهؤلاء المجاهدين الصابرين الثابتين
والصمت يقطعه رنين سلاسل ---- عبثت بهن أصابع السجان
ما بين آونة تمر وأختها ---- يرنو إلى بمقلتي شيـــطان
من كوة بالباب يرقب صيده ---- ويعود في أمن إلى الدوران
أنا لا أحس بأي حقد نحوه ---- ماذا جنى فتمسه أضغاني
هو طيب الأخلاق مثلك ياأبي----- لم يبد في ظمأ إلى العدوان
لكنه إن نام عني لحظة---- ذاق العيال مــرارة الحرمان
فلربما وهو المُرَوِّعُ سحنة---- لو كان مثلى شاعرا لرثاني
أو عاد ـ من يدري ـ إلى أولاده---- يوماً تذُكِّرَ صورتي فبكاني
وإن الصبر على الأذى ليس كما يظن السفهاء من الناس أنه ضعف واستسلام بل على العكس هو أقوى وأمضى سلاح يمكن أن يزلزل عروش المتكبرين لأن الصابرين على الأذى ثابتون على مبادئهم بالرغم من كل ما يحدث لهم من اعتقالات ومصادرات وإرهاب وتخويف ، وكأنهم بصبرهم وثباتهم يقولون للظالم : فاقض ما أنت قاض فلن نتخلى عن مبادئنا ولن نتراجع عن موقفنا الأمر الذي يهز الظالم هزا ويجعله يترنح ولا يقوى على مواصلة البطش ويتحطم على صخرة ثبات المجاهدين .
إن ثبات الأحرار على مبادئهم وصبرهم على ما يحدث لهم من أذى يضعف شأن الظالم المستبد في عيون الشعوب ويكشف الستار عن مدى ما يعيش فيه المستبدون من هلع ورعب ، لأن البطش ما هو إلا غطاء يستر به المفسدون عورة ضعفهم وقلة حيلتهم وهوانهم على الناس ، فالبطش لا يدل أبدا على القوة وإنما القوي حقا هو الذي يملك نفسه عند الغضب ويصبر على الأذى ويثبت على المبدأ ليكون مثلا يشجع الخائفين ويدعو أصحاب الحقوق للمطالبة بحقوقهم دون خوف أو وجل حتى إذا ما استيقظ الشعب كله حرا جريئا سقطت عروش الظلم وفر الظالمون تاركين وراءهم جنات وعيون وزروع ومقام كريم
وإن ما فعله المواطن الحر الدكتور طه عبد التواب طبيب العلاج الطبيعي الذي تعرض للتعذيب والإهانة من ضابط أمن الدولة ، يعد بمثابة صحوة شعب أبيٍ يأبى الظلم ويفضل الموت على حياة الذل والاستعباد حيث أضرب عن الطعام والشراب لتصل كلمته قوية مدوية إلى آذان الظالمين قائلا لهم بلسان حاله : متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ، وقد أكد الدكتور طه أنه لم ينظر لحجم الاعتداء عليه أنه لشخصه بل لمصر كلها ، وأن انتهاك الحريات الذي يتم كل يوم فى بلدنا يجب التصدى له بقوة والوقوف فى وجهه حتى لو كلفنا ذلك حياتنا
لذلك فإن ما فعله الدكتور طه ليس انتصارا لنفسه من فرد بعينه ولكنه بالفعل صحوة شعب كسر حاجز الخوف الذي ظل يحبس وراءه نور الحرية زمنا طويلا ، فحاجة الإنسان إلى الحرية أمسّ وأقوى من حاجته إلى الطعام والشراب خاصة وأنه في ظل غياب الحريات لم يعد للشعب ما يخاف عليه ويجعله يجبن عن قول كلمة الحق والوقوف في وجه الاستبداد بشتى ألوانه

نحن في أمس الحاجة إلى أن نتخلص من الخوف وأن يكون الشعب المصري كله مثل الدكتور طه عبد التواب يرفض الظلم ويأبى الذل ويسعى للحرية ولا يتنازل عن حقوقه المشروعة وحينئذ ستتمرد العصا على الساعد وينقلب الساعد على محركه وتأتي الهزائم المتوالية للظالمين المستبدين من حيث لم يحتسبوا
وهذه أبيات كتبتها على لسان الدكتور طه أختم بها المقال
قومي يا غالية ومتخافيش أنا مش بخاف من أي حد
أنا أصلي مؤمن إن عمري ميملكوش ف الدنيا حد
أصل الأمان مش للي خان
ولا للجبان
ولا للي راح زي النعامه وحط راسه واكتفى
ولا للي قال وانا مالي وادّانا القفا
ولا للي وطى جنب حيطه واختفى
ولا للي فاكر إن توب الذل هيجيب الدفا
الأمان على خط نار
الأمان ضد الجدار
الأمان تحت الحصار
ما دام بسبح باسم ربي ليل نهار
حتى لو في السجن شاعر بالأمان
والإيدين الخاينة صاحبها الجبان
حتى لو ف قلب قصره
الخوف محاصره
والذل آسره
والحر كاسر عينه أيوه كاسره
والشعب واعي و من زمان باعو وخسره
قومي ياغالية ومتخفيش أنا مش بخاف من أي حد
أنا عايز ابوسك ياللي خدك في المرايه أحلى خد
حتى لو حاطين ما بيني وبينك ألف سد
بالحب وحده انا هخترق كل السدود
علشان ولائي للوطن ملهوش حدود
والحب جوايا السلاح
والحب جوايا الجنود
علشان كده أنا بمتلك أقوى الجيوش
بس اللي خافوا وصقفوا مهينفعوش
واللي استخبوا وطنشوا وراحوا ومجوش

لو حد قال ان الأمان تحت المداس

متصدقوش
الأمان بنحسوا في قلوبنا الجريئة
اللي ف سبيل دينها وطنها وربها
بتقول الحقيقة
الأمان في القلب لو قلب الحريقة
النار بتبقى فسكتو برد وسلام
أمن وأمان
حتى اسألوا سِدنا ابراهيم
والمصطفى خير الأنام
مسك الختام
عليه أفضل الصلاة
والسلام

This entry was posted on الأحد، 14 مارس 2010 at 10:03 م and is filed under . You can follow any responses to this entry through the comments feed .

2 ممكن رأيك لو سمحت

غير معرف  

نسال الله ان يفك كرب الاخ طه


وان يرفع الظلم عن المظلومين

جزيت خيرا شاعرنا
الورده

15 مارس 2010 في 2:53 ص

شكرا لكي أينها الوردة العطرة
ربنا ما يحرمناش من هذه البهجة التي تفوح بمرورك

16 مارس 2010 في 8:59 م

إرسال تعليق