حقيقة المنية في الانتخابات البرلمانية

Posted by حسام خليل in



تعددت الأسباب والموت واحد ، ولكن الموت في الانتخابات البرلمانية القادمة والمزمع إجراؤها في غضون شهر نوفمبر 2010 ، تتعدد أشكاله وألوانه وإن توحدت أسبابه التي تتمثل في المحافظة بشتى الوسائل والسبل على نظام قائم قد جر البلاد والعباد إلى الحالة التي وصلنا إليها ولا يزال يقول : هل من مزيد

ولأن حقيقة الموت تكمن في انفصال الروح عن الجسد وما ينتج عن ذلك من آثار ، فنحن أمام موت حقيقي لانتخابات برلمانية انتزعت منها الروح بفعل التعديلات الدستورية وغياب الإشراف القضائي لتسهيل تزوير إرادة الشعب مع سبق الإصرار والتعمد ، فتحولت إلى مسرحية هزلية أدت إلى جموح معظم الشعب عن الإدلاء بأصواتهم لاعتقادهم بأن دورهم لا يتعدى أن يكون شكليا من قبيل (الديكور) لتزيين الجسد الميت

ولقد كشف موت حقيقي بالأمس القريب عن إرادة الشعب الحرة عندما خرج عشرات الألوف من محافظة الفيوم في مشهد مهيب لم تشهده المحافظة من قبل لتشييع جنازة نائب الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين الحاج مصطفى علي عوض الله تحت لافتة مضيئة قرأها الجميع وكتبها الراحل بإخلاصه وجهوده وأعلنها بموته الذي جاء في توقيت مريب جعل كثيرا من أبناء هذا الشعب يشيرون بأصابع الاتهام إلى أياد خفية لها مصلحة في بقاء الفساد الجاثم على الصدور (إن الشعب لا يريد إلا هذه النماذج المتوضئة الطاهرة النظيفة) وتلك حقيقة يعلمها الجميع وقد أشار إليها فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين في كلمته على قبر الراحل بعدما أم الناس بصلاة الجنازة عليه حيث قال عن مشهد الجنازة المهيب أنه استفتاء حقيقي لإرادة الشعب ، فلو أتيحت الحرية لهذه الشعوب في اختيار نوابها فلن تختار سوى أمثال مصطفى علي عوض الله من إخوانه السائرين على دربه بجد وإخلاص

ولما كان من آثار الموت أن تتعطل الأعضاء عن القيام بوظائفها الحيوية ، وأن يجد الإنسان نفسه فجأة بعيدا عن دائرة نشاطه اليومي المعتاد منقطعا عن الدنيا وما فيها ، فهذا ما يحدث للإخوان في كل انتخابات برلمانية نتيجة لما يتمتع به الشعب المصري من حرية وديمقراطية حيث اعتاد الناس أنه في ظل الانتخابات الحرة النزيهة يتم اعتقال الإخوان وتعطيلهم عن القيام بوظائفهم الحياتية فضلا عن القيام بنشاطهم السياسي لتظل الساحة خالية من المنافسة الحقيقية الشريفة ولإرهاب كل من تسول له نفسه محاولة الاقتراب من عش الضبابير ، فما أشبه ذلك الاعتقال السياسي الآثم بالموت الذي ينتزع الإنسان من بيته وأهله في منتصف الليالي ويحجبه عن دنياه ويعزله بعيدا عن المعترك ليصبح مسلوب الإرادة لا حول له ولا قوة غير أن القريبين من الله عز وجل بطبيعة أحوالهم يستعدون للموت الأكبر في كل وقت وحين فلا يعنيهم ولا يثنيهم ذلك الموت الأصغر بل يزيدهم إيمانا وعزيمة وصلابة (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله) ولقد بدت بوادر ذلك الموت بمجرد إعلان مسئول المكتب الإداري بمحافظة الفيوم الدكتور أحمد عبد الرحمن عن أسماء المرشحين في دوائر المحافظة بمعدل مرشح واحد عن كل دائرة ، حيق قامت الأجهزة المعنية على الفور بمداهمة العديد من محلات الإخوان في مختلف الدوائر وفي نفس التوقيت معلنين عن مدى نزاهة هذه الانتخابات القادمة وعن مدى ما نتمتع به من حرية وديمقراطية في ظل حكومتنا الراشدة ، فقد بدأ موسم الاعتقالات وأعد الإخوان حقائبهم وتم بالفعل اعتقال عشرة من إخوان الدقهلية بعد مداهمة منازلهم فور إعلان الإخوان عن خوض الانتخابات البرلمانية وتم الاستيلاء على أجهزة الحاسب الآلي الخاصة بهم ، كما قامت الأجهزة الأمنية بمحافظة الاسكندرية أمس الاثنين الموافق 11/10/2010 باختطاف أحد عشر أخا من إخوان المحافظة حيث وصف الأستاذ حسين ابراهيم مسئول المكتب الإداري للإخوان المسلمين بالاسكندرية هذه الاعتقالات بأنها دليل على إفلاس النظام وعدم قدرته على مواجهة الإخوان من خلال صناديق الانتخابات مؤكدا أن هذه الحملة البوليسية لن تثني الإخوان عن السير في طريقهم الإصلاحي ومحاربة الفساد وأثنى على قرار الإخوان بالمشاركة في الانتخابات لفضح ممارسات النظام وفساده والذي بدا واضحا من خلال هذه الاعتقالات الظالمة

وحينما يفتقد الجسد كل قدرة على رد ما يصيبه ويصبح بلا مناعة ويستمرئ الظلم ويرضى بالخنوع فهو لا محالة جسد ميت (وما لجرح بميت إيلام ) إنها السلبية المقيتة المميتة التي تجعل الجسد مستسلما للدود الذي يتغذى عليه وما هذه الفئة التي تتلذذ بمص دماء الشعب ونهب خيراته والتمتع بمقدراته إلا كالدود الذي يتغذى على الجسد الميت الذي لا يدرك العلاقة بين ارتفاع أسعار السلع الأساسية إلى حد الجنون وبين تزوير الانتخابات واستمرار الفساد ومن ثم يظل راكدا راقدا عاجزا عن مجرد التأوه خائفا من النطق بكلمة حق خاضعا لسلطان من نهبوه وأنهكوه فضلا عن أن يشارك في عملية التغيير بالطرق السلمية المشروعة فتراه عازفا عن المشاركة في الانتخابات والإدلاء بصوته بل ربما زاد الطين بلة وأعطى صوته لمن يأكل لحمه ويمص دمه كالرمية التي تحتفي بالرامي

ولعل معنى السلبية بهذا الشكل أشار إليه الشاعرعلاء جمال وهو أحد شباب شعراء القاهرة

رسالة الى الأمير

لا للتوريث


ولأنك متعرفش الكدب

بشهادة أمك

ولأنى معجون بالكدب

بشهادة أبوك

ولأنك ابن الباشا............

رئيس الحزب

ولأنى من وجهة نظرك.......

ابن الـ كـ لـ ب

ولأنك مولود فى القصر

حيث النعمة الملهاش حصر

ولأنى مولود فى الحارة

أو بالتحديد أنا ابن شوارع ( مصر(
فأسمحلى وأدينى دقايق

من وقتك.........

أقولك فيها رسالة معايا.......

باعتها الشعب........

أنا مين !!!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

أنا ابن الشعب

جدى كان جندى فى ستة وخمسين

أو قبل ما يحتلوا فلسطين

أو بالتحديد........

من قبل ما يخترعوا الحرب

وأبويا من بعد تلاتة وسبعين

اعتزل الناس والدنيا

مقدرش يعيش فى سلام

الزيف والكدب

وأنا جيت الدنيا لقيت أبوك فيها

بيحكم بالغصب............

والناس فى بلدنا نوعين أتنين

النوع الأول :

أصحاب والدك ( المحتكرين(

والنوع التانى :

أصحاب والدى ( المحتقرين (

والنوع الأول زى الدود

عايش على جسم النوع التانى

والنوع التانى مغروس فى الطين

مش قادر ياخد موقف..........

قاعد مستنى عدالة الرب

والرب برئ

من النوع الأول والنوع التانى

ده لأن الرب خلقنا بنى آدمين

بس احنا فقدنا فـ سكتنا آدميتنا

ونسينا ان بداية الخلق.......

كانت طين............

أنا مين!!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

لساك مش عارف!!!!!!!!!!!!!!!!!

أنا واحد من ضمن ( المصريين (

قلبى كبير.................

ابيض زى الفل..........

لكن لو مرة فى بلدى احس ان أنا متهان.......

أو أحس بذل...........

راح أهين الكل

أولهم أبوك..........

وتانيهم أنت..........

وتالتهم ( حزب المنتفعين(

أنا مين!!!!!!!!!!!!

أنا واحد كارهك مش عايزك

ولا عايز والدك

ولا عايز حزبك

ولا عايز حد من ريحة أهلك

وكفاية كتمتوا نفسنا سنين

أه نستنى.........

رسالة الشعب أهة فى أديك..........

ما فيهاش غير سطر وحيد

مصر كبيرة عليك

سكرات الحب

Posted by حسام خليل in

خذي قلبي وأشواقي
وهات الآن ترياقي
أنا الظمآن يا ليلى
وأنت النبع والساقي
أنا المأسور في كوني
وقيد الحب إطلاقي
أنا الحيران في تيهٍ
ونار البعد إحراقي
أنا الحران في صيفٍ
وظلي رمشك الواقي
فمدي الطرف ضميني
بإقبال وإطباقٍ
أنا الشمس التي غابت
وفي عينيك إشراقي
وأطياري وأنواري
وأغواري وآفاقي
ومن شطيك إبحاري
فنجيني بإغراقي
وألقيني بلا طوقٍ
إلى أعماق أعماقِ
ففي الأعماق إلهامي
وموج البحر أوراقي
ونبض القلب تدويني
بتنغيم وإخفاقِ
وشدو الطير يتلوه
وطيب الريح أبواقي
أنا الساق التي التفت
لدى شوقي على ساقِ
أعاني سكرة الأموا
ت قد صوبت إحداقي
إلى نور أناديه
فهل يأتي؟ ومن راقِ
فأنت الروح أرجوها
فهل عادت بإشفاقِ




6 أكتوبر.. بين انتصار العقيدة وهزائم التبعية

Posted by حسام خليل in

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، النبيِّ الأميِّ الأمينِ، ومَن والاه وسار على دربه إلى يوم الدين، وبعد..

للسنة السابعة والثلاثين، تأتينا ذكرى انتصار السادس من أكتوبر العاشر من رمضان، ناحتةً في وعي كل مصري وعربي ومسلم، بل وكل إنسان، لوحةً للفداء، يختلط فيها النصر بمقوماته، ويمتزج فيها دم المجاهد بعقيدته وحقه في الحياة على أرضه، ويرتفع في مدى النفوس المؤمنة نداء النصر الخالد:

"الله أكبر".. الذي التف حوله الجميع، رافضين الهوان أمام أخسِّ جيش تجمَّع من عصابات الإجرام في شتات الأرض.. ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اليَهُودَ والَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ (المائدة: من الآية 82).

"الله أكبر".. النداء الذي أعلن أن أمة الإسلام قادرةٌ على قهر الطغيان، بشرط ضبط عقيدتها الحربية تجاه باريها؛ لتتجاوز بذلك كل يأس أو إشاعة لروح الانهزام ﴿وَلاَ تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (104)﴾ (النساء).

"الله اكبر".. يقينًا بأن السلاح لا يحقِّق الغلبة طالما كان المقاوم مؤمنًا بصدق التوجه وحقيقة الولاء وعدالة القضية وأبواب التاريخ تُفتح على أسلاف لنا فتحوا أقطار الدنيا، ومكَّن الله لهم في الأرض، وما كانوا أكثر عددًا ولا أعظم عدة، ولكنهم مؤمنون مجاهدون، رغم بشريتهم التي يصيبها ما يصيب البشر ﴿وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ﴾ (الأحزاب: من الآية 10)، إلا أن وعد الله حق ﴿وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (25) وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (26) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (27)﴾ (الأحزاب).

"الله أكبر".. كانت أمل المصريين في استعادة مجد غابر" ليوم سادت فيه "الله أكبر" شعار حياة، وأصغت مسامع الأيام لها، وتردَّدت في فم الزمان قرآنًا، وأشرقت بـ"الله أكبر" شموس الهداية في كل مكان؛ ليعم الكون نور، ويرفرف على الدنيا سلام، ولتتذوق الإنسانية حلاوة السعادة بعدالة الحكم، وأمن المحكوم، مستسلمةً مختارةً للهداية المنقذة ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1)﴾ (إبراهيم).

هزائم الواقع

بعد سبعة وثلاثين عامًا من الانتصار يطرح السؤال نفسه: ماذا بقي من نصر أكتوبر؟!
وللإجابة عن هذا السؤال لا بد من رفع للواقع على كل المستويات (الأمني- السياسي- الاقتصادي- الاجتماعي- السيادي) وبعده نقيم ما تبقَّى من انتصار كان يستهدف تحرير الأرض والإرادة، وتحقيق العدالة والسيادة، ورفض كل أشكال التطبيع مع عدو ستبقى يداه ناضختين بدماء بني جلدتنا، يستوي في ذلك أسرانا مع أبرياء بحر البقر مع ضحايا الوحشية في صبرا وشاتيلا ودير ياسين وبحر البقر وقانا وجنوب لبنان وغزة.

إن من حق مصر والمصريين على ولاة الأمر فيها أن يطالبوا بألا تذهب دماء شهداء أكتوبر هباء، وألا تتم خيانة فدائهم للوطن وأهله، وبالتالي:

- فمن حق شهداء أكتوبر أن يجدوا سيادتهم على أرضهم التي خضبتها دماؤهم ومعابرهم سيادةً تامة وكاملة.

- ومن حق شهداء أكتوبر أن تقرَّ أرواحهم بكرامة عيش أهلهم وذويهم، دونما فساد يمتصُّ خيراتهم أو استبداد يسلب حريتهم التي أمَّنها لهم دماء شهدائهم.

- ومن حق شهداء أكتوبر أن تظل قيمتهم مرفوعةً وقامتهم سامقةً دون أن تنحني راية الممانعة في مجتمعهم أو يصير التفريط والاستسلام هما بديلا المقاومة والفداء.

إن الإخوان المسلمين وهم يتنسَّمون مع مصر والعالم الإسلامي والعربي عبق ذكرى انتصار السادس من أكتوبر يؤكدون المعاني الآتية:

أولاً- عدم تأميم الانتصار:

ليتحول انتصار الشعب بعقيدته إلى مجرد ذكرى تحييها الاحتفالات والخطب الرنانة، ويتحول الاحتفاء بقيم انتصار العقيدة إلى مجرد ألحان وكلمات، ولتستبدل الحركة نحو استمرار النصر إلى تفريط في مقومات الانتصار وترسيخ لتأميم الانتصار واستدماج دماء الشهداء في صروح البقاء والاستبداد، وبالتالي يكون المطلوب هو خطواتٍ حقيقيةً من الحكومة المصرية نحو شعبها لتحيي فيه إرادة الانتصار التي اشتعلت في أكتوبر وتمَّ التآمر عليها فيما بعد لإخماد جذوتها، فالشعب المصري خيرُ أجناد الأرض ببشارة المصطفى صلى الله عليه و سلم والأمن هو عنوان مصر.. ﴿وقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ﴾ (يوسف: من الآية 99) ومقدرات مصر كنوز لا تنفد، فما الذي نفتقده لتتوجه الأمة صوب الانتصار في كل المجالات سوى العمل الجادّ في ظل قيادة عادلة وأنظمة راعية وحكومات نزيهة.

ثانيًا- عدم نسيان العدو:

إن انتصار أكتوبر كان ضد عدو واضح وصريح؛ الصهاينة، ومن خلفهم أمريكا، ومن يقول إن حرب السادس من أكتوبر كانت آخر الحروب واهمٌ، فعقيدة بني صهيون تستهدف كلَّ من حولهم بحقيقة فضح الله لنواياهم ﴿كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64)﴾ (المائدة)، وبالتالي فإن مجرد السير خلف أهوام الاستسلام الذي يسمونه سلامًا هو- وربي- عين التفريط في دماء شهداء أكتوبر، بموالاة من بيده كان العدوان، وبسلاحه كان السلب والاحتلال والقتل غدرًا، وما واقع التشرذم والتشتُّت والفتن والانقسامات إلا نتاجٌ طبيعيٌّ لموالاة العدو.. ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73)﴾ (الأنفال).

وذات الأمر ينسحب على تفسير حالة الفساد الساري في أوطاننا بأشكاله السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وما ثوب الذل الذي لا يستر إلا بديل طبيعي لعزّ الانتصار الذي فرَّطنا فيه من بعد الاعتزاز بـ"الله أكبر".. ﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139)﴾ (النساء).

ثالثًا- الحرب هي عقيدتهم:

أليست أمريكا هي الدولة التي بلغ عدد حروبها 235 حربًا خارجيةً، شنَّتها على شعوب العالم منذ إعلان استقلالها، هذا إضافةً إلى الحروب الداخلية التي أخضعت بها كثيرًا من المقاطعات والولايات الأمريكية ذاتها، وامتلكت لكل حرب أسبابها ومبرراتها لتحقِّق أهدافها، ومصالحها التي تجدد دائمًا؟!

ولئن كانت أمريكا أضفت المشروعية على احتلالها العراق ومن قبله أفغانستان بدعوى محاربة الإرهاب؛ فلقد كانت من قبل ترفع لافتة "محاربة الشيوعية" لتحارب تحتها الثورات التحررية في العالم الثالث، لتطيح بحكومة مصدق في إيران سنة 1953م عن طريق وكالة المخابرات المركزية، وتدخل القوات الأمريكية عام 1958م إلى لبنان، ثم تشعل الحرب بين شطري كوريا عام 1950م، بل إن البرلمان الأمريكي قابل الاقتراح بإلقاء قنبلة ذرية على كوريا الشمالية بتصفيقات حارَّة، وانتهى الأمر بأمريكا إلى التدخل المباشر في الحرب الكورية، وقد جاء هذا التدخل الأمريكي المباشر فرصةً لتدمير المؤسسات الصناعية والمدن والقرى في كوريا، وقتل مئات الآلاف من السكان، وهذا ما كان أيضًا في فيتنام ونيكاراجوا والصومال وغيرها من دول العالم.

إنها دولة عقيدتها الحرب، وربيبتها دولة صهيون؛ التي لو لم يكن لها من جريمة إلا الاستيلاء على وطن كامل لكفتها.. جريمة تدين كل العالم، وتخرس ألسنة الشرعية فيه، وتوصم كل المؤسسات الأممية بالتستُّر على سرقة فلسطين، والصمت على ضياع تراث الإنسانية بالحفريات تحت الأقصى وتهويد القدس وسلاسل لا نهائية من القتل والتدمير والسلب والتعذيب والسجن لأهل فلسطين، ورغم تواصل حلقات جرائم عصابات صهيون المنظمة والمستمرة فإن العالم ما زال يتحدث عن السلام وعن الحق الصهيوني في البقاء!.

رابعًا- دوائر الحرب تتسع:

لم تضع الحرب أوزارها، بل صارت دوائرها أوسع، وأمسى الاستهداف أوسع من مجرد الحدود؛ ليبتلع أممًا وأوطانًا وحضاراتٍ، رسمت وجه الدنيا، فسقطت أفغانستان في براثن الاحتلال، وتلتها العراق في أول احتلال مقنَّن يعرفه العالم عبر تاريخه.

وسهام العقوبات تطوق سوريا وإيران، بينما تستهدف سهام الفتن الصومال والسودان واليمن وباكستان ولبنان، وترشق في صدر الأمة الواحدة سهام الفرقة المذهبية والطائفية والعرقية، وتحولت دول عالم اللغة الواحدة والدين الواحد إلى أعداء يتراشقون التصريح والتجريح، ويتناحرون على حدود رسمها المحتل؛ ليعملها فينا سلاح بأس شديد بيننا، بعد أن كان شعارنا "رحماء بينهم".

وحتى العقول صارت مستهدفةً بقيم العولمة وفنونها؛ لتسود الاستهلاكية حياتنا، ونعتاد على ثقافات غريبة عنا وإبداع يخاطب الغرائز ويبني شخصيات مشوَّهة لا تؤمن بقيمة ولا تنتصر لفكرة.

هم العدو.. ﴿وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً﴾ يتحدثون عن السلام وحقوق الإنسان ﴿﴿يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ﴾ (التوبة: 8).

هم العدو.. يعد العدة ويتحرك قالبًا الحق باطلاً والحقيقة سرابًا ومسميًا الجور والعدوان حربًا مقدسةً.. ﴿إنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (9) لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إلاً ولا ذِمَّةً وأُوْلَئِكَ هُمُ المُعْتَدُونَ (10)﴾ (التوبة) .

وأخيرًا..

ونحن نتذكر نصر أكتوبر، نؤكد أن عوامل الانتصار والقوة في أمتنا كامنة، غير أن طاقاتها معطلة، وسواعدها مكبلة، وعقولها مغيَّبة بفعل قواعد الجور وقوانين الاستثناء وفساد الإدارة، وسلب الإرادة، فعلى ولاة الأمر أن يستوعبوا طبيعة المرحلة وحقيقة المسئولية الملقاة على كواهلهم بحكم ما استرعوا عليه، وهو ما سيؤاخذهم الله به بين يديه ليسألهم عن كل رعيتهم.

وإلى معاشر الإخوان كلمة..

ليكن انتصار أكتوبر هو راية الأمل التي تحملونها في نفوس الناس الظمأى إليه، فالهمم مستهدفة، وهزائم الواقع أنْسَت الناسَ قدرتهم على الانتصار.

اجعلوا شعاركم ﴿ولا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ إنَّهُ لا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إلا القَوْمُ الكَافِرُونَ﴾ (يوسف: من الآية 87) واتخذوا من الفعل الإيجابي- حتى وإن كان إماطة للأذى عن الطريق- النموذج العملي للقدرة على الإصلاح والتغيير المستند على إصلاح النفوس ﴿إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ (الرعد: من الآية 11).

وأعيدوا للانتصار قيمته، ولشهدائنا قدرهم؛ بفضح كل محاولة لبيع ما قدموه في أسواق التنازلات، وبكشف الوجه الحقيقي للعدو وتآمره، موقنين يقينًا لا يحتمل الشك بأن وعد الله حق ﴿ونُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ ونَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ونَجْعَلَهُمُ الوَارِثِينَ﴾ (القصص: 5).

والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل.



في رثاء عوض الله

Posted by حسام خليل in


شاعر سبيل

Posted by حسام خليل




عد ياسراقة

Posted by حسام خليل in



عد يا سراقةُ في أمان

وارجع بظهرك للأمام

لترى وعودا شامخات كالجبال

ليست سرابا أو صروحا من خيال

فجيوش كسرى مثل بيت العنكبوت

لو كان في الدنيا رجال

لاتنحني إما تموت

عد يا سراقة وانتظر

واغرس بذور غنيمتك

تحت الرمال

وارو الحكاية والبذور

من ماء نور

تحصد محالا من طريد في ارتحال

في هجرة ليست فرارا بل وصولا للمنال

فالدين تضحية بأرواح ومال

والكون يفسح للرجال طريقهم

والهول لا يثني الرجال عن المسير

بل ليست الأهوال إلا كالأدلة يعرفون بها الطريق

كم من علي في فراش الموت ينتظر الشهادة كالعشيق

كلٌ على ثغر ينفذ خطة الفتح المبين

عد يا سراقة إنه النور الذي

قد جاء يحكم رحمة للعالمين

عد يا سرقة فالعيون

من غير نور لا ترى

من بينهم مر الأمين

قد أغشيت أبصارهم

فارجع بعين المؤمنين

وانظر ترى عبر السنين

ما لا ترى عين العبيد

عد يا سرقة من جديد

وأعد صهيبا للوجود

وارجع إليهم بالمبادئ والقيم

دع عنك تشويه القمم

برماح تصوير الظُلَم

لن تطفئ النور الأشم

برياح تضخيم اللمم

لا يا وحيد زمانهم

والله أقسم بالقلم

فاربأ به عن غيهم

والألف ناقة لاتباع بها الذمم

عد يا سراقة إننا خير الأمم

إننا خير الأمم


الإسلام في مواجهة الظلم والطغيان

Posted by حسام خليل in

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومَن والاه.. وبعد
فقد اقتضت سنة الله في خلقه أن يكون شأن المسلمين مع الأمم الجاحدة بالله والمستكبرة على شرع الله، مثل كفتي ميزان إذا رجحت إحداهما طاشت الأخرى، فإذا كان المسلمون صادقين مع الله أوفياء في تنفيذ منهاجه وشرعه هيَّأ الله لهمم أسباب العزة والمنعة والنصر ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ (الأنبياء: من الآية 18)، وإذا ضيَّعوا شرائع الله وأحكامه وشاع فيهم المنكر وغاب بينهم المعروف، انتشر الظلم والفساد وطغى عليهم غيرهم بالظلم والقهر والإذلال.
وإذا كان الكثير من المسلمين قد غضبوا- ولهم الحق في ذلك- لقيام بعض المنحرفين بالتهديد بحرق المصحف، إلا أنه كان يجب عليهم أن يدركوا أنهم حين انصرفوا عن شرع الله وتعاليمه وساد بينهم الظلم دبَّ فيهم الوهن وحب الدنيا، وصدق رسول الله صلى الله عليهم في حديثه: "..ولينزعن الله من صدور أعدائكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن، قالوا: وما الوهن يا رسول الله. قال: حب الدنيا وكراهية الموت". (رواه أبو داوود).
هلاك الأمم بسب الظلم والطغيان:
الظلم نوعان؛ ظلم الناس لأنفسهم بالفسق والفجور والخروج عن طاعة الله والتظالم فيما بينهم، وظلم الحكام لشعوبهم على نحوٍ يهدر حقوقهم ويذهب بعزتهم وكرامتهم مما يجعل الأمة ضعيفة غير صالحة للبقاء فيسهل على الأعداء هزيمتها واستعبادها ويصدق عليها قول الله عز وجل: ﴿وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ (11)﴾ (الأنبياء: 11).
إن الدول يمكن أن تبقى مع الكفر إن عدلت ولا تبقى مع الظلم وإن أسلمت، إذ ليس من سنته تعالى إهلاك الدولة بكفرها فقط، ولكن إذا انضم للكفر ظلم حكامها للرعية وتظالم الناس فيما بينهم يقول عز وجل: وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117)﴾ (هود).
ومن آثار الظلم خراب البلاد اقتصاديًّا وعمرانيًّا وزهد الناس في العمل والإنتاج وسعيهم الدائم للفرار والخروج منها؛ مما يجعل الدولة ضعيفةً أمام أعدائها الخارجيين وإن بقيت قوة الطغيان على مواطنيها الضعفاء والمظلومين، يقول تعالى: ﴿فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ (45)﴾ (الحج).
من عقلية الوهن إلى عقلية العزة:
لقد فشلت العديد من النظم العربية والإسلامية في النهوض بشعوبهم بسبب علاقات التبعية وبحكم الوهن وأصبحت تتصرف في أحيان كثيرة ضد مصالح الأمة وإن طلبت لها الدواء أحيانًا أخطأت وطلبت الداء بحكم عقلية الوهن، وأصبحت أرض العروبة والإسلام تعاني من المشاكل لأن الإرادة غابت وتُركت بيد الأعداء من الصهاينة وأعوانهم، ولقد نسوا أو تناسوا عدوهم الحقيقي الجاثم على صدورهم والمتمثل في الكيان الصهيونى وصوبوا أسلحتهم تجاه شعوبهم هروبًا من مواجهة هؤلاء الصهاينة، فلم يحققوا للأمة وحدةً ولا نهضة، وتغافلوا عن أمر الله بالجهاد في سبيله بالمال والنفس لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذي كفروا السفلى فيقول تعالى: ﴿انفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (41)﴾ (التوبة: 41).
فما أحوج المسلمين اليوم إلى عقلية العزة وإلى تحصيل كل أسباب القوة فهم يواجهون صهينةً عالميًّةً لا تعرف إلا لغة القوة فعليهم أن يقرعوا الحديد بالحديد ويقابلوا الريح بالإعصار، وما أحوجهم أن يدركوا أن الإصلاح والتغيير الذي تنشده الأمة لا يمكن تحقيقه إلا بالجهاد والتضحية وصياغة جيل مجاهد يحرص على الموت كما يحرص الأعداء على الحياة.
المقاومة هي الحل الوحيد:
لقد انتهت فترة المفاوضات غير المباشرة ولم يجنِ الفلسطينيون منها شيئًا ولم يتعلم المفاوض الفلسطيني منها درسًا ولم يأخذ منها عبرة، وها هي السلطة الفلسطينية- وقد عادت إلى التفاوض مع الصهاينة-توشك أن تلفظ أنفاسها الأخيرة على طاولة المفاوضات المباشرة.
ويتأهب الشعب الفلسطيني لانتفاضة ثالثة في ذكرى الانتفاضة الثانية، ونرى هذا الشعب الآن يغلي كالمرجل في الضفة وغزة ضد الصهاينة ومن يدعمونهم.
إن أمريكا لن تستطيع فرض تسوية على الشعب الفلسطيني مهما امتلكت من المال وأسباب القوة فها هي تنسحب مهزومة ومثخنة بالجراح في العراق، وهي على وشك الانسحاب من أفغانستان، فالطائرات والصواريخ والتكنولوجيا العسكرية الحديثة تنهزم أمام إرادات الشعوب إذا ما أصرَّت على المقاومة وما حرب غزة ولبنان منا ببعيد.
فالمقاومة هي الحل الوحيد أمام الغطرسة والطغيان الصهيو أمريكي، ويكفي أن الشعوب العربية والإسلامية تقف جميعها خلف المقاومة بالدعم والتأييد، والشعوب تعي جيدًا مَن هم المقاومون ومَن هم الذي باعوا القضية وساوموا عليها، ونقول لإخواننا المجاهدين في غزة اصبروا وصابروا ورابطوا واعلموا أن الله معكم ولن يتركم أعمالكم ﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (139)﴾ (آل عمران: 139).
سقوط أمريكا وزوال الكيان الصهيوني:
وإذا كان الاتحاد السوفيتي قد سقط بطريقةٍ درامية، فإن الأسباب المؤدية إلى انهيار أمريكا هي أقوى بكثيرٍ من تلك التي حطمت الإمبراطورية السوفيتية لأن الأمة التي لا تعلي من شأن الفضائل الأخلاقية والقيم الإنسانية لا يمكن أن تقود البشرية ولن تغني عنها أموالها إذا جاء أمر الله كما حدث مع الأمم السابقة، وها نحن نرى أمريكا تعيش الآن بداية النهاية وتسير نحو هلاكها: ﴿حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ القَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ (45)﴾ (الأنعام)، ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا﴾ (ق: من الآية 36).
أما الصهاينة فيكفي شهادة مارتين- كرافيلد أستاذ التاريخ في الجامعة العبرية والمتخصص في الإستراتيجية العسكرية في مقابلةٍ مع الصحفي "أيالون"، والمنشور بصحيفة "امتساع خضيرة" بتاريخ 8/3/2002م، وكان السؤال الموجه له: ماذا سيحدث للجيش الصهيوني إذا دُعي لمقاتلة جيش نظامي كسوريا أو لبنان؟ فأجاب: ظني أنه سيهرب فإذا ما انفجرت حرب مثل حرب 1973م فإن غالبية الجيش سيضع رجليه على ظهره ويولي هاربًا، وإن حرب الصهاينة ضد الضعفاء ما زالت مستمرة.. منذ أكثر من عشرين عامًا ومنذ اقتحام لبنان وقد تحوَّل الجيش إلى مجموعةٍ من الجبناء والتعساء، وأضاف كرفيلد: عندما نكون في الجنائز العسكرية: فإننا نولول وننوح (نياحة)، بينما الفلسطينيون يطالبون بالانتقام في جنائزهم.
الأمة المسلمة تمتلك إمكانات الإصلاح والتغيير:
إن الأمة المسلمة تمتلك أسباب الإصلاح والتغيير ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا﴾ (فاطر: 32)، فلديها الشرعة والمنهاج ومعالم الطريق ولديها النموذج التطبيقي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلوبه في السيرة النبوية التي تُشكِّل وسيلةَ الإيضاح المُعينة لكيفية التعامل مع قيم الكتاب والسنة في كل زمان ومكان يُضاف إلى ذلك المخزون التاريخي من تجارب النبوات السابقة وأحوال الأمم وكيفية سقوطها أو نهوضها.
إن سلامةَ الأفكار أو المنظومة الفكرية هي أساس التغيير لذلك فإن الله تعالى اعتبر الجهاد بالقرآن وبناء الشوكة الفكرية هو أعلى أنواع الجهاد، وإن التغيير الحقيقي تم بالقرآن (الفكرة)، فقال تعالى: ﴿وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا﴾ (الفرقان: من الآية 52).
ولذلك فإن الصورة المزيفة للتغيير والتحويل حتى ولو وصلت إلى السلطة السياسية والدولة دون امتلاك المقومات الفكرية تبقى معزولةً عن ضمير الأمة وعاجزة عن التغيير مهما امتدَّ بها الزمن.
وعد الله بالتمكين:
يقول تعالى: ﴿سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)﴾ (القمر) تقدم هذه الآية وعدًا قرآنيًّا للمؤمنين بأنهم سوف يهزمون جمع الأعداء في المستقبل، وسوف تولى هذه الجمع الدبر، ولقد تلقى الصحابة هذا الوعد القرآني وهم مستضعفون في مكة معذبون مضطهدون فيها، لقد كانت القوة والغلبة وقت نزول الآية التي أطلقت ذلك الوعد لقادة مكة وزعمائها الذين كان بيدهم الأمر والمال والجاه والقرار، وكان الناس أتباع لهم بينما كان المسلمون في مكة أقلية ضعفاء لا يملكون مالا ولا سلطانا ولا متاعًا، وبعد سنين قليلة من الهجرة جاء إنجاز الله لوعده القرآني الذي أطلقه قبل أكثر من تسع سنوات من الهجرة، وكان ذلك في غزوة بدر، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لما نزل قوله تعالى: ﴿سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ جعلتُ أقول: أي جمع سيُهزم؟ حتى كان يوم بدر رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يُثَّبِتْ في الدرع وهو يقول: ﴿سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ فعرفتُ تأويلها يومئذ... فهل يمكننا مقارنة ذلك بما حدث في غزة؟!!
وها نحن اليوم نرى مدى حاجة الأمة إلى الوحدة وإلى الترابط وإلى حسن الإعداد وقبل كل ذلك اللجوء إلى الله تعالى، فيا أمة الإسلام اتحدي، ويا أبناء فلسطين توحدوا جميعًا أمام الأعداء الذين يمكرون بكم واعلموا أن الله خير الماكرين، وأنكم بالله منتصرون وأن الإسلام قادرٌ على مواجهة الظلم والطغيان، ولنعلم جميعًا أن نتيجة المواجهة محسومة سلفًا وقررها الله عز وجل في قوله: ﴿كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ﴾ (الرعد: 17)، وفي قوله: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ المَنصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغَالِبُونَ(173)﴾ (الصافات).
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل