مخنووووق

Posted by حسام خليل in

فتح النافذة البحرية المطلة على الحقول الخضراء بكل قوة ، وأطلق لعينيه العنان أملا في أن يفر منه العناء في المدى البعيد وينزوي وراء ما تقع عليه عينه من نخيل يقف متناثرا كالذكريات بحلوها ومرها فلا فرق بين هذا وذاك فكلها من وجهة نظره تُسقى بماء واحد ، واستقبل تيار الهواء بصدره وهو يأخذ نفسا عميقا مستجمعا كل ما به من هموم لتخرج مع الزفير الآتي ولكن دون جدوى ، لا يزال صدره ضيقا حرجا كأنما يصّعّد في السماء ، بالفعل نظر إلى السماء لعل فيها مخرجا فانقلب إليه البصر خاسئا وهو حسير ، فقد كان يتمنى أن تأخذ الشمس معها قبل أن تغيب شيئا من أثقاله الجاثمة فوق صدره ولكنها مرت من أمامه مرور الحسناء التي لا تلفت إلى أصوات من يغازلها ، ما زال يشعر أنه (مخنوق) اهتز هاتفه الصامت فوق المنضدة وخرج منه صوت الأنين وكأنه يشعر بما يشعر به صاحبه ، لم يهرول إلى هاتفه كالعادة ولكنه نظر إلى الشاشة باشمئزاز ، فإذا باسم حبه الجديد يتلألأ في ظلام غرفته ، لم ينبض قلبه ولم تمتد يده لكنه استدار وتركها كما تركته الشمس منذ قليل

عاد مرة أخرى وامتدت يده لا ليلتقط الهاتف ولكن ليأخذ علبة الدخان وأعواد الثقاب ، هم بالتدخين وهو يحاول أن ينسى ما ليس يذكره ، وقبل أن ترتفع (السيجارة) إلى فمه إذا به يسحقها تحت حذائه بعنف شديد ، وأمسك بالعلبة وقذفها بكل قوته وظل يشاهدها بشماتة وهي تهوي في مكان سحيق ، عاد صوت هاتفه المخنوق مرة أخرى يئن ويضئ ، نظر إليه من بعيد فوقعت عينه على (الريموت كنترول) سأل نفسه على الفور ، ربما ؟ نعم ربما ، جلس يبحث عن غايته أمام شاشة أكبر بكثير من شاشة هاتفه ، أخذ يقلب القنوات ويأخذ من كل بستان زهرة أو زهرتين ، لم يعد يستهويه ما كان يعشقه ، وفجأة توقفت أصابعه عن التحريك واستقرت الشاشة أمام استقرار نفسه وظل ينصت في ارتياح شديد ونظر فإذا بروحه تنطلق من النافذة وتطير حرة بلا قيود ، كالسجين الذي فتحت أمامه أبواب الحياة ورأى النور يملأ قلبه ويشرح صدره ، فرحة غامرة وكأنه (العقيم الوالد والظمآن الوارد والضال الواجد) ، قام ليغسل جسده كما اغتسلت روحه ، ثم خرج من بيته وهو يعرف أين يتجه ؟ سار في الطريق فرحا مسرورا لا يلفت انتباهه أي بريق ولا ينظر إلى ما كان يعجبه ويتتبعه وما إن وطئت قدمه اليمنى داخل المكان حتى شعر بالهدوء والسكينة وبالرغم أن المكان لم يكن فيه أحد من الناس إلا أنه شعر أن جمهورا يستقبله بفرحة غامرة وحفاوة بالغة وترحيب شديد ، أدى تحية تخص المكان ، شعر خلالها بزيادة اطمئنان ، ثم انزوى في ركن من الأركان ، ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ، لم ينتبه إلا على صوت المؤذن يلقي عليه السلام قبل أن يشرع بأذان فجر جديد



This entry was posted on الثلاثاء، 1 يونيو 2010 at 8:08 ص and is filed under . You can follow any responses to this entry through the comments feed .

6 ممكن رأيك لو سمحت

غير معرف  

رائع ما قرأت هنا شاعرنا \الفاضل حسام

تسلم الأيادى ,, دمت بكل أبداع وتفرد فى المعانى
بسمه

1 يونيو 2010 في 9:31 ص
شاعر سبيل  

شكرا لبسمة الورد هذا المرور العطر بعبير الورد

1 يونيو 2010 في 3:22 م

دائما ما يكون هناك صوت لفجر جديد يزيد من همتنا وعزمنا ويفك خنقنا .. سلمت الأنامل وتحية لك أخي في الله

1 يونيو 2010 في 4:13 م
غير معرف  

لابد لليل ان ينجلي .

اللهم اهدنا فيمن هديت .



احمد هلال

2 يونيو 2010 في 2:37 ص
شاعر سبيل  

شكرا لمرورك الذي أسعدني كثيرا يا أم الخلود

2 يونيو 2010 في 7:50 م
شاعر سبيل  

نعم أستاذ أحمد هلال
لا بد للفجر أن ينجلي
اللهم اهدنا إلى صراطك المستقيم

2 يونيو 2010 في 7:51 م

إرسال تعليق